90 دقيقة مع الشرع.. هل تمهد زيارة وفد الكونجرس لتطبيع العلاقات بين سوريا وأمريكا؟
في خطوة وُصفت بأنها تحول لافت في سياسة أمريكا تجاه سوريا، أجرى عضوان من الكونجرس الأمريكي زيارة نادرة إلى العاصمة السورية دمشق، هي الأولى منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد أواخر العام الماضي.
وبحسب تقارير تأتي الزيارة في ظل إشارات متزايدة على انفتاح أمريكي مشروط على القيادة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع.
لقاء بين الرئيس السوري وأعضاء من الكونجرس الأمريكي
وكشفت وسائل إعلام أن النائبين الجمهوريين كوري ميلز عن ولاية فلوريدا ومارلين ستوتزمان عن ولاية إنديانا التقيا بالرئيس السوري أحمد الشرع في جلسة مغلقة استمرت نحو 90 دقيقة مساء الجمعة.
تناول اللقاء ملفات أساسية في العلاقة بين واشنطن ودمشق، وعلى رأسها العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، والنفوذ الإيراني المتزايد داخل البلاد.
وقال مصدر أمريكي مطلع على اللقاء إن المحادثات اتسمت بـ”الانفتاح والحذر”، حيث عرض الجانب السوري رؤيته لمرحلة ما بعد الحرب، بينما شدّد الوفد الأمريكي على ضرورة التزام دمشق بضبط علاقتها مع ما يعرف بمحور “المقاومة”، خاصة إيران وحزب الله.
شروط أمريكا لتخفيف العقوبات على سوريا
تأتي هذه الزيارة في وقت تدرس فيه الولايات المتحدة مجموعة من الشروط لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، وتشمل هذه الشروط إخراج المقاتلين الأجانب من مراكز القرار العسكري والسياسي، وضمان عدم استخدام الأراضي السورية لتمويل أو دعم جماعات مصنفة إرهابية، إلى جانب احترام التعددية السياسية والدينية.
ويرى مراقبون أن زيارة النائبين – وهما من الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري – تعكس توجهاً أمريكياً لفتح قنوات تواصل مع النظام الجديد في سوريا، لكن دون اتخاذ خطوات مباشرة نحو التطبيع الكامل.
أمريكا تقيم خياراتها في سوريا
الزيارة تأتي أيضاً في سياق متغيرات إقليمية متسارعة، إذ تدرك واشنطن أن استمرار سياسة العزل قد يُفسح المجال أمام دول مثل الصين وروسيا أو إيران لتعزيز نفوذها داخل سوريا.
وقال النائب ستوتزمان إن “من مصلحة الولايات المتحدة أن تبقي سوريا خارج نفوذ طهران”، مؤكداً أن هناك فرصة لبناء علاقة جديدة تحقق التوازن بين المصالح الأمريكية والتغيرات على الأرض.
جدل حول ماضي الرئيس السوري أحمد الشرع
ورغم هذه الإشارات إلى تحول في السياسة الأمريكية، لا تزال تحفظات واشنطن قائمة، خاصة ما يتعلق بشخص الرئيس السوري أحمد الشرع، الذي ارتبط سابقاً بتنظيم القاعدة خلال تواجده في العراق وسوريا.
ورغم انشقاقه لاحقاً عن التنظيم وتشكيل “هيئة تحرير الشام”، إلا أن اسمه لا يزال مدرجًا ضمن لوائح العقوبات الأمريكية والدولية.
وبحسب تقارير يبدو أن الواقعية السياسية بدأت تفرض نفسها في واشنطن، حيث باتت بعض الدوائر ترى في تغيير القيادة السورية فرصة لإعادة تشكيل التوازن الإقليمي، حتى وإن جاء التغيير من خارج القنوات التقليدية التي كانت تدعمها الولايات المتحدة سابقاً.
جولة في دمشق ولقاءات مع ممثلين عن الأقليات
تضمنت الزيارة جولة في مناطق مدمرة من العاصمة، إضافة إلى لقاءات مع ممثلين عن الطائفة المسيحية، في خطوة تهدف إلى اختبار مدى التزام الحكومة السورية الجديدة بمبدأ التعددية والانفتاح على جميع المكونات.
وقال النائب ستوتزمان: “نريد أن نرى كيف ستتعامل دمشق مع التعددية الدينية والسياسية، وهل ستحكم البلاد بطريقة تستوعب جميع مكوناتها”، مضيفًا: “أملنا أن تكون هناك حكومة قوية يدعمها الشعب السوري”.
الموقف من الضربات الإسرائيلية وخفض القوات الأمريكية
كما تطرق الوفد الأمريكي إلى مسألة الضربات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، إذ عبّر مواطنون سوريون عن قلقهم خلال لقاءاتهم مع الوفد بشأن الهجمات الأخيرة التي طالت مواقع عسكرية في الجنوب والعاصمة.
وقال ستوتزمان إن “إسرائيل تسعى لإبقاء سوريا مفككة وضعيفة”، معبراً عن أمله في بناء علاقة مستقبلية قوية بين دمشق وتل أبيب.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية عن خطة لخفض عدد الجنود الأمريكيين في سوريا إلى أقل من ألف جندي خلال الأشهر المقبلة.
وقال المتحدث باسم البنتاغون شون بارنيل إن وزير الدفاع أمر بـ”إعادة تموضع” القوات الأمريكية، مع التأكيد على استمرار العمليات ضد ما تبقى من تنظيم الدولة الإسلامية.
أمريكا وسوريا بين التطبيع واختبار المواقف
ووفق تقارير فرغم أن الزيارة لا تمثل حتى الآن اختراقاً دبلوماسياً أو إعلانًا عن تغيير جذري في السياسة الأمريكية، إلا أنها تشير إلى بداية تحول في طريقة التعامل مع سوريا.
ويبدو أن الإدارة الأمريكية تفتح الباب أمام حوار مشروط، هدفه فك الارتباط بين دمشق وطهران، وإعادة إدماج سوريا في التوازنات الإقليمية دون المساس بالمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
اقرأ أيضا
3 اشتراطات أمريكية جديدة على سوريا مقابل تخفيف العقوبات.. ما علاقة الفلسطينيين؟
