أزمة الرواتب تعمق الخلاف بين أربيل وبغداد.. هل اقتربت القطيعة بين حكومتي العراق؟

تعيش العلاقة بين حكومة إقليم كردستان العراق بـ أربيل والحكومة الاتحادية في بغداد لحظة حرجة، بعد أن تفاقمت أزمة الرواتب وتسببت في تصعيد سياسي غير مسبوق، وسط تحذيرات من انزلاق العلاقة نحو قطيعة قد تهدد وحدة الموقف الوطني في العراق.
وبحسب وسائل إعلام عراقية، يُعقد اليوم اجتماع مهم في أربيل، تأمل الأوساط الشعبية أن يسفر عن قرارات حاسمة تنهي أزمة تأخر الرواتب التي ألقت بظلالها الثقيلة على أكثر من 1.2 مليون موظف في الإقليم، في وقت تتزايد فيه حدة التوترات بين أربيل وبغداد، عقب قرار الحكومة الاتحادية تعليق صرف رواتب موظفي الإقليم لشهر مايو 2025.
خيارات أربيل المفتوحة في مواجهة بغداد
وفق تقارير، أمام حكومة الإقليم عدة خيارات للرد على ما تعتبره “قرارًا مسيسًا”، يتراوح بين المسارات القانونية والسياسية والدبلوماسية، وصولًا إلى التصعيد في حال استمرار الأزمة، حيث تمتلك أربيل أوراق ضغط مؤثرة، أبرزها الدعم الأمريكي والدولي، وورقة التنسيق الأمني في الحرب ضد تنظيم “داعش”.
وفي هذا السياق، حذر القيادي البارز في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هوشيار زيباري، من أن “قرار إيقاف التمويل يُعد عقابًا جماعيًا”، وهو تصريح يعكس تصاعدًا حادًا في لهجة أربيل، وربما يشير إلى بداية مسار تصادمي بين الجانبين.
قرار حكومة السيد السوداني الاطار التنسيقي بايقاف تمويل رواتب موظفي اقليم كردستان و في توقيت سئ جدا لمعاقبة جماعية و تجويع لمواطني الاقليم من خلال التشبث بحجج مالية وإدارية سوف لن يمر مرور الكرام و بدون عواقب فنحن لا نعيش في مدينة فاضلة و تاريخنا السياسي يؤشر بان المعتدي سيعاقب.
— Hoshyar Zebari (@HoshyarZebari) June 3, 2025
واشنطن تدخل على الخط بين بغداد وأربيل
من جانبها، دعت الخارجية الأمريكية إلى “حل سريع ومن خلال الحوار البنّاء”، محذرة من أن استمرار الأزمة قد ينعكس سلبًا على مناخ الاستثمار، ويمهد لتراجع التنسيق الدولي مع بغداد.
كما شددت واشنطن على أن دعمها لإقليم كردستان “عنصر أساسي في علاقتها مع العراق”، في إشارة ضمنية إلى أن المساس بالإقليم سيُحسب على بغداد دوليًا.
تصعيد واتهامات متبادلة بين أربيل وبغداد
اتهمت الحكومة الاتحادية أربيل بعدم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية وفق ما نصّت عليه الموازنة الاتحادية، بينما تنفي حكومة الإقليم ذلك، متهمة بغداد بعدم الالتزام بتعهداتها، وهو ما يجعل من أزمة الرواتب جزءًا من تراكمات سياسية ومالية أكبر لم تُحل منذ سنوات.
تداعيات اقتصادية وأمنية
توقّف صرف الرواتب لا يُشكل فقط عبئًا اقتصاديًا، بل يفتح الباب أمام تململ اجتماعي واحتجاجات محتملة في الإقليم، في وقت يُعاني فيه العراق عمومًا من أزمة معيشية وتراجع حاد في الخدمات.
أمنيًا، فإن استمرار التوتر يهدد بانهيار التنسيق بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة، خاصة في المناطق المتنازع عليها مثل كركوك وسنجار، حيث يتطلب الأمن تنسيقًا مستمرًا لمنع عودة تنظيم داعش أو تكرار الخروقات.
هل اقتربت القطيعة؟
وفق تقارير فإن المؤشرات الميدانية والسياسية تُوحي بأن العلاقة بين أربيل وبغداد تقف على مفترق طرق، حيث يُمكن لأزمة الرواتب أن تتحول إلى نقطة انفجار سياسي، خاصة في ظل غياب وساطة فاعلة داخلية أو خارجية، وتراجع المبادرات التوفيقية بين الطرفين.
تحذيرات هوشيار زيباري، ودخول واشنطن على خط الأزمة، وغياب الثقة المتبادل، كلها عوامل تجعل من خيار القطيعة السياسية احتمالًا واقعيًا، ما لم تُبادر الأطراف إلى إعادة إحياء لغة الحوار والشراكة.
اقرا أيضا: بين نيران الانقسام وضغط الشارع.. هل تنقذ مبادرة الدبيبة ليبيا من الانهيار؟