60 يومًا من الصمت مقابل 1000 أسير… هل دقَّت ساعة الهدنة في غزة؟

بينما تعيش غزة واحدةً من أعقد مراحلها السياسية والإنسانية منذ اندلاع الحرب الأخيرة، تلوح في الأفق ملامحُ اتفاق من أجل الهدنة ووقف إطلاق النار، يُتوقع أن يمتد لمدة 60 يومًا، في إطار مساعٍ دولية حثيثة لكبح التصعيد، وإنقاذ ما تبقَّى من النسيج الإنساني في القطاع.

هذا الاتفاق، الذي تتوسَّط فيه واشنطن بالتنسيق مع مصر وقطر، لا يتوقف عند حدود تبادل الأسرى، بل يتوسع ليشمل الانسحابات العسكرية، وترتيبات المساعدات، والتحضيرات لما يسمى بـ”اليوم التالي” في غزة.

تبادل الأسرى

في جوهر الاتفاق المطروح، تلتزم حركة حماس بالإفراج عن عشرة أسرى إسرائيليين أحياء، بالإضافة إلى تسليم جثامين خمسة عشر أسيرًا قُتلوا خلال الحرب.

ويُفترض أن تُسلم الجثامين على ثلاث دفعات متتالية خلال فترة الهدنة، دون أي احتفالات أو مظاهر استعراضية، في محاولة لإبقاء الأجواء السياسية هادئة.

في المقابل، ستطلق إسرائيل سراح ألف أسير فلسطيني على الأقل، من بينهم أكثر من مئة معتقل محكومون بالسجن المؤبد.

وتشير التسريبات إلى أن حماس ستكون من تحدد أسماء الأسرى الإسرائيليين الذين سيتم الإفراج عنهم، بينما لم تتضح بعد المعايير التي ستُعتمد في اختيار الأسرى الفلسطينيين.

 تدفق المساعدات الإنسانية بشروط

إحدى أبرز النقاط التي يشملها الاتفاق تتعلق بالمساعدات الإنسانية، إذ ستُفتح المعابر أمام دخول عشرات آلاف الشاحنات المحمّلة بالغذاء والدواء والمستلزمات الأساسية إلى قطاع غزة طيلة فترة التهدئة. ومع ذلك، لا تزال الخلافات قائمة بشأن آلية توزيع تلك المساعدات.

تصرّ إسرائيل على الإبقاء على سيطرتها عبر ما يُعرف بمؤسسة “غزة الإنسانية” التي أنشأتها مؤخراً في الجنوب، في حين تطالب حماس بإسناد التوزيع بشكل كامل إلى مؤسسات الأمم المتحدة، بوصفها جهة محايدة وتحظى بقبول شعبي ودولي.

انسحابات ميدانية مرهونة بالإفراج

وفق تقارير صحفيةة، يتضمن الاتفاق أيضاً خطوات عسكرية ميدانية، أبرزها انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي من مناطق داخل قطاع غزة.

وبحسب المصادر، ستبدأ إسرائيل الانسحاب من مواقع شمال القطاع بعد الإفراج عن ثمانية أسرى، على أن يُستكمل الانسحاب من مناطق أخرى في الجنوب خلال الأسبوع الأول من التهدئة.

وستتولى فرق فنية من الطرفين، بإشراف الوسيط الأمريكي، تحديد خرائط الانسحاب بالتفصيل، في عملية يُفترض أن تتم بسرعة وتحت مراقبة مباشرة من الوسطاء لضمان عدم انهيار الاتفاق.

تفاوض على “اليوم التالي”

الاتفاق لا يكتفي بوقف إطلاق النار، بل يُمهّد لمفاوضات شاملة تتناول مستقبل القطاع بعد انتهاء القتال. وتشمل هذه المفاوضات أربعة محاور رئيسية: استكمال ملف تبادل الأسرى، الترتيبات الأمنية الدائمة في غزة، إدارة المرحلة الانتقالية أو ما يُعرف بـ”اليوم التالي”، وأخيرًا إعلان وقف دائم لإطلاق النار.

وفي اليوم العاشر من الهدنة، تُلزم حماس بتقديم معلومات موثقة حول مصير الأسرى الإسرائيليين المتبقين، بما في ذلك تقارير طبية دقيقة. بالمقابل، تقدم إسرائيل قائمة تفصيلية بأسماء الفلسطينيين الذين اعتقلوا بعد السابع من أكتوبر ، في خطوة تهدف إلى تقليص فجوة الثقة بين الطرفين قبل الدخول في مفاوضات أكثر حساسية.

خلافات تعرقل الهدنة في غزة

ورغم التقدم في خطوط التفاهم، إلا أن الاتفاق لا يزال يواجه عدة عُقد سياسية وأمنية تهدد بتأجيل إقراره. فإسرائيل، من جانبها، ترفض إطلاق سراح عدد من الأسرى الفلسطينيين الذين تصفهم بـ”الخطيرين”، بينما تُصر حماس على شمولهم ضمن الصفقة.

كما ترفض تل أبيب مطلب حماس القاضي بانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى المواقع التي كان يسيطر عليها قبل انهيار اتفاق وقف النار السابق في مارس، وتُبدي تحفظًا على إعادة تموضع قواتها قبل ضمانات إضافية.

ويضاف إلى ذلك الخلاف حول إشراف الأمم المتحدة على توزيع المساعدات، وهو مطلب تراه إسرائيل تهديدًا لسيطرتها الميدانية في الجنوب، وتخشى من استغلاله سياسياً في الساحة الدولية.

مواقف متباينة حول الهدنة في غزة

بحسب موقع “واي نت” الإسرائيلي، فإن حركة حماس قدمت ما وصف بـ”رد إيجابي” للوسطاء بشأن المقترح، ما يُشير إلى وجود قبول مبدئي داخل الحركة للاتفاق الجديد، على الأقل في خطوطه العامة. في المقابل، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن حكومته وافقت على الصفقة وتنتظر الرد الرسمي من حماس.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد علّق على المبادرة عبر منصته “تروث سوشيال”، مؤكدًا أن إسرائيل وافقت على الشروط المقترحة، داعياً حماس إلى عدم تفويت الفرصة، قائلاً: “لن يكون هناك عرض أفضل… بل ستسوء الأمور أكثر”.

اقرأ أيضًا: تسريبات حول هجوم واسع لـ الدعم السريع بالمسيرات على بورتسودان| ما علاقة أوكرانيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى