وزير خارجية إيران يلتقي السيسي.. ماذا تريد طهران من القاهرة؟

التقى وزير خارجية إيران، عباس عراقجي، رئيس مصر عبد الفتاح السيسي في خطوة لافتة ترجمتها زيارة رسمية تحمل دلالات إقليمية تتجاوز البعد الثنائي.
وتفتح الزيارة الباب أمام تساؤلات حول أهداف طهران من التقارب مع القاهرة، وسط تعقيدات متصاعدة في الإقليم وضغوط متزايدة على إيران داخليًا وخارجيًا.
علاقة مصر وإيران
شهدت السنوات الأخيرة إشارات متبادلة من القاهرة وطهران نحو فتح قنوات اتصال محدودة، إلا أن زيارة عراقجي الأخيرة إلى القاهرة – في إطار جولة شملت لبنان – تمثل تحولًا نوعيًا في وتيرة هذا التقارب، لا سيما أنها جاءت في ظل متغيرات سريعة في المشهد الإقليمي، بما في ذلك الحرب المستمرة في قطاع غزة، وتصاعد التوترات في البحر الأحمر، والتعثر المستمر في مفاوضات إيران النووية مع واشنطن.
وتسعى طهران إلى استثمار اللحظة الإقليمية في كسر عزلتها المتفاقمة، عبر نسج علاقات مع دول ذات ثقل دبلوماسي عربي، مثل مصر، التي تمتلك مفاتيح عدة ملفات إقليمية، خصوصًا الملف الفلسطيني، وأمن البحر الأحمر، والتوازنات مع إسرائيل.
المصالح المتبادلة بين مصر وإيران
بحسب تقارير في الوقت الذي تبحث فيه إيران عن إعادة تموضع يعيدها إلى المشهد العربي من بوابة القاهرة، يبدو أن مصر ترى في فتح نافذة مع طهران فرصة لتعزيز استقلالية قرارها الإقليمي، وتوسيع خياراتها في ظل تراجع الثقة بعدد من الشركاء التقليديين، لاسيما في ملف غزة، ووسط فتور واضح في علاقتها مع الحكومة الإسرائيلية.
وبينما تمثل زيارة عراقجي اختبارًا أوليًا لمدى استعداد القاهرة للانفتاح على طهران، تشير أوساط دبلوماسية إلى أن الجانب المصري لا يزال يتعامل بحذر مع هذه الإشارات، خاصة في ظل الضغوط الغربية، والمخاوف الخليجية، من أية علاقة قد تُفسّر كإعادة تأهيل دبلوماسي لطهران.
أمن البحر الأحمر على الطاولة
من أبرز الملفات التي طُرحت خلال لقاء عراقجي بالرئيس المصري، ملف البحر الأحمر، والذي بات عنوانًا رئيسيًا لتوتر إقليمي بسبب هجمات الحوثيين على الملاحة الدولية بذريعة دعم غزة، ما أدى إلى تراجع كبير في عائدات قناة السويس.
وتُدرك القاهرة أن استمرار الفوضى في الممرات البحرية سيفاقم من خسائرها الاقتصادية، ويهدد أمنها القومي، وهو ما يجعل أي تفاهم مع طهران حول تهدئة في البحر الأحمر، أو على الأقل وقف دعمها للحوثيين، هدفًا مصريًا ملحًا.
الملف النووي والوساطة المحتملة
بحسب تقارير، تناول اللقاء بين عراقجي والسيسي تطورات المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة.
وأكد الرئيس السيسي خلال اللقاء، وفق بيان الرئاسة، على أهمية وقف التصعيد في المنطقة، محذرًا من تداعيات حرب شاملة، وداعيًا إلى تسوية سياسية توقف نزيف الأزمات.
غزة بين مصر وإيران
رغم التباين الواضح في مقاربة القاهرة وطهران لملف غزة، إلا أن الطرفين يشتركان في قلق مشترك من استمرار الحرب وتداعياتها الإقليمية. فبينما تدعم إيران “حماس” وحلفاءها سياسيًا وعسكريًا، تسعى مصر إلى وقف إطلاق النار، والحفاظ على دورها كضامن لأي تسوية مستقبلية.
وتشير تسريبات دبلوماسية إلى أن زيارة عراقجي حملت رسالة واضحة بدعم إيران لجهود مصر في ملف غزة، مقابل عدم استبعاد إيران من ترتيبات ما بعد الحرب، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها.
ماذا بعد اللقاء؟
لا يتوقع أن تؤدي هذه الزيارة إلى انفراجة سريعة في العلاقات المصرية الإيرانية، إلا أنها قد تمهد لحوار طويل الأمد حول الملفات الساخنة في المنطقة.
وتدرك القاهرة أن أي تقارب مع طهران يجب أن يتم ضمن توازن دقيق بين مصالحها القومية والتزاماتها الإقليمية، خاصة في ظل التوترات مع إسرائيل، والتحفظات الخليجية من السياسات الإيرانية.
أما طهران، فتراهن على أن الطريق إلى فك العزلة يمر عبر عواصم عربية ذات وزن، مثل القاهرة، التي لا تزال تمتلك القدرة على التأثير الإقليمي، والدور في ترتيب التوازنات، خصوصًا في ضوء التغيرات العميقة التي تشهدها المنطقة منذ اندلاع حرب غزة.
اقرأ أيضًا: قصف وتوغلات وتفتيش منازل.. ماذا تفعل إسرائيل في جنوب سوريا؟