يهدد حياة الآلاف.. وباء جديد يهاجم الأطفال والنساء في السودان- ما قصته؟

تشهد منطقة زالنجي في وسط إقليم دارفور بالسودان تفشيًا غير مسبوق لمرض تضخم الغدة الدرقية، وسط تحذيرات متصاعدة من أطباء وخبراء صحة عامة بشأن الأسباب المحتملة وراء هذا الانتشار، والذي يهدد حياة الآلاف من السكان، لا سيما النساء والأطفال.
350 إصابة مؤكدة بالوباء في السودان
وبحسب تقارير فأثناء عمليات فحص ميدانية أجرتها منظمة تطوعية مؤخراً، تم تسجيل أكثر من 350 حالة إصابة مؤكدة بالمرض، أغلبها في صفوف النساء والأطفال، وسط مؤشرات على وجود إصابات غير مسجلة تفوق هذا العدد.
وأكد مسؤول طبي من داخل المنظمة أن ما جرى رصده لا يعكس الحجم الحقيقي للكارثة، قائلاً إن نسبة المصابين قد تكون أكبر بكثير في ظل ضعف التوعية وغياب الفرق الطبية.
واقع مأساوي في السودان
ونقلت وسائل إعلام شهادات صادمة، حيث أفادت سيدة من سكان زالنجي بأنها فقدت ثلاثة من أطفالها خلال الشهور الماضية نتيجة مضاعفات تضخم الغدة الدرقية، الأمر الذي يكشف حجم المأساة الإنسانية والصحية التي يعيشها الأهالي في ظل غياب الاستجابة الرسمية الكافية.
أسباب انتشار الوباء في السودان
بحسب تقارير يرجّح مختصون أن النقص الحاد في عنصر اليود هو السبب الأبرز في انتشار مرض تضخم الغدة الدرقية في دارفور.
وقال المتحدث باسم نقابة أطباء السودان إن “غياب المنتجات البحرية وندرة مصادر اليود في المياه والتربة ساهم بشكل مباشر في ارتفاع الإصابات”.
وفي السياق ذاته، أوضحت استشارية طب الأطفال منى عثمان أن “الأطفال يصابون عادة بسبب نقص اليود في حليب الأمهات”، مشيرة إلى أن هناك تزايداً ملحوظاً في الحالات بين الرضع في المنطقة.
تحذيرات من تلوث كيميائي أو وجود نفايات ضارة
من جهة أخرى، لم يستبعد خبراء في البيئة والصحة العامة وجود أسباب أخرى، من بينها التلوث الكيميائي أو الإشعاعي الناتج عن وجود نفايات ضارة أو معادن ثقيلة في التربة ومياه الشرب.
ونقلت وسائل إعلام عن الاستشاري الصحة العامة عبد الماجد مردس إلى أن “مياه الآبار الجبلية القريبة من جبل مرة قد تحتوي على تراكيز غير طبيعية من عناصر مثل الفلورايد والسيلينيوم، وهي عوامل معروفة بتأثيرها السلبي على نشاط الغدة الدرقية”.
دعوات لتحقيق علمي عاجل في انتشار وباء السودان
طالب خبراء بإجراء دراسة علمية وبيئية متكاملة تشمل فحص عينات التربة والمياه والغذاء، مشيرة إلى وجود مخاوف حقيقية من أن تكون المنطقة قد دُفنت فيها نفايات سامة خلال السنوات الماضية.
وحذروا من أن “غياب التحقيقات البيئية والفحوصات الدقيقة في مناطق النزاع قد يؤدي إلى تفشي أمراض صامتة يصعب تتبع أسبابها ما لم يُتحرّك بسرعة”.
كما دعا الخبراء وزارة الصحة السودانية ومنظمة الصحة العالمية إلى إرسال فرق ميدانية عاجلة لجمع العينات وفحص السكان مخبرياً، مع العمل على توفير مكملات اليود وتحسين النمط الغذائي، لا سيما أن استهلاك سكان دارفور للدخن المقشور الذي يعوق امتصاص اليود يزيد من خطورة الوضع.
أزمة صحية تهدد بالتفاقم في ظل صمت رسمي
في ظل تأخر الاستجابة الرسمية، تبقى آلاف الأسر في زالنجي ووسط دارفور مهددة بمضاعفات صحية خطيرة، في وقت ترتفع فيه المطالب بتحقيق شفاف وتحرك عاجل لإنقاذ السكان من كارثة صحية وبيئية قد تمتد آثارها لأجيال.
اقرأ أيضا: 90 دقيقة مع الشرع.. هل تمهد زيارة وفد الكونجرس لتطبيع العلاقات بين سوريا وأمريكا؟