600 يوم من الحرب.. متى تنجح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة؟

مع دخول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الستمائة، تتفاقم الأزمة الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يكابد سكان القطاع المحاصر ظروفاً هي الأقسى منذ عقود طويلة.

وفق تقارير لم يعد الأمر مجرد نقص في الغذاء والدواء، بل وصل إلى حد المجاعة الحقيقية، وهو ما دفع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى وصف غزة بأنها أصبحت فعلياً “أكثر الأماكن جوعاً على وجه الأرض”.

الحرب في غزة التي تحولت إلي مأساة إنسانية تلقي بظلالها الكثيفة على المشهد، وتزيد من إلحاحية البحث عن مخرج سياسي ينهي دوامة العنف المستمرة.

مظاهرات في إسرائيل لوقف الحرب

في خضم هذه الأجواء القاتمة، ومع مرور 600 يوم بالتمام والكمال على بدء الحرب  في غزة تتعالى الأصوات داخل إسرائيل المطالبة بإنهاء الحرب وإعادة المحتجزين.

وشهدت تل أبيب، يوم الأربعاء الماضي، تظاهرات حاشدة شارك فيها آلاف الإسرائيليين الذين تجمعوا في “ساحة الرهائن” الشهيرة وسط المدينة.

بارقة أمل دبلوماسية تلوح في الأفق

على المسار السياسي والدبلوماسي، يبدو أن هناك تحركات مكثفة قد تفضي إلى انفراجة قريبة. تصريحات متفائلة صدرت عن الإدارة الأمريكية، حيث أشار الرئيس دونالد ترمب، خلال مؤتمر صحفي، إلى أن “الأمور تسير بشكل جيد للغاية”، مؤكداً في الوقت ذاته على جهود إدارته لتسريع وتيرة إيصال المساعدات الغذائية الحيوية إلى الفلسطينيين في غزة.

هذا التفاؤل عززه المبعوث الأمريكي الخاص للمنطقة، ستيف ويتكوف، الذي انخرط بشكل مباشر في المفاوضات الجارية. ويتكوف، الذي يتمتع بخبرة واسعة في تعقيدات المنطقة، أعرب عن “انطباعات جيدة جداً” بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، متوقعاً أن يتم طرح اقتراح جديد ومفصل على الطاولة قريباً جداً.

تفاصيل المقترح الأمريكي الجديد لوقف الحرب في غزة

بدأت تتكشف ملامح المقترح الذي يحمله المبعوث ويتكوف، والذي يبدو أنه يمثل محاولة جادة لسد الفجوات بين مواقف الطرفين.

وفقاً لتقارير صحفية يتضمن المقترح الأمريكي وقفاً لإطلاق النار يستمر لمدة 60 يوماً. خلال هذه الفترة، تلتزم حركة حماس بإطلاق سراح 10 من المحتجزين الإسرائيليين الذين لا يزالون على قيد الحياة، بالإضافة إلى تسليم جثامين 18 محتجزاً آخرين.

ومن المقرر أن يتم تنفيذ نصف هذه العملية (إطلاق 5 أحياء وتسليم 9 جثامين) في اليوم الأول من بدء سريان الاتفاق، والنصف الآخر في اليوم السابع.

في المقابل، ينص المقترح على قيام إسرائيل بإطلاق سراح 125 أسيراً فلسطينياً من أصحاب الأحكام العالية (المحكوم عليهم بالمؤبد). بالإضافة إلى ذلك، وبحسب ما أوضحته حركة «حماس» تعليقاً على المقترح، سيتم إطلاق سراح 1111 أسيراً فلسطينياً آخرين تم اعتقالهم من قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر، وتسليم 180 جثماناً فلسطينياً كانت تحتجزهم إسرائيل.

ضمانات أمريكية لوقف الحرب في غزة

نقطة جوهرية أخرى في المقترح، أكدتها حماس، هي وجود ضمانات أمريكية واضحة بأن المفاوضات ستستمر بشكل إيجابي وبنّاء خلال فترة الستين يوماً، بهدف الوصول إلى اتفاق شامل لوقف دائم لإطلاق النار، وليس مجرد هدنة مؤقتة.

كما يشمل المقترح انسحاباً للقوات الإسرائيلية من مناطق داخل القطاع إلى خطوط يتم الاتفاق عليها مسبقاً، وتطبيق آليات متعددة لضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ومستمر طوال فترة وقف إطلاق النار.

تفاؤل حذر ومواقف متباينة تجاه وقف الحرب في غزة

البيت الأبيض، بحسب ما نقلته مصادر أمريكية لموقع “أكسيوس” الإخباري، يبدي تفاؤلاً حذراً بأن هذا المقترح الجديد قد ينجح فعلاً في تقريب وجهات النظر وتمهيد الطريق نحو اتفاق قد يتم التوصل إليه “خلال أيام” قليلة، شريطة أن يبدي الطرفان مرونة كافية ويقدما التنازلات اللازمة.

هذا التفاؤل يستند إلى قناعة بأن الاتفاق، حتى لو بدأ كوقف مؤقت لإطلاق النار، يمكن أن يتطور ليصبح أساساً لإنهاء دائم للحرب التي دخلت شهرها التاسع عشر وخلفت، أكثر من 54 ألف قتيل.

حركة حماس، من جانبها، أعلنت عن موافقتها المبدئية على الإطار العام للمقترح، مؤكدة على أهمية الضمانات الأمريكية لاستمرارية المفاوضات نحو وقف دائم للنار وانسحاب كامل للقوات الإسرائيلية.

أما على الجانب الإسرائيلي، فالأنظار تتجه إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي أفادت مصادر بأنه سيعقد اجتماعاً وزارياً مصغراً يضم وزراء الخارجية والمالية والأمن القومي لمناقشة المقترح الأمريكي وتحديد الموقف الإسرائيلي الرسمي منه.

تبقى الأيام القليلة القادمة حاسمة لمعرفة ما إذا كانت هذه الجهود الدبلوماسية المكثفة ستنجح أخيراً في إسكات صوت المدافع وفتح صفحة جديدة في غزة، أم أن شبح الحرب سيستمر في خيمته على القطاع المنكوب.

اقرأ أيضا

رامي مخلوف يحذر: “يوليو شهر الأحداث الكبرى”.. هل يمهد لانقلاب ناعم في سوريا؟

زر الذهاب إلى الأعلى