نفط كردستان يعود إلى الحياة بالعراق… هل طوت بغداد وأربيل صفحة الصراع؟

بعد توقف دام أكثر من عام، عاد نفط كردستان العراق إلى الواجهة مجددًا، مع إعلان بغداد وأربيل التوصل إلى اتفاق مبدئي لاستئناف تصدير الخام، في خطوة وُصفت بأنها قد تمثل بداية طي صفحة من الخلافات الطويلة بين الطرفين حول إدارة الثروات وتقاسم الإيرادات.
لكن رغم الأجواء الإيجابية، لا تزال الشكوك تحوم حول قدرة الاتفاق على الصمود وسط عراقيل قانونية ومالية تهدد بتحويله إلى مجرد هدنة مؤقتة.

نفط أربيل يعود إلي بغداد

بحسب وسائل إعلام، فإن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه خلال اجتماعات مكثفة امتدت حتى الساعات الأولى من صباح الإثنين، ينص على أن يسلم إقليم كردستان يوميًا 280 ألف برميل إلى شركة تسويق النفط العراقية “سومو”، إضافة إلى 120 ألف برميل أخرى للاستهلاك المحلي.
وتضمن التفاهم كذلك موافقة مؤقتة من قبل الشركات النفطية العاملة في الإقليم على العمل وفق هذا الترتيب لمدة شهرين، مقابل الحصول على 16 دولارًا عن كل برميل، إلى حين تحديد التكلفة الفعلية للإنتاج من قبل شركة استشارية محايدة.

شركات نفط تلوّح بالانسحاب ما لم تُحل القضايا العالقة بين أربيل وبغداد

ورغم هذه الانفراجة، لم تُحلّ بعد أبرز المعضلات المرتبطة بالملف النفطي، وعلى رأسها العقود الموقّعة بين حكومة الإقليم وشركات النفط العالمية.

فقد حذّرت رابطة شركات النفط العاملة في كردستان “أبيكور” من أنها لن تستأنف التصدير فعليًا قبل تسوية المستحقات السابقة وتقديم ضمانات بشأن التزامات بغداد المستقبلية.

وأفادت مصادر مطلعة على المفاوضات أن هذه الشركات طالبت بحل ثلاث مسائل جوهرية تتعلق بالضمانات المالية وحقوق التعاقد وتكلفة الإنتاج، كشرط أساسي للالتزام على المدى الطويل.

أزمة متراكمة دفعت أربيل وبغداد إلى الطاولة

وفق تقارير فإن توقّف صادرات النفط عبر ميناء جيهان التركي منذ مارس 2023 تسبب في خسائر ضخمة للاقتصاد العراقي، بلغت ملايين الدولارات يوميًا، وانعكست بشكل مباشر على الأوضاع الداخلية، لا سيما في إقليم كردستان الذي عجز عن دفع رواتب موظفيه بسبب انقطاع الإيرادات.

وقد مارست هذه الأزمة ضغوطًا شعبية متزايدة على كل من بغداد وأربيل، ما دفع الطرفين إلى البحث عن تسوية سريعة ولو مؤقتة، في ظل حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي.

 بداية سلام اقتصادي أم مجرد هدنة مؤقتة؟

رغم الترحيب الواسع بالاتفاق المبدئي، إلا أن مراقبين يرون أن تسوية ملف النفط تحتاج إلى أكثر من اتفاق تقني أو مالي.
فالقضية ترتبط بجذور دستورية وسياسية معقدة تتعلق بتوزيع الثروات والسلطات بين المركز والإقليم، وتتطلب حلولًا دائمة عبر تشريعات واضحة ومُلزمة، تضمن العدالة والاستقرار لكلا الطرفين.

نجاح هذا الاتفاق، حتى ولو بشكل مؤقت، يبعث برسالة إيجابية للمواطن العراقي المثقل بالأزمات، كما يطمئن المجتمع الدولي إلى قدرة العراق على إدارة خلافاته عبر الحوار.
وقد يُسهم الاتفاق في تعزيز ثقة المستثمرين والشركات الأجنبية، ويدعم مسار الاستقرار في بلد يعاني من تناقضات داخلية وتحديات إقليمية.

العراق أمام اختبار جديد

وفق مراقبون يبدو أن “عودة الحياة” إلى نفط كردستان ليست مجرد قرار اقتصادي، بل خطوة سياسية حساسة في مسار طويل من الشد والجذب بين المركز والإقليم.

فهل تنجح بغداد وأربيل في البناء على هذه التسوية لفتح صفحة جديدة عنوانها الشراكة والعدالة في توزيع الثروات؟ أم تعود الخلافات لتخنق الآمال كما حدث مرارًا في الماضي؟

اقرأ أيضًا: لا تطبيع قبل التحرير.. هل ينجح الشرع في استعادة مرتفعات الجولان من إسرائيل؟

زر الذهاب إلى الأعلى