هجوم أوكراني جريء على كورسك ينتهي بحصار آلاف الجنود داخل روسيا

تشهد القوات الأوكرانية التي شاركت في الهجوم الأوكراني الصيفي على الأراضي الروسية في أغسطس 2023 وضعاً مأساوياً؛ حيث أُحيط الآلاف من جنودها من جميع الجهات داخل الأراضي الروسية. وقد دخل هؤلاء الجنود إلى منطقة كورسك في هجوم جريء وصف بأنه الأكبر من نوعه على الأراضي الروسية منذ عام 1943، أي منذ تلك المعارك التاريخية في الحرب العالمية الثانية. إلا أن العملية انتهت بانتصار للجيش الروسي، مما ترك الكثير من الأوكرانيين محاصرين في مواقع تكتيكية حرجة.

أهداف الهجوم الأوكراني والتحديات التي واجهته

اتخذت أوكرانيا هذا المسار المخاطِر بهدف نقل معركة الحرب إلى عمق الأراضي الروسية وإدخال الصراع إلى صفوف الشعب الروسي. كانت الخطة تستند إلى رغبة أوكرانيا في الحصول على ورقة تفاوضية قوية خلال محادثات السلام المستقبلية مع بوتين. في البداية، حقق الجنود بعض النجاحات الميدانية بفضل دعم استخباراتي أمريكي وصور الأقمار الصناعية التي مكّنتهم من تحديد مواقع القوات الروسية بدقة واستخدام المسيرات لضرب تلك المراكز.

القوات العسكرية الأوكرانية

تراجع الدعم الأمريكي والسياسات الأمريكية

ساهم تراجع الدعم الأمريكي في تفاقم الوضع الميداني للأوكرانيين، إذ اتخذت إدارة ترامب قراراً حاسماً بمنع تزويد أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية بالإضافة إلى وقف التعاون المعلوماتي والاستخباراتي الحيوي. هذا التراجع في الدعم شمل حظر تبادل الصور والأقمار الصناعية والبيانات الاستخباراتية، مما ترك القوات الأوكرانية عاجزة عن الحصول على المعلومات اللازمة لتحديد مواقع العدو والتخطيط لعملياتها الدفاعية والهجومية بشكل فعّال.

انقطاع خطوط الإمداد وتأثيره على القدرات الدفاعية

أظهرت البيانات المستقاة من الخرائط المفتوحة المصدر أن الجيش الروسي تمكن من قطع خطوط الإمداد الحيوية التي كانت تمد القوات الأوكرانية بالمؤن والذخائر والدعم اللوجستي. ويعزى ذلك إلى انخفاض الدعم الأمريكي بالإضافة إلى السياسات الأمريكية التي منعت تبادل المعلومات الاستخباراتية مع الجيش الأوكراني، مما جعل القوات عمياء في ساحة المعركة وسهل على القوات الروسية إحاطتهم وتفكيك تشكيلة الدفاع الأوكرانية.

صورة توضيحية تظهر محاصرة القوات الأوكرانية من جميع الاتجاهات وقطع خطوط الإمداد عنها

الخيار الحرج ومستقبل المعركة

أصبح أمام الجنود الأوكرانيين خياران صعبان: الانسحاب تحت وطأة قصف جوي مكثف أو الثبات في مواقعهم مع خطر الوقوع في الأسر. اتخاذ أي من هذين الخيارين قد يؤدي إلى خسائر فادحة، مما ينعكس سلباً على الجهود العسكرية الأوكرانية وقد يؤدي إلى تغيير معالم الصراع لصالح القوات الروسية.

اقرأ أيضا: امريكا تمنع تزويد الجيش الأوكراني بصور الاقمار الصناعيه تداعيات تهدد الجيش الأوكراني

التداعيات الاستراتيجية على المشهد الأوروبي

تُبرز هذه الأحداث ضعف الاستثمارات الأوروبية في قدراتها الدفاعية واعتمادها الكبير على الدعم الأمريكي، الذي تراجعت آفاقه في ظل السياسات الأمريكية الحالية. فبينما كانت أوروبا تثق في التدخل الأمريكي لتأمين مجاري الإمداد والمعلومات الاستخباراتية، فإن هذا التراجع ترك القوات الأوكرانية مكشوفة أمام الضغوط الروسية. يُعد هذا الوضع تحدياً استراتيجياً واسع النطاق يشير إلى ضرورة إعادة النظر في سياسات الأمن والدفاع لدى الدول الأوروبية لضمان عدم تكرار مثل هذه المواقف الحرجة في المستقبل.

زر الذهاب إلى الأعلى