نقطة تحول تاريخية.. 40 تريليون قدم مكعبة من الغاز قد تعيد دولة عربية للصدارة

في تطور يُعد الأضخم في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط خلال السنوات الأخيرة، كشفت تقديرات أولية عن احتمال وجود احتياطي ضخم من الغاز الطبيعي قبالة السواحل السورية يقدّر بـ40 تريليون قدم مكعب.

40 تريليون قدم مكعبة من الغاز.. اكتشاف يُغير قواعد اللعبة

ويشير التقرير، الذي أوردته “منصة الطاقة” ومقرها واشنطن، إلى فرصة استراتيجية لإعادة تموضع سوريا كلاعب رئيسي في معادلة الطاقة الإقليمية والعالمية.

هذا الكشف، إن تم تأكيده واستغلاله فعليا، قد يُحدث تحوّلا جذريا في مستقبل الاقتصاد السوري، ويعيد رسم موازين القوى في حوض شرق المتوسط، في وقت تسعى فيه دول المنطقة إلى تقليل اعتمادها على واردات الطاقة، وتعزيز أمنها الطاقي الذاتي.

40 تريليون قدم مكعبة من الغاز .. وعود دفينة في المياه السورية

يرى المهندس الخبير وائل حامد عبد المعطي، المتخصص في الغاز والهيدروجين لدى منظمة “أوابك”، أن حوض المشرق العربي يضم فرصا ضخمة لم تُستغل بعد، مشيراً إلى أن سوريا، رغم احتياطياتها المؤكدة التي تبلغ 15 تريليون قدم مكعب من الغاز البري، لم تبدأ بعد أي نشاط فعلي في استكشاف الموارد البحرية.

وبحسب عبد المعطي، تمتد المنطقة الاقتصادية البحرية الخالصة لسوريا على مساحة تقارب 10,000 كيلومتر مربع، داخل حوض المشرق الذي يحتوي على أكثر من 122 تريليون قدم مكعب من الغاز المكتشف في دول الجوار. مما يضع سوريا في موقع جيولوجي واستراتيجي فريد قد يسمح لها بالتحول إلى مصدر مهم للطاقة.

استثمار مشروط بالإصلاحات ورفع العقوبات

ورغم المؤشرات الواعدة، يؤكد عبد المعطي أن الطريق نحو استغلال هذه الثروة مرهون برفع العقوبات الدولية عن سوريا، وتهيئة بيئة استثمارية مستقرة وآمنة تسمح بدخول الشركات العالمية.

وفي الأجل القريب، حدد عبد المعطي ثلاث قنوات رئيسية لتأمين إمدادات الغاز المحلي: خط كلس–حلب من تركيا، خط الغاز العربي عبر الأردن، واستئجار محطة غاز مسال عائمة في أحد الموانئ السورية.

مشروع “الطاقة السورية الأمريكية”: رؤية لإعادة بناء القطاع

ويتزامن هذا التطور مع بدء تطبيق خطة سورية شاملة لإعادة بناء قطاع الطاقة على خمس مراحل، تمثلت في تأسيس شركة “الطاقة السورية الأمريكيةSyriUS Energy” بالشراكة مع جهات أمريكية.

وتهدف هذه المبادرة إلى تحويل سوريا إلى بيئة طاقة مستدامة، وتوفير الوقود والكهرباء بأسعار منصفة، وخلق فرص عمل، وجذب استثمارات تسهم في تمويل إعادة الإعمار.

وقد تم عرض هذه الخطة سابقا على كل من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، والرئيس السوري، أحمد الشرع، وهي تشمل تحديث مصفاتي حمص وبانياس، وإنشاء شبكة خطوط غاز حديثة، وعقود شراكة مع شركات عملاقة مثل شيفرون، إكسون موبيل، وكونوكو فيليبس، مع الحفاظ على التوازن بين السيادة الوطنية والاستثمار الأجنبي.

التحدي المالي: الحاجة إلى تمويل موثوق

ومن أبرز أركان الخطة إنشاء صندوق سيادي للطاقة يمتلك 30% من أسهم شركة SyriUS Energy المدرجة في البورصة الأمريكية، بالإضافة إلى رقمنة وزارة الطاقة وتفعيل أدوات الشفافية.

لكن يبقى التمويل أكبر العقبات، وفقًا لجوناثان باس، الرئيس التنفيذي لشركة Argent LNG، فإن تنفيذ هذه المشاريع يتطلب دخول بنوك دولية موثوقة لتأمين الاستثمارات، مؤكدا أن “الخبرات الفنية متوفرة، لكن دون تمويل طويل الأجل ومناخ قانوني مستقر، فإن أي تنفيذ حقيقي سيبقى معلقا”.

اقرأ أيضا.. بعد 30 عاما من الغياب.. البنك الدولي يعود إلى سوريا بمنحة تاريخية

مستقبل سوريا الطاقي: فرصة تاريخية

يُجمع الخبراء على أن استثمار هذا الاحتياطي الضخم قد يمثل نقطة تحول تاريخية لسوريا، ليس فقط على المستوى الاقتصادي، بل في دورها الجيوسياسي الإقليمي. لكن التحدي الأساسي يتمثل في نقل هذه الإمكانات من خانة التوقعات إلى واقع فعلي من خلال شراكات دولية، إصلاحات داخلية، وقيادة استراتيجية تتعامل بواقعية مع التحديات السياسية واللوجستية.

وفي حال تنفيذ هذه الخطة الطموحة ضمن رؤية متكاملة، قد تتحول دمشق إلى مركز طاقة إقليمي جديد، وتلعب دورا أساسيا في تأمين إمدادات الغاز للأسواق الأوروبية والآسيوية، بما يعزز من استقرارها الداخلي ومكانتها الخارجية.

زر الذهاب إلى الأعلى