نقص مخزون السلاح الأمريكي.. هل تواجه مصانع واشنطن تهديدًا لترسانتها العسكرية؟

أعلنتْ وزارة الدفاع الأمريكية عن تجميد مؤقت لشحنات حاسمة من الذخائر والصواريخ الموجهة لأوكرانيا، بما في ذلك صواريخ منظومة باتريوت الدفاعية، وقذائف مدفعية موجهة، وصواريخ جو-جو لطائرات F-16.
وأرجعت البنتاجون القرار إلى “مستويات حرجة” من النقص في مخزونات الجيش الأمريكي.
المتحدثة باسم البيت الأبيض، آنا كيلي، وصفت القرار بأنه “أولوية للأمن القومي الأمريكي أولاً”، مؤكدة أن مراجعة داخل البنتاجون كشفت الحاجة إلى إعادة تقييم الدعم الخارجي لضمان الجاهزية العسكرية الأمريكية في مسارح عمليات محتملة أخرى، من المحيط الهادئ إلى الشرق الأوسط.
أمريكا تجمّد شحنات عسكرية إلى أوكرانيا بذريعة نقص المخزونات
يأتي القرار الأمريكي في وقت حساس تشهد فيه أوكرانيا أعنف موجات القصف الروسي منذ بداية الحرب، حيث أطلقت موسكو 477 طائرة مسيّرة و60 صاروخًا خلال أيام قليلة؛ مما فاقم الضغط على منظومات الدفاع الجوي الأوكرانية المعتَمدة بشكل كبير على الدعم الأمريكي.
وبحسب التقارير، يشمل التجميد عشرات صواريخ باتريوت الاعتراضية، وأكثر من 100 صاروخ هيلفاير، وآلاف قذائف المدفعية من عيار 155 ملم، ما قد يؤدي إلى ثغرات دفاعية حرجة ويحدّ من قدرة كييف على التصدي للهجمات الروسية المركبة.
ماذا يعني التوقف لطائرات F-16 الأوكرانية؟
رغم تسلم كييف بالفعل عددًا من مقاتلات F-16، فإن فعالية هذه الطائرات مرتبطة بشكل مباشر بتوافر ذخائر متطورة مثل صواريخ AIM-120 AMRAAM، وAGM-88 HARM المضادة للرادارات، وحزم JDAM لتحويل القنابل إلى ذخائر موجهة بدقة.
توقف هذه الإمدادات يعقّد قدرة أوكرانيا على فرض السيطرة الجوية أو استهداف الدفاعات الروسية بعُمق، ويعيدها جزئياً للاعتماد على الطائرات السوفيتية القديمة المُعدّلة، ما يُقيد عملياتها ويهدد بإجهاض الرهان على المقاتلات الغربية.
صناعة دفاعية متعثرة.. هل تستطيع أمريكا تلبية الطلب العالمي؟
يشير التجميد الأمريكي إلى مشكلة أعمق في القاعدة الصناعية الدفاعية الأمريكية، حيث لم تتمكن شركات كبرى مثل رايثيون ولوكهيد مارتن من زيادة الإنتاج بما يتناسب مع حجم الطلب، في ظل اختناقات سلسلة التوريد، ونقص المواد النادرة، وقدم خطوط الإنتاج.
ورغم استثمارات بمليارات الدولارات لرفع إنتاج قذائف المدفعية إلى 100 ألف قذيفة شهريًا بحلول نهاية 2025، إلا أن القدرات الروسية، المدعومة أيضًا بإمدادات من كوريا الشمالية، تتفوق في الكم والتنوع، ما يثير تساؤلات حول قدرة واشنطن على مواكبة منافسيها في صراعات طويلة الأمد.
أثر القرار على الناتو والشركاء الدوليين
قرار البنتاجون أثار قلقًا متزايدًا في أوساط حلف شمال الأطلسي، حيث تعتمد العديد من دول الحلف على القدرات الأمريكية لضمان استمرار الدعم العسكري لأوكرانيا.
وقد يُجبر الحلفاء الأوروبيين على سدّ الفجوة، رغم محدودية مخزوناتهم، ما يزيد الضغط على صناعاتهم الدفاعية المتعثرة أصلاً.
كما يُنذر القرار بتداعيات أوسع على مصداقية واشنطن أمام حلفائها، لا سيما في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، حيث تترقب تايوان والدول الآسيوية الأخرى مدى استمرارية الالتزام الأمريكي في مواجهة تنامي النفوذ الصيني.
قرار مؤقت أم بداية تراجع استراتيجي؟
رغم أن واشنطن تصف القرار بأنه “تجميد مؤقت”، إلا أن مراقبين يرونه مؤشراً على تغير في أولويات السياسة الدفاعية الأمريكية تحت إدارة ترامب، التي تركز على التفاوض لإنهاء الحرب بدلاً من تصعيدها عسكريًا.
القرار يسلط الضوء على التحدي الذي يواجه الصناعات العسكرية بالولايات المتحدة .. فكيف تدعم حلفاءها دون أن تُقوّض قدرتها على الاستجابة لأزمات عالمية محتملة؟
اقرأ أيضًا: باكستان تنفي رسميًا التعاقد على مقاتلات J-35 الصينية.. مناورة سياسية أم تراجع فعلي؟