هدم وعزل وتهجير.. ماذا تفعل إسرائيل في جنوب سوريا ؟

في تطور ميداني يُنذر بتغييرات جيوسياسية خطيرة، بدأت القوات الإسرائيلية تنفيذ خطوات عملية لعزل القرى والبلدات جنوب سوريا الواقعة ضمن ما يُعرف بـ”المنطقة العازلة” في الجنوب السوري، عبر إقامة سواتر ترابية وقطع الطرق الحيوية.
وتأتي هذه الخطوة وسط تصاعد عمليات الهدم والتهجير، في وقت تشير فيه المعطيات الميدانية إلى سعي إسرائيلي حثيث لإعادة رسم حدودها مع سوريا بعد سقوط النظام السابق.
إسرائيل تفصل جنوب سوريا عن امتداده الجغرافي
بحسب تقارير صحفية، أكدت مصادر ميدانية سورية أن الجيش الإسرائيلي بدأ، خلال الأيام الثلاثة الماضية، تنفيذ عمليات فصل جغرافي للمنطقة التي احتلها في الجنوب السوري.
وشملت العمليات إقامة سواتر ترابية عالية وقطع الطرق الرابطة بين القرى الواقعة داخل المنطقة العازلة، وتلك الممتدة في العمق السوري.
التحركات الإسرائيلية، التي تُنفذ على نطاق واسع، تشير بوضوح إلى رغبة في فرض حدود ميدانية جديدة بعيدًا عن أطر التفاوض أو الاتفاقات الدولية السابقة، وتثبيت واقع جديد يعزز من حضورها العسكري والسياسي في المنطقة.
إسرائيل تبدأ تهجير متسارع للسكان جنوب سوريا
منذ ديسمبر الماضي، عقب انهيار نظام بشار الأسد، أحكمت إسرائيل قبضتها على مناطق واسعة في الجنوب السوري. ومع هذا التقدم، بدأت الممارسات القمعية تتصاعد داخل القرى المحتلة، وهو ما دفع أعدادًا متزايدة من المدنيين للنزوح خوفًا من حملات الاعتقال أو المداهمات التي تُنفذ بشكل متكرر تحت ذريعة “البحث عن أسلحة أو خلايا إرهابية”، بحسب الرواية الإسرائيلية.
العديد من السكان اضطروا لمغادرة منازلهم والانتقال إلى مناطق أبعد داخل الأراضي السورية، في ظل حالة من الغموض والقلق تكتنف مصير المناطق التي أصبحت خارج السيطرة السورية.
13 قاعدة عسكرية إسرائيلية في سوريا
في إطار تكريس وجودها على الأرض، أنشأ الجيش الإسرائيلي منذ ديسمبر وحتى مطلع يوليو الجاري نحو 13 قاعدة عسكرية داخل الأراضي السورية التي سيطر عليها.
وتشمل هذه القواعد نقاط مراقبة، مراكز تحكم، ومستودعات لوجستية، ما يعكس بوضوح نية تل أبيب على الاستمرار في هذه المناطق دون نية للانسحاب.
أحدث هذه القواعد تقع في “تل أحمر الشرقي” قرب بلدة كودنا بريف القنيطرة، حيث تشير تقارير إلى أن وتيرة البناء تسير بشكل متسارع، في خطوة تؤكد أن القاعدة ستكون مركز دعم لوجستي متقدم يخدم بقية المواقع العسكرية الإسرائيلية جنوب سوريا.
تغيير ديموغرافي
وفق تقارير لا تكتفي إسرائيل بعزل القرى وقطع الطرق، بل تلجأ أيضًا إلى هدم المنازل القريبة من مواقعها العسكرية، بذريعة الدواعي الأمنية.
وتشير المعلومات إلى أن آخر عملية هدم واسعة جرت في منتصف يونيو الماضي، واستهدفت 16 منزلًا في بلدة الحميدية بريف القنيطرة، ما أدى إلى نزوح جماعي جديد لسكان المنطقة.
تكرار هذه العمليات يهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي تدريجي يضمن لإسرائيل مساحة خالية من السكان في محيط قواعدها، ويُضعف أي مقاومة شعبية أو محلية محتملة.
إسرائيل تُلمّح بتغيير الحدود
تأتي هذه الإجراءات ضمن سلسلة خطوات متكاملة تسعى إسرائيل من خلالها إلى فرض أمر واقع جديد، يتجاوز الخطوط المتفق عليها في اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974، والتي كانت تُعد الأساس القانوني والسياسي للتهدئة بين سوريا وإسرائيل لعقود.
الخطوات المتسارعة لإقامة بنى تحتية عسكرية وتفكيك الصلات الجغرافية بين القرى السورية تُمثل مؤشرًا واضحًا على أن إسرائيل تتجه نحو ترسيم فعلي لحدود جديدة على الأرض، بعيدًا عن أي مفاوضات مستقبلية أو تدخلات دولية.
تخوفات من تقسيم جديد
رغم خطورة التحركات الإسرائيلية، فإن المشهد الدولي يبدو صامتًا، دون أي موقف حازم من القوى الفاعلة. وفي ظل الغياب شبه الكامل لأي حضور سوري رسمي في الجنوب، تُواصل إسرائيل تمددها بهدوء، مستفيدة من هشاشة المشهد الأمني والسياسي الذي أعقب سقوط النظام.
ويخشى مراقبون من أن استمرار هذه السياسة قد يُمهّد لتقسيم فعلي للجنوب السوري، أو على الأقل فرض حدود سياسية جديدة ترعاها القوة العسكرية الإسرائيلية، على غرار ما حدث في مناطق أخرى من العالم في ظل صمت المجتمع الدولي.
اقرا أيضا.. مراسم إحياء عاشوراء تثير غضب الحكومة في لبنان.. ما علاقة سلاح حزب الله؟