F-35 في مهب الريح.. الجيش الأمريكي يخفض طلبات الشراء| هل ينتهي مستقبل الطائرة الشبحية؟

أحدث قرار وزارة الدفاع الأمريكية بخفض عدد طائرات F-35 المطلوبة من 48 إلى 24 فقط في ميزانية السنة المالية 2026 صدمة في أوساط الدفاع الأمريكية والدولية.
فالبرنامج الذي يُعدّ الأضخم والأعلى تكلفة في تاريخ الطيران الحربي، بات يواجه الآن تحديات استراتيجية ومالية تهدد استمراريته بالشكل المخطط له.
الجيش الأمريكي يخفض طلبات شراء المقاتلة F-35 للنصف
تضمنت الميزانية المقترحة الموجهة للكونجرس هذا الأسبوع طلباً لشراء 24 طائرة من طراز F-35A فقط، في خفض حاد عن العدد الذي كان متوقعاً.
القرار يأتي في سياق توجّه الإدارة الأمريكية لضبط النفقات العسكرية، مما يفتح الباب لإعادة تقييم شاملة للأولويات، خاصةً مع تصاعد التكاليف والتحديات التقنية للبرنامج.
تاريخ طويل من الطموح والإخفاقات
انطلق برنامج F-35 من مبادرة “المقاتلة الضاربة المشتركة” في تسعينيات القرن الماضي، بهدف توحيد أسطول طيران الجيش الأمريكي عبر نسخ متعددة للقوات الجوية والبحرية والمارينز.
ورغم التصميم الطموح الذي يجمع بين التخفي، والاستشعار المتقدم، والحرب الشبكية، عانى البرنامج من تأخيرات وأعطال وتضخم في الميزانية، لتبلغ تكلفته الإجمالية التقديرية أكثر من تريليوني دولار.
رؤية البنتاجون: جيش أكثر رشاقة وأقل كلفة
يعكس تقليص طلبات F-35 تحوّلاً في التفكير داخل وزارة الدفاع، إذ تسعى الإدارة الحالية بقيادة وزير الدفاع بيت هيجسيث إلى تخفيض الإنفاق على المقاتلات المأهولة بنسبة 8% على مدى خمس سنوات، مع إعطاء الأولوية للتقنيات الناشئة والأنظمة غير المأهولة، على حساب بعض البرامج التقليدية مرتفعة التكلفة.
صعود الطائرات بدون طيار يعيد رسم معالم المعركة
من أبرز المستفيدين من إعادة التوزيع المالي هو برنامج “الطائرات القتالية التعاونية”، الذي يهدف لتطوير المسيرات “طائرات بدون طيار” ذكية قادرة على العمل جنباً إلى جنب مع الطائرات المأهولة.
هذه الأنظمة توفر مرونة أكبر وتكلفة أقل ومخاطرة محدودة، ما يجعلها أكثر جاذبية في بيئة عسكرية متغيرة.
صدمة في الصناعة الدفاعية الأمريكية
القرار يُهدد باضطرابات في خطوط إنتاج شركة لوكهيد مارتن، المقاول الرئيسي للطائرة، ويؤثر على عشرات الآلاف من الوظائف المرتبطة بالبرنامج في منشآت مثل فورت وورث في تكساس.
كما يضع مورّدين رئيسيين مثل “برات آند ويتني” وغيرهم في دائرة القلق من تداعيات تقليص الإنتاج.
حلفاء أمريكا في حالة ترقّب
يشكل خفض الطلبات الأمريكية مصدر قلق للدول الشريكة في البرنامج مثل بريطانيا واليابان وأستراليا وإسرائيل، التي استثمرت مليارات في شراء وصيانة طائرات F-35.
وقد يدفع أي تراجع أمريكي هذه الدول إلى إعادة التفكير في خططها، مما قد يُضعف قابلية التشغيل البيني والاعتماد على البرنامج كأداة ردع استراتيجية.
اقرأ أيضاً: سباق أعماق البحار.. أمريكا تواجه عقبات في إنتاج الغواصات النووية وسط تقدم روسيا والصين
الكونجرس: معركة قادمة حول مستقبل F-35
يحظى البرنامج بدعم واسع في الكونجرس الأمريكي، خاصة من ممثلي الولايات المعنية بالإنتاج.
ومن المرجح أن تواجه خطة التخفيض مقاومة شديدة، خصوصًا في ظل تصاعد التوترات العالمية وتنامي التهديدات من الصين وروسيا اللتين تطوران بدورهما مقاتلات متقدمة من الجيل الخامس.
انتقادات تقنية وشعبوية تتزايد
باتت طائرة F-35 هدفاً سهلاً للانتقاد، بسبب أعطالها التقنية المستمرة وارتفاع تكاليفها التشغيلية.
كما أثيرت شكوك حول مدى الحاجة لمقاتلات مأهولة في عصر تتسارع فيه وتيرة تطور الطائرات بدون طيار وحروب الفضاء الإلكتروني، وسط دعوات لمزيد من المساءلة على الإنفاق الدفاعي.
الآثار الاستراتيجية: إعادة تصور هيكل القوة الجوية
سلاح الجو الأمريكي كان يخطط لشراء 1763 طائرة F-35A لتحل محل F-16 وA-10، لكن التخفيضات الأخيرة قد تفرض الاعتماد لفترة أطول على طائرات قديمة أو الإسراع في تطوير بدائل أرخص وأقل تعقيداً.
غير أن الأنظمة غير المأهولة لم تصل بعد إلى الجاهزية الكاملة لتولي أدوار السيطرة الجوية بشكل كامل.
البحرية والمارينز ليسوا بمنأى عن التخفيضات
يشمل التقليص كذلك فروعًا أخرى من الجيش. فقد طلبت البحرية الأمريكية 12 طائرة F-35C بدلاً من 17، بينما قلّص مشاة البحرية طلباتهم إلى 11 طائرة فقط من النسخة F-35B.
ويعكس ذلك ضغوطاً مماثلة لتقليص الكلفة التشغيلية وتحقيق أقصى استفادة من الموارد المحدودة.
هل ينقلب الرهان؟
يمثل خفض طلبيات F-35 اختبارًا حقيقيًا لمستقبل الهيمنة الجوية الأمريكية، خاصةً في ظل منافسة دولية شديدة.
ومع احتدام النقاش داخل الكونجرس وبين الحلفاء والمقاولين، يبقى مصير الطائرة الشبح الأكثر طموحًا في العالم مرهونًا بموازنة دقيقة بين الابتكار والكفاءة والواقعية الاقتصادية.
اقرأ أيضاً.. دولة عربية تشتري أسلحة بملايين الدولارات من إسرائيل.. وتقارير: نتنياهو وافق على الصفقات