وول ستريت تتلقى ضربة قوية بعد رد الصين برسوم جمركية بنسبة 34%

افتتحت سوق الأسهم الأمريكية تعاملاتها على خسائر فادحة، عقب رد الصين برسوم جمركية انتقامية على السلع الأمريكية.

كان رد فعل وول ستريت سريعًا، حيث شهدت المؤشرات الرئيسية انخفاضات كبيرة، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500، وهو مقياس واسع لسوق الأسهم الأمريكية، بنسبة 2.48%، وانخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنحو 1000 نقطة، مسجلاً انخفاضًا بنسبة 2.4%.

إعلان

وضعت هذه الخسائر مؤشر داو جونز في “منطقة تصحيح”، منخفضًا بنسبة 10% عن أعلى مستوى قياسي له مؤخرًا.

يأتي هذا الانخفاض المفاجئ في أسعار الأسهم بعد أسبوع من التقلبات الناجمة عن تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين بشأن السياسات التجارية.

مع تطبيق الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية، أدت المخاوف من حرب تجارية مطولة إلى عمليات بيع واسعة النطاق في القطاعات الرئيسية، بما في ذلك قطاعي التكنولوجيا والتصنيع.

رد فعل ترامب: ادعاء “الذعر” من جانب الصين

في الساعات التي سبقت افتتاح السوق، نشر الرئيس دونالد ترامب على موقع “تروث سوشيال” منشورًا يؤكد فيه أن الصين “أصابها الذعر” في ردها على رسومه الجمركية، وأكد منشور ترامب أن هذه الخطوة من جانب الصين كانت خطأً، مدعيًا أن “الشيء الوحيد الذي لا يمكنهم تحمله هو الذعر”.

على الرغم من التراجع الحاد في السوق، جدد ترامب التزامه بسياساته الاقتصادية، مؤكدًا أن تركيز إدارته على جذب الاستثمار إلى الولايات المتحدة سيظل ثابتًا، وأعلن ترامب: “سياساتي لن تتغير أبدًا”، كما روّج لفكرة أن هذه اللحظة الاقتصادية المضطربة تُتيح للمستثمرين فرصة ليصبحوا “أكثر ثراءً من أي وقت مضى”.

رد فعل سوق الأسهم: قطاعات تضررت بشدة من الحرب التجارية

شهد الانخفاض الأولي في السوق انخفاضًا ملحوظًا في 28 سهمًا من أصل 30 سهمًا مدرجًا في مؤشر داو جونز الصناعي. تجدر الإشارة إلى أن الشركات التي تعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية كانت الأكثر تضررًا.

على سبيل المثال، شهدت شركة كاتربيلر، المتخصصة في تصنيع معدات البناء، انخفاضًا حادًا بنسبة 6.7% في سعر سهمها، تلتها بوينغ (-5.9%)، وجولدمان ساكس (-5.6%)، وجي بي مورغان (-5.5%).

تعكس هذه الخسائر المخاوف المتزايدة من أن الحرب التجارية قد تؤدي إلى تباطؤ اقتصادي، لا سيما في القطاعات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية.

كما تضرر قطاع التكنولوجيا بشكل كبير. فقد انخفض مؤشر ناسداك، الذي يميل أكثر نحو أسهم التكنولوجيا، بنسبة 3%، مما دفعه إلى منطقة “السوق الهابطة”، حيث أصبح الآن أقل بأكثر من 20% عن أعلى مستوى قياسي له في ديسمبر 2024.

الإجراءات الانتقامية الصينية: رد مباشر على الرسوم الجمركية الأمريكية

ردت وزارة المالية الصينية على سياسات الرئيس ترامب التجارية بمجموعة من الإجراءات الانتقامية. بإعلانها فرض رسوم جمركية بنسبة 34% على الواردات الأمريكية، أظهرت الصين أنها لن تتراجع في حربها التجارية الدائرة.

بالإضافة إلى هذه الرسوم، أضافت الصين 11 شركة أمريكية إلى قائمة “الكيانات غير الموثوقة”، مما منعها من ممارسة الأعمال التجارية في الصين أو مع الشركات الصينية. وقد فاقمت هذه الخطوة من التوترات بين العملاقين الاقتصاديين العالميين.

كما فرضت وزارة التجارة الصينية نظام ترخيص على تصدير العناصر الأرضية النادرة، وهي عناصر حيوية لصناعات تتراوح من تصنيع السيارات الكهربائية إلى الصناعات الدفاعية، وأعلنت عن تحقيقات في صادرات الولايات المتحدة من معدات التصوير الطبي. وتُعتبر هذه الإجراءات جزءًا من استراتيجية الصين الأوسع لمواجهة النفوذ الاقتصادي الأمريكي.

الأثر الاقتصادي: التداعيات العالمية وتقلبات السوق

أحدثت الرسوم الجمركية الانتقامية من الصين تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، مما زاد من زعزعة استقرار سوق متقلبة أصلًا.

بالإضافة إلى زيادات الرسوم الجمركية، تُبرز إجراءات الصين ضد الشركات الأمريكية وصادراتها من المواد الأساسية، مثل المعادن النادرة، نفوذ بكين في النزاع التجاري الدائر. فبينما تُعدّ الولايات المتحدة ثاني أكبر سوق تصدير للصين، يُتوقع أن تؤثر الرسوم الجمركية التي فرضتها الدولتان على مجموعة واسعة من الصناعات، من التكنولوجيا إلى الزراعة.

يرى بعض المحللين أن هذه النزاعات التجارية قد تؤدي إلى اضطرابات طويلة الأمد في سلاسل التوريد، لا سيما في قطاعات مثل الإلكترونيات، حيث تُهيمن الصين على إنتاج ومعالجة المواد الأساسية. وقد أدت الحرب التجارية بالفعل إلى انخفاض في حجم التجارة، حيث تواجه دول مُصدّرة رئيسية مثل فيتنام وماليزيا تحديات في التعامل مع الرسوم الجمركية الجديدة.

هذه الدول، التي تعتمد بشكل كبير على الصادرات الصينية في التجميع وإعادة التصدير، عالقة الآن في خضم نزاع تجاري عالمي.

اقرأ أيضا.. كيف سرق قراصنة كوريا الشمالية 6 مليارات دولار عملات مشفرة لتمويل البرنامج النووي

استراتيجية الصين: الرهان على المرونة

على الرغم من العواقب الاقتصادية الوخيمة، يبدو أن الصين مُستعدة لحرب تجارية طويلة الأمد. بفضل سياساتها الصناعية الراسخة، لا سيما في مجال المعادن النادرة والتصنيع، تتمتع الصين بوضع أقوى مما كانت عليه خلال الجولة الأولى من الحرب التجارية بين عامي 2018 و2019.

يشير الخبراء إلى أن رد الصين السريع على الرسوم الجمركية الأمريكية يُظهر استعداد بكين لتجاوز هذه الأزمة، حتى لو تطلب ذلك تغيير علاقاتها التجارية وتعديل استراتيجيتها الاقتصادية.

أشار وانغ دونغ، المدير التنفيذي لمعهد التعاون والتفاهم العالمي بجامعة بكين، إلى أن الصين تراهن على أن ترامب سيواجه ضغوطًا محلية متزايدة لتخفيف الرسوم الجمركية نظرًا لضررها المحتمل على الاقتصاد الأمريكي. وقال وانغ: “الصين في وضع أفضل للفوز في هذه الجولة من الخلافات التجارية”، مؤكدًا على احتمال تراجع الولايات المتحدة مع تزايد الضرر الاقتصادي.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى