الخزف يُقاوم الجرافات.. متحف نبيل درويش يُنقل إلى حدائق تلال الفسطاط

بعد الأزمة الكبيرة التي واجهها متحف الفنان الدكتور نبيل درويش وتهديده بالإزالة في منطقة الحرانية، وما صاحب ذلك من استياء واسع من أسرته ومحبيه ودوائر الفن والثقافة في مصر وخارجها، أعلنت الدولة المصرية عن خطة متكاملة لنقل المتحف إلى مقر جديد أكثر ملاءمة داخل مشروع “حدائق تلال الفسطاط”، أحد أضخم المشروعات الثقافية والترفيهية الجاري تنفيذها في قلب القاهرة.

وسينتقل المتحف إلى مبنى زجاجي حديث يطل على نهر صناعي متفرّع من بحيرات الفسطاط، وبجوار المتحف القومي للحضارة المصرية، في موقع يدمج بين الإطلالة الطبيعية والهوية التاريخية، ضمن أكبر مشروع حدائق تراثية في الشرق الأوسط، ما يضمن بيئة مستدامة لعرض الإرث الفني الغني للفنان الراحل ويعزز مكانة المنطقة كمركز حضاري وفني مفتوح.

من هو د. نبيل درويش؟
وُلد الفنان الدكتور نبيل درويش في 5 سبتمبر 1936 بقرية السنطة بمحافظة الغربية. تخرّج في كلية الفنون التطبيقية عام 1962، وتخصص في فن الخزف، حيث تتلمذ على يد الفنان الكبير سعيد الصدر في مركز الخزف بالفسطاط.

حصل على درجة الماجستير عام 1971، ثم نال الدكتوراه من جامعة حلوان عام 1981، وكانت أول رسالة دكتوراه في مصر تتناول تقنيات صناعة الفوهات السوداء في الأواني الخزفية المصرية القديمة.

وخلال مسيرته، تنقّل بين عدد من الدول العربية مثل الكويت وقطر والبحرين والعراق، باحثًا عن أنواع الطين المحلية ومدونًا خصائصها، ما أثرى خبرته وأعماله.
متحف نبيل درويش.. حلم شخصي أصبح معلمًا ثقافيًا
وفي عام 1983، أسّس نبيل درويش متحفه الشخصي في منطقة الحرانية بطريق سقارة السياحي، على مساحة تقارب 1000 متر مربع، ضمّت مبنى سداسي الشكل وحديقة كبيرة.

ويضم المتحف أكثر من 3500 قطعة خزفية من أعماله، بالإضافة إلى مكتبة شخصية ومعدات فنية، وكان مفتوحًا مجانًا لطلاب كليات الفنون وزوار الفن الراقي، مما جعله مرجعًا متفردًا لفن الخزف في مصر والعالم العربي.

خطر الإزالة.. وأزمة الحفاظ على الإرث
في السنوات الأخيرة، واجه المتحف خطر الإزالة بسبب مشروع توسعة محور المريوطية بمحافظة الجيزة، وتلقت أسرة الفنان إنذارات بالإخلاء، مما أثار ردود فعل واسعة وغضبًا في الأوساط الثقافية.

رغم وعود الجهات الرسمية بتوفير بديل مناسب، رفضت الأسرة عدة مقترحات بديلة، واعتبرتها غير لائقة بمحتوى المتحف ومكانته.
بروتوكول رسمي لحماية التراث
وفي استجابة للأزمة، تم توقيع بروتوكول تعاون لنقل المتحف إلى مبنى الزجاج بمنطقة تلال الفسطاط، حيث سيتم تخصيص جناح بمساحة 500 متر مربع داخل المبنى لعرض مقتنيات الفنان.

وقد وقّع البروتوكول:
•المهندس خالد صديق، رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الحضرية.
•المهندس حمدي محمود السطوحي، مساعد وزير الثقافة والمشرف على صندوق التنمية الثقافية، نيابة عن وزيرة الثقافة.

تضامن واسع ومكانة عالمية
حظيت قضية المتحف بتضامن من نقابة الفنانين التشكيليين، وأعضاء في البرلمان المصري، كما ناشدت الأكاديمية الدولية للخزف التابعة لليونسكو الحكومة المصرية بعدم هدم المتحف، نظرًا لقيمته الفنية والتراثية.

تحوّل نوعي في تلال الفسطاط
يمثل نقل متحف نبيل درويش إلى “مبنى الزجاج” خطوة مهمة نحو جعل منطقة الفسطاط مركزًا حضاريًا وثقافيًا مفتوحًا، يعكس هوية مصر الفنية، ويعزز الربط بين مشروعات التنمية العمرانية والحفاظ على الهوية الثقافية، ضمن نموذج متكامل للتنمية المستدامة، حيث تخطط الدولة تحويل حدائق تلال الفسطاط إلى أكبر مركز ثقافي ترفيهي في المنطقة فتحتضن الحدائق حتى الآن المتحف القومي للحضارة المصرية ومتحف الدكتور نبيل درويش.

