3 ملفات ثورية تغير وجه الخدمات المصرفية الرقمية على طاولة البنك المركزي المصري
يعمل البنك المركزي المصري حاليًا على تطوير عدة مشاريع رقمية رئيسية تهدف إلى تعزيز التحول الرقمي في القطاع المالي المصري، وذلك في إطار دوره كأحد الأعمدة الأساسية في النظام المالي والاقتصادي في البلاد، حيث يلعب دورًا رئيسيًا في ضبط السياسات النقدية وتطوير البنية التحتية المالية.
ومع التطور المتسارع في التكنولوجيا الرقمية، يسعى البنك المركزي إلى مواكبة هذه التطورات وتقديم حلول مبتكرة تدعم التحول الرقمي في القطاع المالي، ومن بين المشروعات الكبرى التي يعمل عليها البنك خلال الفترة القادمة، تأتي ثلاثة محاور رئيسية: التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (E-KYC)، إتاحة خدمة الإقراض الرقمي من خلال محفظة الهاتف المحمول، وتطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC).
التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (E-KYC)
وتعد عملية التعرف على هوية العملاء من أهم المتطلبات التنظيمية التي تفرضها البنوك لضمان حماية النظام المالي ومنع الجرائم المالية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وإدراكًا لهذه التحديات، يعمل البنك المركزي المصري على تطوير نظام التعرف على هوية العملاء إلكترونيًا (E-KYC).
يعتمد هذا النظام على الهوية المالية الرقمية التي تتيح للمؤسسات المالية التحقق من هوية العميل بشكل إلكتروني بالكامل دون الحاجة إلى الحضور الفعلي أو تقديم المستندات الورقية. توفر هذه الخدمة مزايا عديدة، من بينها تقليل التكاليف، تسريع العمليات، وتحسين تجربة العملاء.
وبفضل E-KYC، يمكن للأفراد فتح حسابات بنكية وإجراء معاملات مالية بسهولة عبر الإنترنت، كما يسهم هذا النظام في توسيع نطاق الوصول إلى الخدمات المصرفية، خاصةً في المناطق الريفية والنائية التي تعاني من نقص في الفروع البنكية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النظام يدعم توجهات الحكومة نحو تعزيز الشمول المالي، حيث يسهم في دمج الأفراد غير المتعاملين مع البنوك في النظام المالي الرسمي.
ويسعى البنك المركزي إلى إطلاق الخدمة من خلال شركة “الهوية المالية الرقمية” بحلول النصف الثاني من عام 2024، وهذا المشروع سيمكّن العملاء من فتح حسابات مصرفية وإجراء معاملات مالية عبر الإنترنت دون الحاجة لزيارة الفروع، مما يعزز الشمول المالي ويساهم في تقليل الإجراءات الورقيةـ وسيتيح ذلك للأفراد التحقق من هوياتهم وإتمام المعاملات المالية بشكل آمن وسلس عن بعد.
اقرأ أيضًا: 420 مليون دولار من “شل” و”بتروناس” لربط 300 مليون قدم مكعب غاز من حقول البرلس
الإقراض الرقمي عن طريق محفظة الهاتف المحمول
ومع الانتشار الواسع لاستخدام الهواتف الذكية في مصر، باتت محفظة الهاتف المحمول أداة مالية رئيسية لعدد كبير من الأفراد، وقد أدرك البنك المركزي المصري هذه الفرصة وبدأ في العمل على مشروع يهدف إلى تقديم خدمة الإقراض الرقمي من خلال هذه المحافظ.
والإقراض الرقمي يمثل ثورة في عالم التمويل الشخصي، حيث يتيح للأفراد الحصول على قروض صغيرة بسرعة وبشكل فوري باستخدام محفظة الهاتف المحمول، وتتم العملية بشكل كامل عبر الإنترنت، بدءًا من تقديم الطلب وصولاً إلى الموافقة والتحويل المالي.
ويمكن للأفراد الاستفادة من هذه الخدمة لتغطية نفقات طارئة أو تمويل مشاريع صغيرة دون الحاجة إلى التعامل مع الإجراءات التقليدية المعقدة التي قد تستغرق أيامًا أو أسابيع.
وهذا الخدمة تتماشى مع رؤية البنك المركزي في تعزيز الابتكار المالي، حيث يسهم في تقديم خدمات مالية ميسرة ومرنة، ويدعم الشركات الناشئة والمشاريع الصغيرة التي تعتبر عصب الاقتصاد الوطني، ومن المتوقع أن يسهم الإقراض الرقمي في تعزيز حركة الأموال داخل السوق المصرية وزيادة الإنفاق الاستهلاكي، مما ينعكس بشكل إيجابي على الاقتصاد بشكل عام.
يذكر أن الخدمة ستتوفر بشكل لحظي وعلى مدار الساعة من خلال قنوات آمنة، وتعمل على تعزيز الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي والتقييم الائتماني البديل لتوفير القروض الصغيرة والسريعة للعملاء.
اقرأ أيضًا: 8 شركات هندية تضخ مليار دولار استثمارات جديدة في مصر بحلول 2025
العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC)
مع ازدياد الاهتمام العالمي بالعملات الرقمية، تتجه العديد من البنوك المركزية حول العالم إلى دراسة وتطوير العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDC)، والبنك المركزي المصري ليس استثناءً من ذلك، حيث يعمل على استكشاف الإمكانيات المتاحة لتطبيق هذا النوع من العملات في النظام المالي المصري.
وتمثل العملات الرقمية للبنوك المركزية تحولاً جذريًا في طبيعة الأموال التي نستخدمها، حيث تختلف عن العملات المشفرة مثل البيتكوين أو الإيثريوم بكونها تصدر وتدعم من قبل البنك المركزي للدولة، ويتيح هذا النوع من العملات توفير بديل رقمي للعملة التقليدية، يتمتع بمستويات عالية من الأمان والثقة، مع إمكانية استخدامه في المعاملات اليومية بشكل سهل وسريع.
وأحد الأهداف الرئيسية للبنك المركزي من تطوير عملة رقمية هو تعزيز الشمول المالي وتقديم وسيلة دفع آمنة وموثوقة للأفراد والشركات، كما أن العملة الرقمية يمكن أن تسهم في تحسين كفاءة النظام المالي وتقليل التكاليف المتعلقة بالتحويلات المالية الداخلية والخارجية، علاوة على ذلك، قد تكون هذه العملة أداة فعالة لمكافحة الاقتصاد الموازي والحد من التهرب الضريبي.
وإطلاق العملة الرقمية من ضمن المشاريع الرئيسية التي يعمل عليها البنك المركزي المصري، حيث يهدف إلى تقديم بديل رقمي آمن ومستقر للعملات النقدية التقليدية، مع تقليل المخاطر المرتبطة بالعملات المشفرة، ويتم التعاون مع العديد من المؤسسات الدولية لإجراء دراسات متقدمة حول كيفية تنفيذ هذا المشروع، وذلك لتعزيز الأمان المالي والاستقرار في التعاملات الرقمية.
اقرأ أيضًا: بعثة صندوق النقد تتفاوض مع مصر الشهر المقبل.. ما المتوقع من المراجعة الرابعة؟
جهود البنك المركزي المصري لوضع أسس البنية الرقمية
وتعتبر هذه المشاريع جزءًا من جهود أوسع للبنك المركزي المصري نحو التحول الرقمي في القطاع المالي، وتشمل هذه الجهود تطوير القواعد التنظيمية لتقديم خدمات الحوسبة السحابية والمصادقة الإلكترونية، إضافة إلى تعزيز الجاهزية السيبرانية للبنوك.
كما يواصل البنك العمل على تحسين الشمول المالي، حيث زاد عدد المواطنين الذين يمتلكون حسابات مصرفية ومحافظ إلكترونية، مما يسهم في تسهيل الوصول إلى الخدمات المالية لكافة شرائح المجتمع.
مبادرات البنك المركزي المصري
وعلى مدار السنوات الأخيرة، قطع البنك المركزي المصري خطوات كبيرة نحو تحديث البنية التحتية المالية الرقمية، وقد تمثل ذلك في إطلاق مبادرات عدة تهدف إلى تعزيز استخدام التكنولوجيا في القطاع المالي، من بينها تنظيم سوق الدفع الإلكتروني وتحفيز الشركات الناشئة على تقديم حلول مبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية “FinTech”.
البنك المركزي أطلق أيضًا عددًا من المبادرات لدعم التحول الرقمي في القطاع المصرفي، مثل مبادرة الدفع عبر الإنترنت التي تهدف إلى زيادة استخدام وسائل الدفع الإلكتروني بين المواطنين والشركات، إضافة إلى ذلك، أسس البنك بتأسيس منظومة رقابية تتيح مراقبة وتوجيه الابتكارات المالية الرقمية، بما يضمن توافقها مع المعايير الدولية ومتطلبات الأمان.
كما يشهد السوق المصري اهتمامًا متزايدًا بالتكنولوجيا المالية، مع ظهور عدد من الشركات الناشئة التي تقدم حلولًا مبتكرة في مجالات مثل الدفع الإلكتروني، القروض الرقمية، والتأمين الإلكتروني، ولتحفيز هذا النمو، أطلق البنك المركزي صندوق دعم الابتكار الذي يهدف إلى تمويل الأفكار والمشروعات الرائدة في مجال التكنولوجيا المالية.