وفاة وزير النقل بعد ساعات من إقالته يشعل الجدل في روسيا | ما القصة؟

في حادثة هزّت الأوساط السياسية الروسية، عُثر على وزير النقل السابق رومان ستاروفويت ميتًا داخل سيارته قرب موسكو، بعد ساعات فقط من قرار الرئيس فلاديمير بوتين إقالته من منصبه.
وبينما تشير التحقيقات الأولية إلى فرضية إنه أنهى حياته، تتزايد التكهنات حول تصفية سياسية مرتبطة بشبهات فساد وخلافات داخل دوائر الحكم في الكرملين.
بوتين يصف وفاة وزير النقل بـ”المأساوي والمؤسف”
بحسب وسائل إعلام جاء رد الفعل الرسمي من الكرملين حذرًا، إذ صرح المتحدث ديمتري بيسكوف أن الرئيس بوتين اطلع على تفاصيل الحادث ووصف نبأ وفاة ستاروفويت بأنه “مأساوي ومؤسف”.
وأكد بيسكوف أن التحقيقات لا تزال جارية، رافضًا التعليق على الدوافع أو الخلفيات المحتملة وراء الوفاة.
السلطات الروسية عثرت على ستاروفويت مصابًا بطلق ناري داخل سيارته، ما دفع المحققين إلى اعتبار أنه من أنهى حياته هو السبب المرجح حتى الآن، لكن ملابسات التوقيت والموقع والظروف تثير كثيرًا من علامات الاستفهام.
إقالة غامضة لـ وزير النقل الروسي
مرسوم الإقالة الرئاسي الذي صدر يوم الإثنين لم يوضح أسباب إعفاء الوزير من منصبه، ما زاد من الغموض المحيط بالقضية، اللافت أن الإقالة جاءت بعد عام واحد فقط من تعيينه في منصب وزير النقل، رغم مسيرة إدارية طويلة داخل مؤسسات الدولة.
الوزير الراحل سبق له أن شغل منصب حاكم منطقة كورسك لمدة خمس سنوات، وهو المنصب الذي يرتبط اليوم بتحقيقات موسعة في قضايا فساد مالي، تخص مخصصات تحصين الحدود الروسية مع أوكرانيا.
تحقيقات في 246 مليون دولار
تشير تقارير صحفية روسية إلى أن التحقيقات تتركز حول مبلغ 19.4 مليار روبل (246 مليون دولار)، خُصص في عام 2022 لتشييد تحصينات حدودية في كورسك، في ظل تصاعد المواجهة مع أوكرانيا.
ويتساءل المحققون عما إذا كانت هذه الأموال أُنفقت فعليًا على مشاريع دفاعية، أم أن قسمًا كبيرًا منها تم اختلاسه أو توجيهه لأغراض غير قانونية.
ويُعتقد أن ستاروفويت، باعتباره حاكم المنطقة في تلك الفترة، قد يكون خضع للاستجواب أو كان مهددًا بالإدانة في حال ثبوت ضلوعه في الفساد المالي.
تكهنات عديدة أثيرت بعد الوفاة، إذ يرى مراقبون أن الوزير السابق ربما تعرض لضغوط أمنية أو سياسية كبيرة، لا سيما في ظل حساسية ملف الحدود ومخصصاته المالية، وقد يكون تلقى إشارات أو تهديدات دفعته إلى اتخاذ قرار “التخلص من حياته”، في حال صحّت الرواية الرسمية.
بينما يذهب آخرون إلى أبعد من ذلك، مشيرين إلى إمكانية أن تكون الوفاة عملية تصفية منظمة لإغلاق ملف حساس، أو للحيلولة دون وصول معلومات حساسة إلى أطراف معينة داخل النظام.
وزير النقل الروسي من نجم صاعد إلى نهاية غامضة
كان ستاروفويت يُعتبر من التكنوقراط البارزين في جهاز الدولة الروسية، إذ شغل لسنوات رئاسة الوكالة الاتحادية للطرق قبل أن يُعيّن حاكمًا لمنطقة كورسك، ثم وزيرًا للنقل في مايو 2024. انتقاله السريع بين المناصب، وارتباطه بعدد من المشاريع الاستراتيجية، جعله يحظى بثقة النظام في مرحلة ما.
لكن سقوطه المفاجئ، سواء من منصبه أو من الحياة، يلقي الضوء على طبيعة الصراعات الداخلية في النظام الروسي، وكيف يمكن أن يتحول التقرب من دوائر النفوذ إلى لعنة في لحظة.
أسئلة كثيرة بلا إجابة
وفق تقارير حتى اللحظة، لا يوجد ما يؤكد أو ينفي رواية التخلص من حياته بشكل قاطع. التحقيقات جارية، لكن غياب الشفافية المعهود في قضايا مشابهة داخل روسيا يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، تتراوح بين إنهاء حياته بسبب الضغط النفسي، إلى تصفية مدبرة للتغطية على فضيحة كبرى.
في كل الأحوال، فإن لغز وفاة رومان ستاروفويت لن يُغلق بسهولة، خاصة في ظل الاشتباك بين السياسة والأمن والفساد في المشهد الروسي الراهن.
اقرأ أيضا
من غزة لسوريا وإيران.. هل تقلب صفقات ترامب ونتنياهو موازين الشرق الأوسط؟