600 شهيد وجريح خلال أيام.. كيف تحولت مراكز المساعدات في غزة إلى مصائد للموت؟

في وقتٍ يبحث فيه الجوعى عن فتات يسدّ رمقهم وسط الدمار والحصار، تحوّلت مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزة إلى مصائد موت حقيقية.
فبدلاً من أن تكون ممرًا للنجاة، باتت هذه المراكز نقاط استهداف مباشر، يسقط فيها الشهداء بالعشرات كل يوم، في مشهد يُجسد عمق الكارثة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، اليوم الثلاثاء، استشهاد 27 فلسطينيًا وإصابة العشرات، إثر إطلاق جيش الاحتلال النار بشكل مباشر على حشود من المواطنين أثناء توجههم لتلقّي مساعدات غذائية في مدينة رفح جنوبي القطاع.
الجيش الإسرائيلي لم ينكر الحادث، بل أقر بإطلاق النار زاعمًا أن قواته “تعرضت للخطر”، رغم أن الضحايا كانوا مدنيين عزّل يسعون وراء شحنة غذائية تقيهم الهلاك.
102 شهيد و490 مصابًا أمام مراكز المساعدات في غزة خلال 8 أيام
الأرقام التي وثقها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة تعكس حجم المأساة. فقد ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين أمام مراكز توزيع المساعدات إلى 102 شهيد و490 مصابًا في غضون 8 أيام فقط.
ووصف المكتب هذه المراكز، التي يُفترض أن تخفف من الجوع، بأنها “مصائد موت جماعي” و”أفخاخ دموية” تُقام في مناطق مكشوفة تخضع لسيطرة الاحتلال.
وقال البيان:”ما يُسمى بمراكز توزيع المساعدات، والتي تُقام في مناطق حمراء خطيرة، تحوّلت إلى مصائد دم جماعية، يُستدرج إليها المدنيون بفعل المجاعة، ثم يُطلق عليهم النار بدم بارد.”
جدل حول الآلية الأمريكية–الإسرائيلية لتوزيع المساعدات في غزة
وفق تقارير تثير ما يُعرف بـ”الآلية الأمريكية–الإسرائيلية لتوزيع المساعدات” جدلًا واسعًا، لا سيما بعد أن ارتبطت هذه الآلية بسقوط ضحايا مدنيين بشكل متكرر.
وتقول حركة حماس إن هذه الطريقة ليست سوى غطاء لـ”مشاريع تهجير قسري” هدفها تفريغ غزة من سكانها.
في بيانها الرسمي، وصفت الحركة المجازر المتكررة بأنها “جريمة إبادة جماعية متعمّدة”، مشيرة إلى أن “استهداف الجوعى في لحظة بحث عن القوت يكشف طبيعة هذا العدو الفاشي الذي يستخدم الجوع والقصف سلاحين للقتل والتهجير”.
انتقادات أممية لـ”مصائد المساعدات”
من جهتها، أعربت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ، مؤكدة أن “عرقلة وصول الغذاء وإمدادات الإغاثة قد تشكل جريمة حرب”.
وطالبت المفوضية بإجراء “تحقيق سريع ونزيه” في الهجمات التي تطال المدنيين أثناء محاولاتهم الحصول على المساعدات.
وبينما تسعى مؤسسات دولية لتوزيع المساعدات، وعلى رأسها مؤسسة غزة الإنسانية المدعومة من الولايات المتحدة، يُثار الكثير من الجدل حول مدى التزام هذه الجهود بالمبادئ الإنسانية، خاصة بعد انتقادات لاذعة من الأمم المتحدة ومنظمات خيرية مرموقة قالت إن هذه المؤسسة “لا تلتزم بمعايير العمل الإنساني المستقلة”.
مدفعية ضد الجوعى أمام مراكز المساعدات في غزة
مصادر محلية أكدت أن الجيش الإسرائيلي استخدم المدفعية لقصف جموع الجائعين، في مشهد بدا مقصودًا لتكريس القتل كسلوك ممنهج.
وقال شهود عيان إن مدنيين، بعضهم نساء وأطفال، كانوا يركضون حُفاة خلف شاحنات المساعدات حين بدأ إطلاق النار.
تصعيد ميداني ونزوح جماعي
بالتزامن مع المجازر عند مراكز المساعدات، يواصل الاحتلال تصعيده العسكري، حيث أصدر أوامر بإخلاء أجزاء جديدة من مدينة خان يونس جنوبي القطاع، ما تسبب في موجة نزوح جديدة لعائلات أنهكها التهجير المتكرر.
في غضون ساعات، سجلت وزارة الصحة استشهاد 60 فلسطينيًا في قصف استهدف مناطق مختلفة من القطاع، بينهم 42 في رفح وخان يونس فقط.
دعوات لفتح ممرات إنسانية تحت إشراف دولي
كما دعت حركة حماس ومؤسسات حقوقية ومجتمعية في غزة إلى وقف العمل بما سمته “الآلية القاتلة”، وفتح ممرات إنسانية آمنة بإشراف دولي، بعيدًا عن تحكم الاحتلال.
وأكدت هذه الجهات أن تحويل المساعدات إلى أداة قمع سياسي وأمني، يُعد جريمة مركبة تقوم على التجويع المتعمّد والقتل المنهجي، ولا يمكن القبول باستمرارها تحت أي مسمى.
اقرا أيضا:إغلاق قواعد وسحب جنود.. هل بدأت أمريكا خطوات الخروج العسكري من سوريا؟