هل يستطيع ترامب التوسط في عملية سلام بالشرق الأوسط؟.. السعودية هي المفتاح
القاهرة (خاص عن مصر)- بعد عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تلوح في الأفق أسئلة حول نهجه في التعامل مع الشرق الأوسط، فقد اتسمت ولايته الأولى بالتناقضات ــ الترويج لاتفاقيات إبراهيم في حين تفكيك الجهود الدبلوماسية التي تستهدف الفلسطينيين في الوقت نفسه.
وبحسب تحليل جو آن مورت للجارديان، كانت سياساته، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وإغلاق القنصلية الأمريكية التي تخدم الفلسطينيين، سبباً في تهميش التطلعات الفلسطينية لإقامة دولة.
والآن، ومع تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة بعد السابع من أكتوبر، يظل السؤال مطروحاً: هل يستطيع ترامب الاستفادة من غرائزه في عقد الصفقات لتحقيق السلام في الشرق الأوسط؟
الميول الانعزالية في مقابل التحديات الجيوسياسية
يتعارض موقف ترامب القائم على مبدأ أمريكا أولاً مع عدم الاستقرار المستمر في المنطقة، ففي حين يفضل الصفقات المالية على التشابكات العسكرية، فإن تصرفات إدارته السابقة ــ مثل دعم التوسع الاستيطاني الإسرائيلي وتهميش القيادة الفلسطينية ــ جعلت مفاوضات السلام أكثر صعوبة.
لكن مع تراجع نفوذ إيران بسبب النكسات في لبنان وسوريا وغزة، قد يرى ترامب فرصة لإعادة تشكيل المشاركة الأمريكية دون تعميق الالتزامات العسكرية، ويتلخص التحدي في كيفية احتواء إيران دون إشعال فتيل المزيد من الفوضى.
التعيينات الرئيسية.. عائق أم أمل؟
قد تؤثر اختيارات ترامب للموظفين بشكل كبير على سياسته في الشرق الأوسط، وكان ترشيحه لمايك هاكابي سفيرا للولايات المتحدة في إسرائيل مثيرا للجدل بشكل خاص، ويرفض هاكابي، وهو مسيحي إنجيلي ومؤيد قوي للمستوطنات الإسرائيلية، فكرة الدولة الفلسطينية ويتحالف مع حكومة نتنياهو اليمينية.
يشير هذا التعيين إلى تحول بعيدا عن المشاركة الدبلوماسية نحو موقف أيديولوجي من شأنه أن يعيق جهود السلام.
على نحو مماثل، يعزز ماركو روبيو كوزير للخارجية ومايك والتز كرئيس لمجلس الأمن القومي توجه ترامب المؤيد لنتنياهو، ويبدو أن الإدارة تركز أكثر على الولاء من تعزيز الحلول المستقلة والإبداعية للصراعات في الشرق الأوسط.
إن غياب البراجماتية الدبلوماسية يثير المخاوف بشأن قدرة الإدارة على التوسط في التوصل إلى اتفاق سلام مستدام.
اقرأ أيضا.. تعاون قوي لمايكروسوفت مع الجيش الإسرائيلي خلال الحرب في غزة
المملكة العربية السعودية.. الوسيط القوي
على الرغم من تقارب ترامب مع إسرائيل، فإن المفتاح الحقيقي للسلام في الشرق الأوسط قد يكمن في المملكة العربية السعودية.
يشير نهج ترامب السابق – إعطاء الأولوية للمصالح المالية على الدبلوماسية – إلى أن أي مبادرة سلام جديدة ستعتمد على الحوافز الاقتصادية بدلاً من التنازلات السياسية.
إن التزام المملكة العربية السعودية بمبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي تربط التطبيع مع إسرائيل بالدولة الفلسطينية، قد يجبر ترامب على اتخاذ موقف حيث يتعين عليه التعامل مع القضية الفلسطينية بدلاً من تجاهلها.
إن العلاقات المالية العميقة بين جاريد كوشنر والمستثمرين السعوديين ودور ستيف ويتكوف في مفاوضات الرهائن تؤكد بشكل أكبر على نفوذ دول الخليج على سياسة ترامب.
إذا أصرت المملكة العربية السعودية على الدولة الفلسطينية كشرط للتطبيع، فقد لا يكون أمام ترامب خيار سوى تلبية التطلعات الفلسطينية، حتى ولو بشكل رمزي فقط.
اتفاقيات إبراهيم: الأعمال التجارية على السلام
كان الإنجاز الأبرز الذي حققه ترامب في السياسة الخارجية ــ اتفاقيات إبراهيم ــ أقل ارتباطا بحل الصراعات وأكثر ارتباطا بالتكامل الاقتصادي.
في حين عززت الاتفاقيات علاقات إسرائيل مع دول الخليج، فإنها تجاوزت إلى حد كبير القضية الفلسطينية، وتركت القضايا الأساسية دون حل. ومع ذلك، إذا بنى ترامب على هذه الاتفاقيات لدمج قادة الأعمال السعوديين والفلسطينيين في المشاريع الاقتصادية الإقليمية، فقد يخلق مسارا للحوار السياسي.