هل يقترب الجنيه المصري من تعويم جديد أمام الدولار؟
تداولت بعض المواقع الإلكترونية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي أنباء تفيد باقتراب البنك المركزي المصري من اتخاذ قرار بتعويم جديد لـ الجنيه المصري متوقعين أن يصل سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري إلى ما بين 65 إلى 80 جنيها.
اقرأ أيضا: وكالة فيتش: القطاع المصرفي في مصر شهد تحسنًا ملحوظًا بعد تعويم الجنيه
وأكدت مصادر لـ”خاص عن مصر” أنه لا صحة لهذا الكلام على الإطلاق، وما يتردد عن تعويم الجنيه مجرد كلام غير مدروس ولا يخرج عن كونه “ترهات سوشيال ميديا” من أناس غير متخصصين بالمرة.
سياسة تحرير سعر الصرف
وأشارت المصادر إلى أن البنك المركزي المصري يتبع بالفعل سياسة مرنة في سعر الصرف حيث أن الجنيه المصري غير مقيد بسعر ثابت أمام سلة من العملات، والدال على ذلك أن سعر العملات يتغير بشكل يومي على شاشات البنوك والموقع الرسمي للبنك المركزي المصري ويعتمد ذلك على التدفقات الدولارية ومؤشر الجنيه أمام سلة من العملات المعتمدة.
وقال خبراء إن الاقتصاد المصري بدأ في التعافي بشدة وذلك بعد القرارات الأخيرة في مارس الماضي مؤكدين أن الحكومة ومؤسسات الدولة الاقتصادية باتت مقتنعة تماما أن الاقتصاد القوي يقود إلى عملة مستقرة وليس العكس.
وأوضحوا أن الاقتصاد المصري حاليا يشهد سيل من التدفقات الدولارية نتيجة اتفاقيات الاستثمار المباشر التي توقعها مؤسسات الدولة منذ مارس الماضي والتي بدأت باتفاقية تطوير منطقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار، وتقترب حصيلة الاستثمارات حتى الآن من 70 إلى 80 مليار دولار.
الأموال الساخنة
وتابعوا: يأتي ذلك بجانب الأموال الساخنة التي يضخها المستثمرون الأجانب في أدوات الدين المصري، التي تتطلب مزيدا من التنظيم وفرض الضرائب حتى لا يؤدي خروجها فجأة إلى خلل في سعر الصرف كما حدث في 2022.
وشدد خبراء الاقتصاد على أنه يجب زيادة الإنتاج والتشغيل والتصدير وأن يستمر العمل على تيسير الإجراءات أمام المستثمرين الأجانب والإعلان عن المزيد من الحوافز الضريبية وغيرها لضمان استدامة التدفقات الدولارية، مشيرين إلى ضرورة توسيع توقيع اتفاقيات تبادل العملات مع الدول المتعاونة كما حدث مع الصين والإمارات حيث أن ذلك يقلل الاعتماد على الدولار.
جدير بالذكر أنه هبط الجنيه المصري بنسبة 55% يوم 6 مارس 2024 إلى أدنى مستوى رسمي له عند 48 جنيها مقابل الدولار الأمريكي وذلك بعد قرار البنك المركزي المصري بالسماح بتحديد سعر الصرف وفقا لقوى العرض والطلب بالسوق.
وجاء الانخفاض بعد أشهر من التكهنات وبعد ثبات سعر الجنيه أمام الدولار عند 30.9 جنيها وأدى قرار السماح لسعر صرف الجنيه المصري بالهبوط إلى الإعلان عن حزمة أكثر سخاء من صندوق النقد الدولي، بقيمة 8 مليارات دولار، فضلا عن 3 مليارات من البنك الدولي
كما رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 600 نقطة أساس إلى مستوى قياسي بلغ 27.25 في المائة، وفي بيانه، قال البنك المركزي إن وحدة أسعار الصرف “أمر بالغ الأهمية”.
الإصلاح الهيكلي للاقتصاد
ورحب خبراء المال والأعمال والمؤسسات الاقتصادية الكبرى مثل كابيتال إيكونوميكس، بخفض قيمة الجنيه، ووصفوه بأنه دليل على أن صناع السياسات المصريين “ملتزمون بإصلاح هيكلي للاقتصاد وأن هذه الخطوة “تبدو خطوة إيجابية لمصر على طريق الخروج من الأزمة”.
وقالت شركة فيتش سوليوشنز في مذكرة بحثية حديثة إن التعافي الاقتصادي في مصر مستمر، وتوقعت أن يرتفع النمو الاقتصادي للبلاد إلى 4.2 في المائة في السنة المالية 2024-2025.
ويتعزز النمو من خلال زيادة الاستثمار، والتعافي في قطاع التصنيع وتطبيع حركة المرور عبر قناة السويس في حالة انتهاء العدوان الإسرائيلي في غزة.
وقالت فيتش إننا نحافظ على وجهة نظرنا بأن النمو الاقتصادي سوف يرتفع إلى 4.2 في المائة في السنة المالية 2024/-025، مدفوعًا بزيادة الاستثمار، والتعافي في قطاع التصنيع وعودة حركة المرور عبر قناة السويس، موضحة أن تدفقات التحويلات المالية من المصريين العاملين في الخارج ارتفعت إلى 7.5 مليار دولار في الربع الرابع من السنة المالية 2023-2024.
كما أن قطاع السياحة في مصر أظهر مرونة في ظل المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، مما دعم الاستقرار الاقتصادي بشكل أكبر.
سياسة نقدية صارمة طوال عام 2024
وفي الوقت نفسه، يتوقع تقرير BMI الصادر عن Fitch Solutions أن يحافظ البنك المركزي المصري على سياسة نقدية صارمة طوال عام 2024.
بالنسبة للتضخم، توقعت فيتش أن ينخفض إلى أقل من 20 في المائة بحلول فبراير 2025، مما قد يسمح للبنك المركزي المصري بالبدء في تخفيف السياسة النقدية إما قبل فبراير 2025 أو بعده مباشرة.
وبالإضافة إلى ذلك، توقعت فيتش أن يخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 1200 نقطة أساس في وقت لاحق من ذلك العام، بما يتماشى مع اتجاهات التخفيف العالمية.
ويتوقع تقرير فيتش أيضًا انخفاض عجز الحساب الجاري في مصر إلى 4.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو 13.2 مليار دولار، في السنة المالية 2024/2025، مشيرًا إلى زيادة التحويلات المالية وفائض الخدمات المتزايد.
وعلاوة على ذلك، يرى التقرير أن احتياطيات النقد الأجنبي الصافية لمصر، والتي بلغت رقمًا قياسيًا بلغ 46.597 مليار دولار في أغسكس 2024، ستستمر في الارتفاع.