فن وثقافة

5 أسباب وراء نجاح مسلسل الحشاشين

أميرة أبوشهبة- تكتب :

بين عشرات المسلسلات المصرية تصدر مسلسل الحشاشين نسب المشاهدات وحالة الجدل المثيرة للتفكير، وحلق خلال أحداثه المتصاعدة فى عالم ساحر من الإبداع الفني غير المسبوق، وفى هذا الموضوع نستعرض ونرصد 5 أسباب وراء نجاح مسلسل الحشاشين

– مسلسل أبدع عالما خاصا متكاملا من خلال قصة حبكها الكاتب عبد الرحيم كمال من بين ثنايا صفحات التاريخ المنسى والمجهول أغلب مراجعه، و مؤثرات الواقع الدامي من أحداث جماعات دينية مشابهة، أخرج لنا أسطورة فنية بملامح حسن الصباح وأباطيل من وحي التطرف الديني، مستعيناً بخطوط عريضة من القصة الحقيقية لطائفة الحشاشين ومضيفاً للحالة تفاصيل الخيال المطلوب للإبداع الفني.
وهنا لم يعد الموضوع مجرد سرد تاريخي لتفاصيل طائفة محددة طالما لم تخل بالعصر أو أصل الفكرة تستطيع أن تصنع ما تشاء، لذلك لا مجال لجدل تطابق أحداث أو سرد دقيق لتاريخ مدرسي فالأمر خرج عن نطاق قصة الحشاشين وهم بالمناسبة لا يوجد لهم مراجع دقيقة تؤصل لتاريخهم ولا تشكل قصتهم لذاتها قيمة تاريخية يجب حفظها بقداسة مثلا!
من أجل ذلك وجدنا الكاتب يحرر نفسه من الأحكام المسبقة ويستخدم التاريخ المسجل للحشاشين كأطار عام ابتكر منه القلعة وليالي أحداثها، وأصفهان وعالم عصرها تحت حكم خلافة عباسية وبطش جنود سلاجقة و دهاليز سياسة حاكمة، وعلوم وخيال لفلاسفة وشعراء الفرس فى وقتهم.
ونجح كمال فى سرد تفاصيل هذا العالم مع بعض السلبيات الواردة فى عمل بهذا الحجم، لكنه حقق معادلة الكتابة لضفائر من الحكي الممتع عبر حلقات متتالية تصاعدت بالأحداث كحالة إدمان تماثل صفة النبات السحري الذى عرفت به هذه الطائفة.
– الإنتاج والإخراج
قدرات الإنتاج الضخمة تحقق الطموحات الفنية الصعبة، خصوصا فى تجسيد عمل ذي تكلفة درامية كبيرة لمسلسل يحكي قصة تاريخية، وهنا استطاع الإنتاج فى تحقيق كل المطلوب من إنتاج عمل متكامل الأركان بقدرات تقنية وأماكن تصوير متعددة داخلية وخارجية، و تجسيد معارك مكلفة إنتاجياً وبمستوي فني مماثل للإنتاج العالمي، لتحقق شركة المتحدة طفرة كبيرة فى عالم إنتاج الدراما المصرية وبمستوى غير مسبوق فى الشرق الأوسط.
كذلك حقق الإخراج بقيادة بيتر ميمي مستوى تقني مذهل، واستطاع المخرج أن يحفر لنفسه مكانة فى مقدمة صفوف مخرجي مصر بإنجاز هذا العمل المتكامل، فمهما كانت تكلفة الإنتاج وإبداع التمثيل بدون قائد للعمل برؤية مخرج قدير لن ينجح العمل فى الوصول لمستوى مسلسل الحشاشين.
– مستوى التمثيل ووجود كريم عبدالعزيز
يعد النجم الجاذب للجمهور عامل مهم فى مشاهدة الأعمال الدرامية لكنه أيضا غير كافي إذا لم يقدم أداء مناسبا لمكانته الفنية، وهنا استطاع كريم عبدالعزيز تقديم أعظم أدواره على الإطلاق، فقد حقق من خلال تجسيد حسن الصباح نقطة تحول فى تاريخه الفني، وفي تاريخ الدراما المصرية نفسها، وصنع نمطا جديدا لتجسيد الأدوار المركبة واتخذ من شخصية الصباح حالة الزعيم الروحي والسياسي الموهوم بالقداسة النرجسية مع الشر المقنع بالإيمان، ليخلق تفاصيل إبداع تقمص غير مسبوقة ليس على مستوى مصر والشرق فقط، بل على مستوى التمثيل فى العالم.
حقق كريم عبدالعزيز مشاهد عالية المستوى بعد أن تسرب للشخصية بكل خلايا تكوينه ليصبح هذا الرجل القاتل المرتدي زي التقديس، وقدم تناقض الشخصية دون إحساس بالنفور أو التعاطف، ليسيطر على العمل بقدرات تمثيله لا بنجوميته أو بمدة ظهوره في الحلقات، ستجده محرك الأحداث وحاضر فى ذهنك حتي في الحلقات التي لم يظهر فيها كثيرا، وستجد حضوره الطاغي بإبداع تقمصه للشخصية حتى فى مشاهد لا ينطق فيها كلمه مثل مشهد مقتل ابنه الحسين فى مشهد بديع متكامل من كل العناصر.
و بالتأكيد ماقبل حسن الصباح ليس كما بعده ليس لكريم فحسب بل لصناعة الدراما المصرية وأداء أدوار الشر.
كذلك أبرز الأداء مفاجئة المسلسل الممثل المبدع سامي الشيخ الذى حول بظهوره وأداءئه مستوى العمل وارتفع رتم الحالة الدرامية من خلال إتقانه المثالي لدور برزك أوميد، كما قدم الممثل أحمد عيد احد أهم أدواره تمثيليا من خلال تجسيد شخصية مركبة”زيد بن سيحون” وحققت ميرنا نور الدين أداء استثنائيا بتجسيد “دنيا زاد” بأداء رائع يدفع بها إلى مقدمة صفوف نجمات مصر.
– تفاصيل عالمية للمسلسل
تقدم هذا العمل بقفزة كبيرة للمستقبل فى الدراما المصرية مقتحماً خطوطا حمراء فكريا ً لمن استطاع أن يقرأ أبعاد الرواية بشكل أعمق، وتجسيد التاريخ باللغة المصرية المعاصرة مما كسر تابوه تقديم كل عمل تاريخي بالفصحي مما عطلنا عن النجاح في أعمال تاريخية مهمة، وسيحقق نجاح الحشاشين سبق فى ذلك الصدد يجعل محاكاته محل اهتمام لصناع الدراما المصريين مما يساهم في تجدد روافد الإبداع لإنتاج أعمال تاريخية متعددة، كما استطاع المسلسل إتقان كافة العناصر من تصوير وإضاءة وديكور وأزياء وتصميم معارك وتقنيات تصوير و جرافيكس
وكل ذلك بإخراج لا يقل عن المستوى العالمي، مما صنع مستوى عاليا جدا للدراما المصرية سيؤرخ فى المستقبل كبداية انطلاق جديدة لتطور وعظمة الفن المصري.

زر الذهاب إلى الأعلى