وداعا لعصر النفط.. السعودية تشعل ثورة الطاقة المتجددة بأكبر استثمار على مستوى العالم بقيمة 8.3 مليار دولار

في خطوة تعد من الأكبر على مستوى العالم في مجال الطاقة المتجددة، أعلنت المملكة العربية السعودية عن تخصيص استثمار تاريخي بقيمة 8.3 مليار دولار أمريكي لتنفيذ مشاريع كبرى للطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ووفقا لصحيفة “فاينانشال تايمز”، تأتي هذه المبادرة، التي تقودها شركة أكوا باور السعودية، في سياق تسريع التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، ودعما مباشرا لرؤية المملكة 2030 التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
وتهدف المشاريع إلى إنتاج 15 جيجاواط من الطاقة المتجددة، وهي قدرة كافية لتوفير الكهرباء لما يقارب 15 مليون منزل، ما يعكس حجم الطموح الوطني لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وتحقيق الاستدامة.
تحالف استثماري رفيع المستوى بقيادة أكوا باور وأرامكو للطاقة
وتنفذ هذه المشاريع من خلال تحالف استراتيجي يجمع بين أكوا باور وشركة أرامكو للطاقة، التابعة لعملاق النفط السعودي أرامكو. وقد تم توقيع اتفاقيات شراء الطاقة مع الجهة الحكومية المسؤولة عن شراء الكهرباء، لإنشاء خمس محطات شمسية ومحطتين لطاقة الرياح، موزعة على أربع مناطق حيوية في المملكة: الرياض، مكة المكرمة، المدينة المنورة، وعسير.
ووفقا للبيانات الصادرة عن معهد الطاقة العالمي، فإن المملكة تمتلك حاليا قدرة إنتاجية من الطاقة المتجددة تقدر بـ 4.34 جيجاواط فقط، مما يعني أن الخطة الجديدة ستُضاعف هذه القدرة بما يقارب 30 مرة بحلول عام 2030.
أسعار قياسية وثقة عالمية متزايدة في مناخ الاستثمار السعودي
ووصف بيان حكومي رسمي هذه الاتفاقيات بأنها “من بين الأكبر عالميا”، مؤكدا أنها “أُبرمت بأسعار تعد من بين الأدنى في العالم”. وهذا ما يدل على كفاءة النماذج التمويلية والتنموية في المملكة، بالإضافة إلى تنامي الثقة الدولية في بيئة الاستثمار السعودي.
وقد حضر الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي، مراسم توقيع الاتفاقيات شخصيا، في إشارة واضحة إلى الدعم السياسي الرفيع المستوى الذي تحظى به هذه المبادرة، ودورها المركزي في استراتيجية التحول الوطني.
الشرق الأوسط يتحول إلى مركز عالمي للطاقة الشمسية
وبفضل شمسها الوفيرة وانخفاض تكاليف الألواح الشمسية عالميا، باتت منطقة الخليج العربي، وعلى رأسها المملكة، تشهد طفرة في مشاريع الطاقة المتجددة.
وتسعى دول الخليج إلى تحرير المزيد من النفط والغاز للتصدير عبر تقليل استهلاكهما محليا في توليد الكهرباء.
وقد أشارت صحيفة “فاينانشال تايمز” إلى أن الشرق الأوسط هو أسرع منطقة نمو في العالم في مجال الطاقة المتجددة بعد الصين، وهو اتجاه يعكسه بوضوح طموح المملكة في أن تصبح رائدة في هذا القطاع على المستوى الإقليمي والعالمي.
أكوا باور تتوسع دوليا.. والصين هدف استراتيجي
ولا يقتصر طموح أكوا باور على السوق المحلي، إذ تعد الشركة من أكبر مطوري مشاريع الطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، وتمتلك مشاريع في 14 دولة عبر آسيا وأفريقيا. وقد أعلنت مؤخرا عن دخولها إلى السوق الصينية، في خطوة تعكس سعيها لتوسيع حضورها الدولي.
وفي تصريح لصحيفة “فاينانشال تايمز”، قال الرئيس التنفيذي لأكوا باور، ماركو أرشيلي: “قررنا دخول الصين لأنها أكبر سوق في العالم في مجال الطاقة المتجددة، بلا منازع. لذلك، من المنطقي عندما ترغب في النمو أن تفعل ذلك حيث يوجد نمو”.
ويتناغم هذا التوجه مع رؤية المملكة في أن تتحول إلى مركز عالمي للطاقة النظيفة والتقنيات المرتبطة بها، لتثبت للعالم أنها تتطلع نحو مستقبل مستدام يمتد إلى ما وراء النفط.
نحو مستقبل منخفض الكربون
ومن المقرر أن تبدأ المشاريع التشغيل تدريجيا حتى عام 2028، لتمهد الطريق أمام المملكة لتحقيق هدفها بإنتاج 50% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.
اقرأ أيضا.. ميدان الدرعية.. مشروع سعودي عملاق بـ2.25 مليار ريال يطلق ثورة تجارية
كما تؤكد القيادة السعودية التزامها بالوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفري بحلول 2060، وهي خطوة كبيرة تتماشى مع أهداف المناخ العالمية.
ورغم التحديات اللوجستية والتقنية التي قد تواجه هذا التحول، فإن الاستثمار الأخير يمثل نقطة تحول فارقة في مسيرة المملكة نحو نموذج اقتصادي أكثر تنوعا واستدامة. وهي خطوة تمثل بداية جديدة لمستقبل تقوده الطاقة النظيفة، وليس النفط فقط.