نقطة تحول وخطوة استراتيجية نحو 5 مليارات دولار.. تفعيل الخط البحري بين السعودية والمغرب

في خضم التحضيرات الكبرى لاستضافة السعودية والمغرب لنهائيات كأسي العالم في 2030 و2034 على التوالي، تتجه العلاقات الاقتصادية بين البلدين نحو مرحلة جديدة من التكامل، تمثلت أبرز ملامحها في الاتفاق على تفعيل خط بحري مباشر بين البلدين لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل تدفق الاستثمارات.

وقد أعلن عن الخطوة عقب اجتماعات مكثفة في العاصمة المغربية الرباط، تأتي في إطار جهود متواصلة لإعادة التوازن إلى الميزان التجاري، وتوسيع آفاق التعاون بين قطاعي الأعمال في البلدين، خاصة في ظل طموحات تنموية كبرى تمثلها “رؤية 2030” في السعودية والمشاريع الضخمة التي يُطلقها المغرب استعداداً لكأس العالم 2030.

تفوق سعودي تجاري ودعوة إلى التوازن

وتشير الأرقام الرسمية إلى أن التبادل التجاري بين المغرب والسعودية بلغ نحو 26.4 مليار درهم مغربي (قرابة 3 مليارات دولار) في العام الماضي، بزيادة سنوية بلغت 7.3%.

إلا أن هذا الرقم يكشف عن اختلال واضح في الميزان التجاري، حيث تستحوذ الصادرات السعودية، أغلبها من المنتجات البترولية، على النصيب الأكبر (24.8 مليار درهم)، فيما لا تتجاوز صادرات المغرب 1.15 مليار درهم.

الخط البحري نقطة تحول حيوية

وفي هذا السياق، أكد حسن معجب الحويزي، رئيس اتحاد الغرف التجارية السعودية، أن الاتفاق على تفعيل خط بحري مباشر يعد بداية عملية لإعادة التوازن وتحقيق تكامل اقتصادي أعمق.

وأوضح في تصريح لـ”الشرق” أن الخط الجديد “سيمكن القطاع الخاص من لعب دور أكبر في تنشيط التجارة بين البلدين وفتح أسواق جديدة أمام منتجاتهما”.

والخط البحري الجديد، المزمع إطلاقه خلال الفترة المقبلة، من شأنه أن يُشكل نقطة تحول حيوية في العلاقة الاقتصادية بين البلدين.

ووفقا لتصريحات رياض مزور، فإن هذا الخط يمكن أن يدفع التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار خلال سنوات قليلة، وهو هدف مشترك يعكس الرغبة السياسية والاقتصادية في بناء شراكة حقيقية بين قوتين اقتصاديتين في العالم العربي.

استثمار مشترك وصندوق لدعم الشركات الصغيرة

وخلُصت المحادثات بين وفد اتحاد الغرف التجارية السعودية وأربعة وزراء مغاربة، إلى توافق على تسريع إنشاء صندوق استثماري مشترك، يهدف إلى دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتمكينها من دخول الأسواق السعودية والمغربية، عبر آليات تمويل يشارك فيها بنوك محلية وإقليمية.

وشدد الحويزي على أن هذا الصندوق سيكون أداة فعالة لتعزيز الشراكة الاقتصادية، إلى جانب الدعم الحكومي المشترك الذي أبداه الجانبان.

استثمارات سعودية بقيمة 6 مليارات دولار في المغرب

وبحسب البيانات الرسمية، تُقدر الاستثمارات السعودية في المغرب بنحو 6 مليارات دولار، تتركز في قطاعات الطاقة المتجددة والسياحة والرعاية الصحية والنسيج، فيما تُعد “أكوا باور” الشركة السعودية الأكبر حضورا في السوق المغربي، بتشغيلها أكبر مشروع للطاقة الشمسية في البلاد.

وأكد وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور، أن بلاده منخرطة في مشاريع بنيوية كبرى استعداداً لاستضافة كأس العالم 2030، مما يشكل فرصا ذهبية للمستثمرين السعوديين في مجالات الصناعة والبنية التحتية والتجارة.

الأمن الغذائي وتحلية المياه على طاولة التعاون

وقد أبدى الوفد السعودي اهتماما خاصا بقطاع الصناعة الغذائية، في ظل مساعي المملكة لتحقيق الأمن الغذائي. وتم بحث فرص استثمارية واعدة في مجالات الزراعة، وتحلية مياه البحر، والطاقة المتجددة، إلى جانب مطالبة الاتحاد السعودي بإعفاءات جمركية على صادرات التمور، التي تعرف طلبا كبيرا في السوق المغربية.

اقرأ أيضا.. ترامب يكشف عن مقترح لوقف إطلاق النار في غزة  

التبادل التجاري: طموحات تتجاوز الأرقام الحالية

وأشار وليد الرعينان، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية السعودية، إلى أن “أرقام التجارة بين البلدين لا ترقى للطموحات”، داعيا إلى ضرورة استغلال الطاقات والإمكانات المتاحة في البلدين، خصوصا في ظل الأحداث الكبرى المقبلة مثل “إكسبو 2030” وكأسي العالم.

ومن جهة أخرى، بدأت بعض الشركات المغربية فعليا في التوسع داخل السوق السعودية، مثل شركة “أكديطال” المتخصصة في الرعاية الصحية، التي تعتزم افتتاح مستشفى في الرياض، إضافة إلى شركة “TGCC” التي دشّنت فرعا في السعودية لتنفيذ مشاريع بالشراكة مع “مجموعة نايف الراجحي الاستثمارية”.

زر الذهاب إلى الأعلى