هل تشتري مصر مقاتلات J-10 من الصين؟ صفقة محتملة تغير موازين القوى في المنطقة

تزايدت في الآونة الأخيرة التساؤلات حول ما إذا كانت مصر ستقدم على خطوة جديدة نحو تنويع مصادر تسليحها من خلال التعاقد على مقاتلات J-10 من الصين.
هذه المقاتلة، التي تُعتبر من أبرز إصدارات صناعة الطيران الحربي في بكين، قد تشكل نقلة نوعية إذا دخلت الخدمة في القوات الجوية المصرية، لكن هل تحتاج مصر فعلاً إلى هذه الطائرة؟ وهل تمثل قيمة مضافة لقدراتها العسكرية؟ وما الذي يدفع القاهرة لتعزيز تعاونها العسكري مع الصين في ظل تصاعد التنافس الصيني الأمريكي في الشرق الأوسط؟
ما موقع J-10 ضمن تركيبة سلاح الجو المصري؟
القوات الجوية المصرية تُعد من الأقوى في المنطقة، وتضم تشكيلة متنوعة من المقاتلات منها:
F-16 الأمريكية: العمود الفقري لسلاح الجو منذ الثمانينيات.

رافال الفرنسية: من أحدث الصفقات، وتوفر قدرات هجومية متقدمة.

ميغ-29 الروسية: دخلت الخدمة مؤخرًا ضمن توجه نحو الشرق.

المقاتلة الصينية J-10C تصنف كمقاتلة من الجيل 4++، وهي مزودة برادار AESA وصواريخ PL-15 بعيدة المدى، وقدرات حرب إلكترونية متقدمة، الميزة الأبرز لها هي التكلفة المنخفضة مقارنةً بنظيراتها الغربية، مما يسمح بشراء عدد كبير منها بدون استنزاف الميزانية العسكرية.
لكن إدخال J-10 يتطلب تدريبًا متقدمًا وتحديثات في منظومة القيادة والسيطرة لدمجها مع المنظومات الغربية والروسية الحالية، وهو ما قد يمثل تحديًا في البداية، لكنه ليس مستحيلاً بالنسبة لقوات تتمتع بخبرة تكاملية مثل القوات الجوية المصرية.
تنويع مصادر التسليح: استراتيجية راسخة لمواجهة التهديدات
منذ عقود، حرصت مصر على تنويع مصادر تسليحها لتفادي الاعتماد الكامل على أي دولة واحدة، خاصة بعد تجربة حظر السلاح الأمريكي في الثمانينات. هذا التوجه تعزز خلال العقد الماضي، حيث شملت صفقات مصر:
الطائرات الفرنسية (رافال).
الطائرات الروسية (ميغ).
الطائرات بدون طيار من الصين.
أنظمة دفاع جوي من روسيا وألمانيا.
إذاً، التوجه نحو الصين لا يُعد جديدًا بل جزءًا من استراتيجية محسوبة تسعى للحفاظ على استقلالية القرار العسكري المصري.
صفقات مصر العسكرية الأخيرة: تعزيز الردع وتحديث التسليح
في السنوات الأخيرة، وقّعت مصر عددًا من الصفقات المهمة، منها:
30 طائرة رافال إضافية من فرنسا بقيمة تتجاوز 4 مليارات يورو.
مروحيات “كا-52” الروسية والتي تُستخدم أيضًا في حاملة المروحيات “الميسترال”.
أنظمة الدفاع الجوي.
صفقات ذخائر ذكية وصواريخ من ألمانيا وإيطاليا.
كل هذه الصفقات تشير إلى توجه مصري لتحديث قواتها المسلحة بمزيج من التكنولوجيا الغربية والشرقية، مع مراعاة التطور النوعي لا الكمي فقط.
الصين ومصر: تعاون عسكري يتنامى بهدوء
منذ عام 2015، بدأت الصين تقدم نفسها كشريك عسكري موثوق للقاهرة، وشهد التعاون خطوات فعلية مثل:
تزويد مصر بطائرات بدون طيار من طراز “وينغ لونغ”.
تبادل زيارات عسكرية رفيعة المستوى.
إجراء تدريبات بحرية مشتركة في البحر الأحمر.
مباحثات حول إقامة مصانع تجميع للذخائر الصينية في مصر.
الصين ترى في مصر حليفًا محوريًا في شمال إفريقيا وشرق المتوسط، ونافذة نحو السوق الإفريقية، خصوصًا أن الجيش المصري يتمتع بسمعة جيدة من حيث التدريب والانضباط.

الصين تبحث عن موطئ قدم عسكري في الشرق الأوسط
في ظل الانسحاب النسبي للولايات المتحدة من المنطقة، تسعى الصين لتعزيز وجودها، ويأتي ذلك من خلال:
توقيع اتفاقيات تعاون دفاعي مع إيران والسعودية والإمارات.
استثمارها في مشاريع البنية التحتية الحساسة، مثل الموانئ.
إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، أول تواجد عسكري صيني خارج آسيا.
بالنسبة لبكين، فإن بيع طائرات J-10 لمصر لن يكون مجرد صفقة سلاح، بل بوابة لتكريس حضورها العسكري في منطقة طالما كانت محسوبة على النفوذ الأمريكي.

الصراع الصيني الأمريكي في الشرق الأوسط: مصر على خط التوازن
الولايات المتحدة تراقب عن كثب كل خطوة تتخذها مصر في اتجاه الصين أو روسيا، والقاهرة تبدي حرصًا على الموازنة بين العلاقات مع واشنطن وبكين.
البيت الأبيض يدرك أهمية مصر كحليف إقليمي، لذا يحاول الحفاظ على الشراكة دون فرض ضغوط تؤدي إلى توتر العلاقات. في المقابل، تعرض الصين تقنيات عسكرية جيدة بأسعار أقل وبدون شروط سياسية صارمة، وهو ما يغري كثيرًا من دول الشرق الأوسط.
حتى اللحظة، لا توجد تأكيدات رسمية بشأن صفقة J-10 بين مصر والصين، لكن كافة المؤشرات تقول إن التفاهمات جارية، وقد نشهد إعلانًا رسميًا قريبًا. في حال تمت الصفقة، فإنها ستشكل نقطة تحول في موازين القوى الجوية في المنطقة، وتكرّس موقع الصين كلاعب عسكري رئيسي في الشرق الأوسط.
ويبقى السؤال الأهم: هل ستقف واشنطن مكتوفة الأيدي أمام هذا التقارب العسكري الصيني المصري؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.
اقرأ أيضاً: دول تعارض الصفقة.. هل تدخل طائرة يوروفايتر تايفون المقاتلة إلى مصر؟