أسرع وأقوى وأكثر فتكًا بمدى يصل لـ60 كم.. فرنسا تطلق الجيل الجديد من المدفع “سيزار 8×8”

وسط سباق التسلح المتصاعد بين الجيوش العالمية، تواصل فرنسا تعزيز مكانتها في قطاع المدفعية من خلال نسخة مطوّرة من نظامها الشهير “سيزار”، الذي أثبت فعاليته الميدانية في أوكرانيا وأفريقيا والشرق الأوسط. الإصدار الجديد “سيزار 8×8” ليس مجرد تطوير تقني، بل يمثل نقلة نوعية نحو مدفعية أكثر فتكًا وقدرة على الصمود في ساحات القتال عالية الكثافة.

وحش فرنسا المدرّع بقدرات هجومية مضاعفة

يأتي “سيزار 8×8” كتحديث جذري للنسخة الأساسية “سيزار 6×6″، حيث رُكّب على شاسيه من نوع Tatra T815 عالي القدرة ذي الدفع الثماني، مع تدريع مقاوم للعبوات الناسفة والشظايا، وفقًا لمعايير STANAG 4569، ما يوفر حماية متقدمة للطاقم في بيئات قتالية خطيرة.

لكن أبرز ما يميز النسخة الجديدة هو زيادة حمولتها من الذخائر إلى 30 قذيفة مقارنة بـ18 فقط في الإصدار السابق، مما يعزز من قدرة المدفع على شن ضربات نارية متواصلة دون الحاجة لإعادة التذخير في خضم المعركة.

مدفع هاوتزر سيزار ذاتي الحركة تطوير شركة نيكستر الفرنسية

مدفع الهاوتزر ذاتي الحركة سيزار 8×8 هو نظام مدفعي متنقل فرنسي، تم تطويره بواسطة شركة نيكستر. يركب هذا المدفع على هيكل تاترا 8×8 الذي يوفر له قدرة حركة محسّنة وقدرات على الطرق الوعرة. يُعرف سيزار 8×8 أيضًا باسم سيزار 2. 

"سيزار 8×8" فرنسا مدفع
مدفع فرنسا “سيزار 8×8” من إنتاج شركة نكستر
دقة نارية في خدمة التحرك السريع

مدفع “سيزار 8×8” يحتفظ بنفس العيار (155 ملم/52 عيارًا) المطابق لمواصفات الناتو، ما يضمن التوافق اللوجستي مع حلفاء فرنسا. لكن الجديد هنا هو دمج أنظمة إلكترونية متقدمة لتحديد الأهداف والتصويب وإدارة النيران، بما في ذلك:

نظام تحديد مواقع GPS مزدوج (عسكري ومدني).

حواسيب باليستية عالية السرعة.

واجهة رقمية لتحديد الأهداف وتوجيه القذائف بدقة شبه جراحية.

كما يسمح نظام الإطلاق السريع بتنفيذ “اضرب واختفي” (Shoot and Scoot) خلال 60 ثانية فقط، وهي ميزة بالغة الأهمية لتفادي نيران العدو المضادة، خاصة في الحروب عالية الديناميكية مثل الحرب في أوكرانيا.

اقرأ أيضاً.. “بلاك هوك”| مروحية المهام الصعبة.. التفوق الأمريكي في سماء الخطر

المدى والتنوع في الذخائر: التفوق بالمدى والضربات الدقيقة

يمكن لـ”سيزار 8×8″ إطلاق طيف واسع من الذخائر:

قذائف تقليدية بمدى يصل إلى 40 كم.

ذخائر قاعدة نشطة (RAP) بمدى يصل إلى 50 كم.

قذائف “كاتانا” الموجهة بالـGPS قيد التطوير، بمدى يصل إلى 60 كم مع هامش خطأ لا يتجاوز المترين.

هذه القدرة على الضرب في العمق وبدقة عالية تمنح “سيزار 8×8” ميزة استراتيجية في المعارك الحديثة، حيث تميل الجيوش أكثر نحو الاشتباكات البعيدة لتقليل الخسائر البشرية والمادية.

مدفع "سيزار 8×8" فرنسا
مدفع “سيزار 8×8” أحدث نسخة لمدفع سيزار الفرنسي

كفاءة التشغيل وخفض النفقات

رغم ضخامته، لا يحتاج “سيزار 8×8” سوى إلى طاقم من 3 أفراد للتشغيل الكامل، بفضل الأتمتة العالية في التحكم والرماية. كما أنّ تصميمه المبني على شاسيه مدني معدل يساهم في خفض تكاليف التشغيل والصيانة، مقارنة بالأنظمة المدرعة التقليدية.

سلاح متطور بسعر منافس

رغم القدرات التقنية المتقدمة التي يتمتع بها مدفع “سيزار 8×8″، فإن تسعيره يُعد تنافسيًا مقارنة بالأنظمة الغربية المماثلة، ما يجعله خيارًا جذابًا للعديد من الجيوش.

يُقدّر سعر الوحدة الواحدة بحوالي 5 إلى 6 ملايين يورو، بحسب مستوى التجهيز والتسليح والطلبية، وهو أقل بكثير من أنظمة المدفعية ذاتية الحركة الثقيلة مثل الألماني PzH 2000 أو الأمريكي M109A7.

ويعزو الخبراء هذا السعر المقبول إلى اعتماد تصميم نصف مدرع يستخدم شاسيه مدني معدل، مما يقلل من تكاليف الإنتاج والصيانة دون التأثير على الفعالية القتالية.

طلب دولي متزايد واستخدام ميداني متنامٍ

إلى جانب فرنسا، وقّعت جمهورية التشيك عقدًا لاقتناء 62 مدفع “سيزار 8×8″، ومن المرجح أن تتبعها دول أخرى في أوروبا الشرقية، في ظل تنامي التهديد الروسي والتوجه نحو تحديث منظومات المدفعية.

ويُذكر أن أوكرانيا أبدت اهتمامًا كبيرًا بالحصول على هذا النظام، لما أبدته النسخ السابقة من فعالية في المعارك ضد القوات الروسية.

رسالة استراتيجية من باريس إلى العالم

يمثل “سيزار 8×8” أكثر من مجرد قطعة سلاح متقدمة؛ إنه رسالة واضحة من فرنسا إلى خصومها وحلفائها مفادها أنها لاعب رئيسي في ميدان أنظمة المدفعية الذكية والمتنقلة.

وفي عالم يشهد تصاعدًا في الحروب الهجينة، يبرز “سيزار 8×8” كأداة فاعلة في الردع والضرب السريع، تجمع بين القوة النارية، والدقة، وسرعة المناورة.

اقرأ أيضاً.. دبابة ميركافا.. الأسطورة الإسرائيلية “وليدة حرب أكتوبر”| هل كُشف سر ضعفها؟

زر الذهاب إلى الأعلى