وسط تحذيرات من صراع أوسع.. خارطة طريق دولية لوقف العنف في سوريا

حذّر رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن سوريا، باولو سيرجيو بينيرو، من مخاطر استمرار العنف في البلاد، مؤكداً أن تصاعد التوترات قد يؤدي إلى اندلاع صراع أكثر اتساعاً، يهدد استقرار المنطقة بأسرها.
وخلال كلمته أمام الدورة الـ58 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، شدد بينيرو على ضرورة التحرك العاجل لوضع حد لحالة الفوضى الأمنية التي تشهدها البلاد.
وأوضح المسؤول الأممي أن الحل يكمن في تبني خارطة طريق شاملة، تتضمن وقفاً كاملاً لإطلاق النار، ونزع سلاح الجماعات المسلحة، وضمان الأمن والاستقرار، إلى جانب إنهاء الوجود العسكري الأجنبي على الأراضي السورية، باعتباره أحد العوامل التي تؤجج الأزمة.
دعوة للسلطات الانتقالية في سوريا
في ضوء التطورات الأخيرة، دعا بينيرو السلطات السورية الانتقالية إلى اغتنام ما وصفه بـ”فرصة نادرة” لرسم مسار جديد يطوي صفحة الصراع الطويل.
وأكد أن تحقيق ذلك يستوجب إجراءات ملموسة تضمن إعادة بناء الثقة بين مكونات المجتمع السوري، مع الالتزام بمبادئ العدالة والمساءلة.
وأشار إلى أن الشعب السوري وحده هو صاحب القرار في تحديد الخطوات المقبلة، سواء فيما يتعلق بكشف الحقيقة حول الانتهاكات السابقة، أو البحث عن المختفين قسرياً، أو تبني إصلاحات سياسية وقضائية تضمن عدم تكرار المآسي التي شهدتها البلاد.
تحقيقات في أحداث الساحل السوري
في سياق متصل، أكد بينيرو أن اللجنة اطلعت على الإجراءات العاجلة التي اتخذتها السلطات المؤقتة، ومن بينها تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للنظر في الأحداث الأخيرة التي شهدها الساحل السوري.
وأعرب عن أمله في أن تعمل هذه اللجنة باستقلالية تامة، وأن تعلن نتائجها بشفافية أمام الرأي العام.
يأتي ذلك في وقت أثارت فيه التطورات الميدانية في الساحل مخاوف متزايدة، لا سيما بعد الانقطاع المفاجئ في خدمات الاتصالات والإنترنت في محافظتي اللاذقية وطرطوس.
هذا الانقطاع، الذي استمر لساعات، أعاد إلى الأذهان سيناريوهات العمليات الأمنية السابقة، ما عزز التكهنات بوجود تحركات عسكرية أو أمنية غير معلنة في المنطقة.
توتر في الجنوب وتصاعد خطر داعش في سوريا
من جهة أخرى، حذر رئيس لجنة التحقيق الدولية من التصعيد المتواصل في الجنوب السوري، خصوصاً مع تكثيف إسرائيل لهجماتها على مواقع عدة منذ ديسمبر الماضي.
وأكد أن هذه العمليات تسببت في نزوح مدنيين من ريف القنيطرة، دون مبرر عسكري واضح، ما يعد انتهاكاً لاتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974.
أما في الشمال، فقد أشار بينيرو إلى تزايد أنشطة تنظيم داعش، لافتاً إلى أن آلاف المحتجزين في سجون قوات سوريا الديمقراطية لا يزالون قابعين هناك دون محاكمات عادلة.
ودعا الدول المعنية إلى استعادة مواطنيها المحتجزين في المخيمات، وتقديم المتورطين في جرائم التنظيم إلى العدالة.
أزمة اقتصادية وتحديات إعادة الإعمار
إلى جانب التحديات الأمنية، سلط بينيرو الضوء على التدهور الاقتصادي المتسارع الذي تشهده سوريا، مؤكداً أن تقلص التمويل الإنساني يزيد من حدة الأزمات المعيشية، ما قد يسهم في تأجيج العنف.
وفي هذا السياق، طالب المجتمع الدولي برفع العقوبات القطاعية المفروضة على البلاد، والعمل على تذليل العقبات التي تحول دون جهود التعافي وإعادة الإعمار.
وختم المسؤول الأممي حديثه بالتأكيد على أن المسار الوحيد لإنهاء الأزمة السورية هو اعتماد نهج شامل، يجمع بين الحلول الأمنية والسياسية والاقتصادية، ويضمن تحقيق العدالة للضحايا، بما يضع حداً لسنوات طويلة من النزاع والمعاناة.
اقرأ أيضا
100 يوم على سقوط الأسد.. ماذا حدث في سوريا بعد رحيل نظام البعث؟