هجوم اليونيفيل.. هل يسعى حزب الله لاستعادة نفوذه المفقود في لبنان؟

أعلنت السلطات الأمنية في لبنان، السبت، توقيف 25 شخصا لدى مخابرات الجيش وشخص آخر لدى شعبة المعلومات، على خلفية الاعتداء الذي استهدف موكب قوة الأمم المتحدة المؤقتة “اليونيفيل” بالقرب من مطار بيروت الدولي.
وأسفر الهجوم، الذي وقع الجمعة، عن إصابة ضابطين، أحدهما نائب قائد القوات الدولية، في تصعيد خطير يعكس توتراً متزايداً بين بعض الأطراف اللبنانية والقوات الأممية.
تحقيقات رسمية وإجراءات مشددة
وصف وزير الداخلية اللبناني، أحمد الحجار، الاعتداء بأنه “جريمة”، مؤكداً استمرار التحقيقات لكشف هوية الفاعلين الفعليين.
وأوضح، عقب اجتماع طارئ لمجلس الأمن المركزي في وزارة الداخلية، أن السلطات الأمنية تتعامل بجدية مع القضية، مشددًا على أن التعديات وقطع الطرق غير مقبولة بأي شكل من الأشكال.
كما أصدر أوامر صارمة للجيش وقوى الأمن باتخاذ إجراءات ميدانية لضمان الأمن وحماية المواطنين.
موقف حكومة لبنان
من جانبه، أكد رئيس الوزراء، نواف سلام، خلال لقائه الحجار قبل الاجتماع الأمني، على ضرورة عدم التساهل في فرض الأمن، وضمان سلامة المرافق العامة، وتأمين حركة المسافرين عبر المطار، ومنع أي محاولات لإغلاق الطرق أو الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة.
إدانة رئاسية
أدان الرئيس اللبناني، جوزاف عون، الهجوم على موكب اليونيفيل، متعهداً بمحاسبة المسؤولين عن الاعتداء.
وأكد في بيان نشرته الرئاسة اللبنانية أن “المعتدين سينالون عقابهم”، مشدداً على أن القوى الأمنية لن تتهاون مع أي جهة تحاول زعزعة الاستقرار والسلم الأهلي.
كما اطمأن على حالة نائب قائد القوة الأممية الذي أصيب خلال الهجوم، ووجّه الجيش والقوى الأمنية بفتح الطرق، ووقف أعمال الشغب، وملاحقة المخلّين بالأمن وإحالتهم إلى القضاء.
ما علاقة إيران بأحداث لبنان؟
تزامن الهجوم مع احتجاجات نظمها عشرات من مناصري حزب الله، الذين قاموا بقطع الطريق الرئيسي المؤدي إلى مطار بيروت لليلة الثانية على التوالي.
وجاءت هذه التحركات عقب رفض السلطات اللبنانية استقبال رحلتين مجدولتين لطائرتين إيرانيتين، ما أثار غضب أنصار الحزب وأدى إلى اندلاع احتجاجات تخللتها أعمال شغب وتعديات على الممتلكات العامة.
ويرى مراقبون أن الاعتداء على موكب اليونيفيل قد يكون رسالة موجهة من بعض الأطراف الموالية لإيران في لبنان، في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة بين طهران وإسرائيل، والتي انعكست على الوضع الداخلي اللبناني.
ويعتقد أنصار هذه الفرضية أن الهدف من الاعتداء هو الضغط على الحكومة اللبنانية وإيصال رسالة تحذيرية للأمم المتحدة، خاصة أن قوات اليونيفيل تلعب دورا أساسيا في تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701، الذي يفرض قيودا على تحركات الجماعات المسلحة جنوب لبنان.
هل تورط حزب الله ؟
في حين لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم، تشير أصابع الاتهام إلى عناصر موالية لحزب الله، خاصة في ظل الاحتجاجات التي شهدها محيط المطار، والتي نظمها مناصرون للحزب اعتراضا على منع الطائرات الإيرانية من الهبوط.
ويعتبر بعض المحللين أن هذا التصعيد يأتي في سياق أوسع من التوترات بين حزب الله والقوات الدولية، حيث سبق أن تعرضت اليونيفيل في عدة مناسبات لمضايقات واعتداءات في المناطق الخاضعة لنفوذ الحزب، خصوصا في الجنوب اللبناني.
وبحسب تقارير أمنية، فإن مجموعات من الشبان قامت بمهاجمة الموكب الأممي باستخدام العصي والحجارة، قبل أن يتم إحراق إحدى المركبات التابعة لليونيفيل.
وتضيف المصادر أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن بعض الموقوفين لديهم ارتباطات بجهات معروفة بمعارضتها لدور القوات الدولية في لبنان، مما يعزز الشكوك حول وجود جهة منظمة تقف وراء الاعتداء.
اليونيفيل تطالب بتحقيق دولي في هجوم لبنان
طالبت قوة اليونيفيل بإجراء تحقيق شامل بعد الهجوم، خصوصًا بعد إضرام النار في إحدى مركباتها وإصابة نائب قائد القوة المنتهية ولايته، تشوك بهادور داكال، الذي كان في طريقه إلى بلاده.
وأكدت القوة الأممية أن مثل هذه الهجمات تشكل تهديدًا لبعثاتها في لبنان، داعية الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ تدابير لضمان سلامة أفرادها ومنشآتها.
استمرار التوتر وتحذيرات أمنية
يأتي هذا الاعتداء وسط مخاوف من تصاعد التوترات الأمنية في لبنان، خاصة في ظل الاحتقان السياسي والاقتصادي الذي تعيشه البلاد.
ومع تزايد المخاوف من الانزلاق نحو اضطرابات أكبر، تؤكد السلطات عزمها على التصدي لأي محاولات لزعزعة الاستقرار، مع استمرار التحقيقات لتحديد الجهة المسؤولة عن الهجوم ومحاسبتها وفق القانون.
اقرأ أيضا
سجن صيدنايا يتحول إلى سوق شعبي.. ماذا يحدث في سوريا؟