700 صاروخ في العام.. روسيا تضاعف إنتاج “إسكندر-إم”| سباق لفرض الهيمنة على أوكرانيا

في ظل استمرار الصراع الروسي الأوكراني وتصاعد المواجهة مع الغرب، بدأت روسيا في تنفيذ تحوّل استراتيجي بالغ الأهمية: زيادة إنتاج صواريخ “إسكندر-إم” الباليستية ثلاث مرات ليصل إلى 700 صاروخ في عام 2024 وحده، بحسب تقارير استخباراتية أوكرانية نقلها معهد دراسات الحرب.
هذه الطفرة الصناعية لا تُعدّ مجرد إنجاز تقني، بل تعكس عقيدة روسية جديدة تقوم على التخزين والردع والضغط المتواصل على الجبهة الأوكرانية، وتمتد تبعاتها نحو حدود حلف الناتو.
تصاعد إنتاج روسيا من صواريخ إسكندر .. من الكم إلى الكتلة النارية
ارتفعت وتيرة إنتاج صواريخ “إسكندر-إم” من 250 صاروخاً عام 2023 إلى 700 صاروخ في 2024، بحسب مصادر في مديرية الاستخبارات الأوكرانية.
هذه الزيادة الكمية تمثّل قفزة كبيرة تُتيح لموسكو تنفيذ ضربات مستمرة بمعدل 50 صاروخاً شهرياً، دون المخاطرة بنفاد المخزون في المدى المنظور.
ويُقدَّر حالياً امتلاك روسيا 600 صاروخ من طراز “إسكندر-إم” و300 صاروخ كروز من طراز “إسكندر-ك”.
القدرات التقنية: سرعة تفوق الصوت ودقة مميتة
صاروخ “إسكندر-إم” يُمثّل أحد أعمدة الردع التكتيكي الروسي، إذ يصل مداه إلى 500 كيلومتر، ويطير بسرعة تتراوح بين 6 و7 ماخ، مما يجعله صعب الاعتراض من أنظمة الدفاع الغربية مثل “باتريوت”.
وتتميّز رؤوسه الحربية القابلة للتبديل بين التفجير الشديد أو الانشطاري أو النووي بقدرة تدميرية عالية، مع هامش خطأ لا يتجاوز 7 أمتار.
أما النسخة “إسكندر-ك” فهي صاروخ كروز منخفض التحليق مصمم لتفادي الرادارات، يُستخدم لضرب البنية التحتية الحيوية.
مصنع فوتكينسك .. قاعدة الإنتاج المعزّزة
تُعد منشأة “فوتكينسك” في منطقة الأورال القلب النابض لهذه القفزة الصناعية. ومنذ عام 2022، ضاعفت روسيا عمال المصنع بإضافة 2500 موظف جديد، كما شيّدت قاعات إنتاج حديثة وزوّدته بمعدات مستوردة من دول صديقة مثل الصين وتايوان وبيلاروسيا.
إلى جانب صواريخ “إسكندر”، تنتج فوتكينسك أيضًا صواريخ “يارس” و”بولافا” وربما طرازات أسرع من الصوت مثل “أوريشنيك”.
تمويل بلا سقف.. كيف تتفادى موسكو الإفلاس؟
رغم القيود، تُموّل موسكو هذا التوسع من ميزانية دفاع بلغت 112 مليار دولار عام 2024، أي أكثر من 6% من ناتجها المحلي.
كما تستغل صندوق الثروة السيادي البالغ 120 مليار دولار، وتعتمد على صادرات النفط والغاز التي تدرّ نحو 180 مليار دولار سنويًا.
وزادت القروض الدفاعية بنسبة 15% هذا العام، مما يمنح قطاع الإنتاج الحربي أولوية على حساب الإنفاق المدني.
التفاف ذكي على العقوبات .. التكنولوجيا تأتي من الشرق
العقوبات الغربية لم تُوقِف الإنتاج الروسي، بل دفعت موسكو إلى بناء شبكة توريد بديلة تعتمد على الصين وتركيا وكازاخستان وبيلاروسيا.
وتُشير التقارير إلى أن صادرات الصين من الإلكترونيات الدقيقة إلى روسيا زادت بنسبة 20%، في حين تُمرّر أدوات تايوانية عبر وسطاء. صحيح أن الجودة قد تتراجع، لكن الكم يبقى مستمرًا.
تداعيات جيوسياسية .. تهديد للناتو وأوكرانيا معًا
لا تقتصر تداعيات هذا التصعيد على أوكرانيا فحسب، بل تمتد إلى جناح الناتو الشرقي، لا سيّما بولندا ودول البلطيق الواقعة ضمن مدى “إسكندر”.
وقد دفع هذا التهديد الحلف إلى نشر بطاريات “باتريوت” إضافية، رغم تكلفتها الباهظة. في المقابل، تُراهن موسكو على حرب استنزاف طويلة تُضعف الدعم الغربي لكييف مع مرور الوقت.
هل ينجح رهان روسيا؟
الإنتاج الضخم لصواريخ “إسكندر-إم”، مقرونًا بنقل الموارد من الرعاية الصحية إلى الدفاع، يُجسّد تحوّل روسيا إلى “اقتصادد حرب”.
ورغم الضغوط الداخلية المحتملة، تواصل موسكو تعزيز ترسانتها، مدعومةً بعائدات النفط وحلفاء تقنيين غير غربيين.
لكن مدى استدامة هذه الاستراتيجية سيعتمد على صمود الداخل الروسي وتماسك العقوبات الغربية، وهو ما ستحدده الأشهر القادمة.
اقرأ أيضاً.. أمريكا تطلق “LRDR”.. درع صاروخي جديد بمدى 2500 ميل لمواجهة تهديدات روسيا والصين وكوريا الشمالية