اقتصاد

220 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا.. حقل ظهر يعود إلى الواجهة بخطط تطوير جديدة

القاهرة (خاص عن مصر) – أعلنت وزارة البترول عن استئناف عمليات الحفر في حقل ظهر، وهو المشروع الذي يعتبر واحدًا من أكبر اكتشافات الغاز في البحر المتوسط.

وأوضح المهندس كريم بدوي، وزير البترول والثروة المعدنية، أن شركة “إيني” الإيطالية ستبدأ حفر بئرين جديدين بهدف تعزيز الإنتاج إلى 220 مليون قدم مكعب من الغاز يوميًا بحلول نهاية عام 2024.

يأتي هذا في إطار خطة شاملة لتعزيز الإنتاج المحلي من الغاز، وتقليل الاعتماد على الاستيراد، وتوفير موارد طاقوية جديدة تدعم الاقتصاد المصري وتضمن استقراره.

ويحافظ حقل “ظهر” حاليًا على إنتاج يومي يتجاوز ملياري قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، وقد أشار مسؤولون بوزارة البترول المصرية إلى أن هذا المعدل يعد جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد لزيادة الإنتاج، رغم مواجهة تحديات في معدلات انخفاض الإنتاج الطبيعي من الآبار القديمة.

جدير بالذكر أن معدل الإنتاج من الحقل وصل إلى ذروته عند 2.7 مليار قدم مكعبة يومياً، قبل أن يواجه المشروع بعض المشكلات التشغيلية.

اقرأ أيضًا: ما هي بدائل صندوق النقد الدولي؟.. هذه المؤسسات قد تنقذ مصر من جحيم الديون المشروطة

عمليات استكشافية جديدة

وتزامن ذلك مع بدء شركات أخرى مثل “شيفرون” و”إكسون موبيل” في تنفيذ عمليات استكشافية في مناطق غرب المتوسط لأول مرة خلال شهري نوفمبر وديسمبر 2024.

وتشمل هذه الاستكشافات مساحات شاسعة تقدر بـ 2185 كيلومترًا مربعًا، وتهدف إلى استكشاف المزيد من موارد الغاز في المنطقة، وهذا التوسع في التنقيب يؤكد على استراتيجية مصر لزيادة إنتاجها المحلي وضمان استدامة مواردها الطاقوية للمستقبل.

اكتشاف حقل ظهر وأهميته الاستراتيجية

بدأت قصة حقل ظهر في عام 2015 حينما أعلنت شركة “إيني” عن اكتشاف هذا الحقل الضخم الذي يحتوي على كميات كبيرة من الغاز الطبيعي، حيث قدرت الاحتياطيات في ذلك الوقت بحوالي 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، مما جعل من الحقل نقطة تحول كبيرة في قطاع الطاقة المصري.

وأدى هذا الاكتشاف إلى تحول مصر من دولة مستوردة للغاز إلى واحدة من الدول المكتفية ذاتيًا، بل والمصدرة له في بعض الأحيان، حيث بدأ الإنتاج التجاري من الحقل في ديسمبر 2017 بقدرة إنتاجية تصل إلى ملياري قدم مكعب يوميًا، لتصبح مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي بحلول عام 2018.

ةحقل ظهر كان مفتاحًا لاستراتيجية مصر في تعزيز مكانتها كدولة محورية للطاقة في منطقة شرق المتوسط، مما أتاح للبلاد جذب استثمارات ضخمة من شركات الطاقة العالمية.

وكذلك، ساهم الحقل في تحسين قدرة مصر على تصدير الغاز المسال إلى الأسواق العالمية، خاصة مع افتتاح مشروعات تسييل الغاز في دمياط وإدكو، ما عزز من قدرات مصر التصديرية ووسع قاعدة الاقتصاد المحلي.

حقل ظهر
حقل ظهر

المشكلات في حقل ظهر وتداعياتها

وعلى الرغم من النجاح الكبير الذي حققه حقل ظهر، لم يخلُ هذا المشروع من تحديات مالية وفنية، حيث شهد تراجعًا مؤقتًا في الإنتاج نتيجة مشكلات تتعلق بتقليص مستحقات الشركات الأجنبية، مما أثر على العمليات التشغيلية وعمليات الحفر لفترة وجيزة.

وأدت هذه المشكلات إلى تراجع الإنتاج وتباطؤ الاستثمارات لبعض الوقت، حيث تأثرت شركة “إيني” من تأخر الحصول على مستحقاتها المالية، وهو ما دفع وزارة البترول إلى اتخاذ إجراءات لتسديد المستحقات المعلقة وتقديم حوافز للشركاء الأجانب لتحفيزهم على استكمال العمليات دون تأخير.

وأعلن وزير البترول حينها، المهندس طارق الملا، أن الوزارة عملت على تحسين بيئة العمل للشركات الأجنبية العاملة في القطاع من خلال تقديم آليات دفع جديدة وحوافز ترتبط بزيادة الإنتاج.

وهذه الخطوات كانت ضرورية لضمان استمرارية العمل في الحقل وزيادة الإنتاج مرة أخرى، مما يتيح لمصر تحسين وضعها التنافسي في سوق الغاز العالمية.

ويأتي ضمن هذه الحلول استيراد كميات إضافية من الغاز بشكل مؤقت لتلبية الطلب المحلي على الطاقة، وهو ما يوضح الجدية في حل الأزمات التي تواجه هذا المشروع الاستراتيجي في وقتها.

اقرأ أيضًا: حوافز غير مسبوقة.. مصر تجذب 5 شركات عالمية للاستثمار في صناعة السيارات الكهربائية

التأثير الاقتصادي لحقل ظهر على الاقتصاد المصري

وحقل ظهر لم يكن مجرد مشروع طاقة، بل هو أحد المحركات الاقتصادية الكبرى لمصر، وبفضل الإنتاج الضخم من الحقل، تمكنت مصر من تقليل فاتورة استيراد الغاز، مما ساهم في تحسين ميزان المدفوعات.

كما أسهمت كميات الغاز التي وفرها الحقل في دعم الصناعات المصرية، وتوفير العملة الصعبة من خلال تخفيف الضغوط المالية على الدولة، في السنوات الأولى من عمل المشروع، قبل أن تحدث بعض المشكلات.

إلى جانب ذلك، أسهم الحقل في دعم سياسة الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في قطاع الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة، ما يعني تقليل الاعتماد على المصادر الخارجية، وتوفير موارد إضافية للمشروعات التنموية.

ويقدر أن يساهم حقل ظهر ومشروعات الغاز الأخرى في تعزيز اقتصاد مصر بشكل كبير خلال العقد المقبل، خاصة مع زيادة القدرة الإنتاجية وتوسيع شبكة التصدير.

تعزيز خطط التنقيب

وبالإضافة إلى حقل ظهر، تعمل وزارة البترول على تعزيز قدرات إنتاج الغاز من خلال استثمارات جديدة في مناطق التنقيب، وقد تم إسناد 17 منطقة استكشافية حديثة في خليج السويس والصحراء الغربية كجزء من مزايدة الهيئة العامة للبترول، مما يعزز من فرص الاستثمار في القطاع، ويساهم في جذب الشركات العالمية لاستكشاف موارد إضافية.

كما أعلنت الوزارة عن 61 فرصة استثمارية تشمل 34 منطقة استكشافية تابعة للهيئة المصرية العامة للبترول، و15 منطقة من الحقول المتقادمة، إلى جانب 12 منطقة استكشافية جديدة في البحر المتوسط وشمال الدلتا، ما يوفر فرصًا ضخمة لتوسيع قاعدة الإنتاج وضمان استدامة الموارد الطاقوية.

زر الذهاب إلى الأعلى