اقتصاد

5 إجراءات تخفف معاناة الديون وتحل أزمة الدولار في مصر

القاهرة (خاص عن مصر)، تعاني مصر من أزمة في توافر الدولار فضلا عن زيادة الدين الخارجي، وهو ما يضغط على الاقتصاد الوطني ويؤثر سلبًا على معدلات النمو والاستقرار الاقتصادي.

وهناك العديد من الحلول التي يمكن أن تسهم في حل هذه الأزمة والتخفيف من عبء الديون.

اقرأ أيضا: السلع الرفاهية في مصر.. خبراء يكشفون تفاصيل الأزمة ويضعون روشتة الحلول

وتواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، أبرزها أزمة نقص الدولار التي تؤثر بشكل مباشر على قدرة البلاد على استيراد السلع الأساسية وسداد ديونها الخارجية في ظل هذه الأزمة، تبحث الحكومة والخبراء عن حلول مبتكرة ومستدامة لتخفيف الأعباء الاقتصادية واستعادة التوازن المالي، من بين هذه الحلول تأتي مجموعة من الإجراءات الاقتصادية التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدولار، وزيادة الموارد المالية، وتحسين البيئة الاستثمارية.

حلول جذرية لمواجهة أزمة الدولار في مصر

تعد أزمة الدولار في مصر من أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري في الوقت الحالي، حيث يؤثر هذا النقص بشكل مباشر على استقرار السوق المحلي وقدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها الخارجية مع تصاعد حجم الدين الخارجي وارتفاع تكلفة الاستيراد، أصبحت الحاجة ملحة لإيجاد حلول فعالة ومستدامة للتخفيف من هذا العبء.

وتسعى مصر، كغيرها من الدول النامية إلى تحقيق توازن اقتصادي من خلال تطبيق استراتيجيات تساهم في تعزيز إيراداتها من العملات الأجنبية وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

وفي هذا السياق، تبرز عدة إجراءات يمكن أن تساعد في حل أزمة الدولار وتخفيف عبء الديون المتزايدة، مثل مبادلة العملات، زيادة الصادرات، توطين الصناعات، مبادلة الديون باستثمارات، وجذب الاستثمارات الأجنبية، تعتبر هذه الحلول جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى تحقيق الاستقرار المالي ودفع عجلة التنمية الاقتصادية في مصر.

وقال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الدولة نجحت في حل أزمة الدولار من خلال الاستثمارات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية.

وأضاف مدبولي في تصريحات سابقة، أهم شئ كمواطنين، أن نعلم حجم التحدي الكبير الذي يواجه مصر من الداخل قبل الخارج، لافتاً أننا جميعاً نعلم مدي انشغال الرئيس بالملف الخارجي مع كل القوى الخارجية، ودائماً نقول إننا نسير في المنطقة الأكثر التهاباً في العالم بمعني “إحنا ماشيين علي حد السيف”، وهذا واقع حقيقي مصر لها ثقل معين.

الحاجة لسياسات نقدية انكماشية

وحددت الدكتورة عالية المهدي، العميد الأسبق لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، مجموعة إجراءات لحل أزمة الدولار التي تعاني منها مصر، مؤكدة أن مصر بحاجة إلى سياسة نقدية انكماشية، وسياسة مالية توسعية، وحد من الإنفاق الحكومي.

وأضافت، أن “السعر التحكمي” للدولار قرار خاطئ، وتحرير الجنيه أمام الدولار له مخاطر، لكنه طبيعي، مشددة على ضرورة توافر العملات الأجنبية في البنوك قبل تحرير سعر الصرف.

وقالت المهدي: نحتاج تحويلات المصريين في الخارج من خلال تقديم معاملات تفضيلية عن السعر الرسمي للدولار، خاصة أنها انخفضت 15 مليار دولار.

وأكدت، أن معدلات التضخم مازالت مرتفعة، خاصة في السلع الغذائية، حيث وصلت نسبة التضخم لأكثر من 70%، وأن زيادة الأجور لبعض الفئات يزيد من معدل التضخم.

حل مشكلة الدولار ليست في التعويم

وأكد طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم سابقاً، أن حل مشكلة الدولار في مصر ليست في تعويم أو مرونة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، ولكن يتمثل في ضرورة توفر الدولار في البنوك وشركات الصرافة، مشيراً إلى أنه لو توفر سيكون هناك مرونة في الأسعار.

وقال متولي، أنه لو توافر الدولار، وأصبح هناك سعر حر، سيحدث استقرار في حركة الاستيراد والتصدير، وسيحدث استقرار، منوها إلى أن أزمة غزة وجائحة كورونا لم تخلق أزمة الدولار، مؤكداً أن الحرب الروسية الأوكرانية تمثل السبب الرئيسي لمشكلة الدولار في مصر.

ومن جانبه قال إبراهيم محمد، محلل وكاتب، ظهرت أزمة في توفير التيار الكهربائي على مدار الساعة خلال النصف الأول من العام الجاري بسبب نقص العملة الصعبة اللازمة لاستيراد مصادر الطاقة اللازمة لتوليده وعلى رأسها الغاز، وهو الأمر الذي تسبب بانقطاع التيار وتقنين الاستهلاك لعدة ساعات يومياً في مناطق مختلفة من البلاد.

وقال: من المهم أن نراجع كيف تحولت مصر من بلد مصدر للغاز في عام 2022 إلى بلد مستورد له منذ العام الماضي وأسباب تراجع الإنتاج من 3 إلى أقل من 2 مليار متر مكعب في حقل “ظهر” للغاز في البحر المتوسط والذي يُعد أكبر حقل غاز في مصر.

وأوضح إبراهيم محمد، قد يقول قائل كيف يمكن أن تحصل أزمة دولارات في مصر مجدداً رغم أن البلاد تمكنت من حشد نحو 57 مليار دولار إضافية من مصادر خارجية هذه السنة حسب مؤسسة التجارة الخارجية والاستثمار الألمانية.

اقرأ أيضاً.. مدينة مصر توقع عقد شراكة لتطوير مشروع عمرانى مع زهراء المعادى

وأوضح، أن أزمة الدولار لابد من علاج فجوة العجز المزمن في الميزان التجاري التي زادت على 19 مليار دولار خلال العام الماضي 2023، ومكافحة استمرار السوق السوداء للدولار وانتعاشه من فترة لأخرى رغم استقرار غير مسبوق في سعر الجنيه المصري.

وأكد، أن الأمر يحتاج لدراسة تجارب بلدانا كالهند والبرازيل والصين، وهي بلدان رئيسية منتجة ومصدرة لمحاصيل زراعية ومواد غذائية حيوية كالقمح والذرة والأرز واللحوم، وهو أمر ضرورى للحفاظ على الاحتياطي النقدي بالدولار قدر الإمكان تحسباً لأي طارئ محتمل.

ولفت أن شبح أزمة دولارات مجدداً تتجدد المخاوف من نقص العملة الصعبة اللازمة لاستيراد موارد الطاقة بشكل يغطي حاجة السوق المحلية، وعلى هذا الأساس كثر الحديث مؤخراً عن اتخاذ إجراءات الهدف منها جعل سياسة إحلال الواردات أكثر فاعلية من ذي قبل.

استبدال المستورد بالمحلي ومبادلة العملات

وأضاف، مما تعنيه هذه السياسة استبدال المنتجات المستوردة بمنتجات محلية الصنع بهدف تقليل الاعتماد على السلع الأجنبية وتقليص الحاجة إلى الدولار لتمويل الاستيراد، والعمل على تفعيل مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتطوير الصناعة المصرية “ابدأ” بهدف توطين وتطوير الصناعات المصرية وتقليل الاعتماد على الاستيراد، ودعوته في أكتوبر الحالي إلى تصنيع نسبة كبيرة من المنتجات في مصر لتجاوز ما اسماه “تحدي الدولار”.

يذكر أن الرئيس استعرض مؤخراً على هامش افتتاح أحد المشروعات بمحافظة الجيزة بعض السلع التي يتم استيرادها بمبالغ كبيرة كالهواتف الذكية بقيمة 9 مليارات دولار، والسيارات بمبلغ 25 مليار دولار ومستحضرات التجميل والعطور بنحو مليار دولار.

وأشار إلى تعزيز خبرة السنوات القليلة الماضية إلى توسيع نطاق الإنتاج المحلي في أكثر من مجال مثل بعض مكونات السيارات غير المعقدة، والأجهزة المنزلية كالثلاجات والغسالات وأجهزة التكييف، والصناعات الكيماوية كالأسمدة والمبيدات والصناعات النسيجية وصناعة الأقمشة والمفروشات.

وأوضح، أن نجاح سياسة إحلال الواردات وترشيد الاستهلاك في كل الأحوال يشكل جزءاً من الحل الذي يتطلب المزيد من الإصلاحات الاقتصادية الجريئة لمواجهة الضغوط الاقتصادية المتزايدة ليس بسبب التوترات الجيوسياسية وارتفاع الأسعار العالمية وحسب، بل بسبب الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد المصري واستمرار ضعف أدائه في توفير السلع الأساسية للسوق المصرية.

وبخلاف ذلك جاءت مناقشات الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيسين الروسي والصيني بشأن استخدام العملات المحلية في المعاملات التجارية، باباً مهماً لابد من العمل عليه، للتحفيف من الطلب على الدولار كعملة أساس للمبادلات التجارية، وهو ما يممكن تعظيمه وتوسيع نطاق العمل به مع دول “البريكس”.

زيادة الصادرات

حدد شريف الجبلي، رئيس لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب ورئيس غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات المصرية، 3 عوامل رئيسة لمضاعفة صادرات مصر من السلع غير النفطية إلى أسواق القارة السمراء بنحو 3 مرات خلال السنوات الخمس المقبلة.

وقال الجبلي لـ”العربية Business”، إن صادرات مصر إلى الدول الإفريقية، تحديدًا غير العربية منها، لا تمثل أكثر من 1% من إجمالي واردات هذه الدول، وهي نسبة ضعيفة جدًا مقارنة بإمكانات مصر القوية التي يمكن أن تقدمها لأسواق القارة، ورغم وجود اتفاقات تجارية مثل “الكوميسا”.

وأوضح، أن إجمالي صادرات مصر إلى إفريقيا بالكامل تتجاوز 5 مليارات دولار سنويًا، وهذه القيمة يمكن مضاعفتها 3 مرات على أقل تقدير خلال السنوات الخمس المقبلة، لكن بشرط توفير المراكز اللوجيستية، وتواجد البنوك المصرية في الأسواق المستهدفة، و دعم الشركات المصرية في إفريقيا.

أكد الجبلي، أن الفرص كثيرة لزيادة التجارة المشتركة مع إفريقيا، فالصادرات الكيماوية مثلًا تمتلك فرص نمو في أسواق القارة، بالإضافة إلى فرص واسعة لمنتجات أخرى في نحو 55 سوقًا داخل القارة تضم أكثر من 1.5 مليار نسمة.

ومن المهم العمل لفتح حوارات شاملة مع الدول المقرضة لمصر على كيفية البحث في إعادة هيكلة الديون، والتوسع في التجربة الناجحة مع أبوظبي بشأن تحويل جزء من الدين إلى استثمارات، أو في المبادلات التجارية، أو التوظيف في مشروعات قائمة، على أن تكون قطاعات إنتاجية، وتوفر العديد من فرص العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى