أعجوبة معمارية.. المتحف المصري الكبير يمزج بين القيم القديمة والتصميم الحديث
ظهر تصميم المتحف المصري الكبير منذ أكثر من عقدين من الزمان، مع التركيز على تجسيد القيم الثقافية المصرية القديمة.
القاهرة (خاص عن مصر)- بعد سنوات من الترقب والتأخيرات المتعددة، فتح المتحف المصري الكبير في القاهرة أبوابه أخيرًا، مما سمح للجمهور بإلقاء نظرة خاطفة على رؤية التصميم التي وضعها المهندس المعماري التايواني الأمريكي بينج شي فو وزوجته رويسين هينيجان، وفقا لتقرير موقع تايبيه تايمز.
كان من المقرر في الأصل الانتهاء من هذا المتحف الأثري الضخم بحلول عام 2013، لكنه واجه العديد من التحديات، من القضايا البيئية إلى العقبات المالية والسياسية، مما أدى إلى تمديد الجدول الزمني له. ومع ذلك، فإن ظهوره لأول مرة يمثل إضافة ضخمة إلى المشهد المعماري والثقافي في مصر.
مفهوم متجذر في الفلسفة المصرية القديمة
ظهر تصميم المتحف المصري الكبير منذ أكثر من عقدين من الزمان، مع التركيز بشكل واضح على تجسيد القيم الثقافية المصرية القديمة.
في عام 2003، تم اختيار Heneghan Peng Architects، وهي شركة أيرلندية أسسها بينج وهينيجان، من بين أكثر من 1500 مشاركة في عطاء تنافسي عالمي. وتضع رؤية بينج المتحف على وجه التحديد بين هضبة الجيزة وسهل وادي النيل – وهو اختيار رمزي يصفه بأنه يمثل المنظور التاريخي لمصر فيما يتعلق بالحياة والموت.
علق بينج في مقابلة قائلاً: “يجب على العمارة احترام البيئة”، مؤكدًا على أن الموقع يعكس علم الكونيات المصري القديم. في المعتقدات المصرية القديمة، يرمز شروق الشمس في الشرق إلى الحياة، بينما يمثل غروب الشمس في الغرب الموت. يعكس هذا الترتيب المكاني موقع الهياكل التاريخية على طول نهر النيل، حيث كانت المعابد للأحياء عادةً على الضفة. الشرقية، وكانت الآثار للمتوفين على الجانب الغربي.
أقرا أيضا.. كنز مصر العلمي.. وادي الحيتان مكان يسبق التاريخ البشري ويكشف أسرار علم التطور
تجربة الحياة والموت من خلال العمارة
من خلال تخطيط المتحف، أراد بينج أن يختبر الزوار هذا المفهوم القديم بشكل مباشر. يدخل الضيوف من سهل وادي النيل، الذي يرمز إلى الأرض الخصبة للأحياء، ويتجهون غربًا نحو هضبة الجيزة، في إشارة إلى عالم الموتى. إن المسار عبر المتحف يجسد رحلة عبر استمرارية الحياة والموت – وهو عنصر موضوعي يعتقد بينج أنه يعزز دور المتحف في سرد القصص.
وأشار بينج إلى أن “المجمع بأكمله يمزج بين الداخل والخارج؛ الماضي والحاضر؛ الموت والحياة”. ومن خلال البحث المكثف في الجغرافيا التاريخية والثقافة المصرية، سعى إلى خلق مساحة حيث يمكن للفلسفة المصرية القديمة أن تتعايش بسلاسة مع تصميم المتحف الحديث.
مجموعة لا مثيل لها من القطع الأثرية
حاليًا، يستضيف المتحف ما يصل إلى 4000 زائر يوميًا من خلال جولات خاصة في مناطق مختارة، بما في ذلك القاعة الكبرى، والدرج الكبير، والحدائق الخارجية. ومع ذلك، فإن العديد من المعارض المرتقبة للغاية، مثل صالات عرض توت عنخ آمون، ومتحف الأطفال، ومتحف قارب خوفو، تظل مغلقة حتى الافتتاح الرسمي للمتحف، المتوقع في وقت لاحق من هذا العام.
عند افتتاحه بالكامل، سيضم المتحف أكثر من 100000 قطعة أثرية تغطي التاريخ الواسع للسلالات المصرية القديمة، معروضة على مساحة عرض تبلغ 81011 مترًا مربعًا. ومن بين عوامل الجذب الرئيسية المجموعة الكاملة من كنوز الملك توت عنخ آمون، والتي تتكون من حوالي 5000 قطعة، بعضها سيُعرض للجمهور لأول مرة منذ اكتشافها في عام 1922.
إرث معلم ثقافي
لقد أعطى تفاني المهندس المعماري بينج شي فو في احترام التاريخ الثقافي والجغرافي الفريد لمصر الحياة لمتحف يقف بمثابة تكريم للماضي وبوابة لفهم القيم القديمة. ومع تزايد التوقعات لافتتاح المتحف المصري الكبير بالكامل، فإنه على استعداد لأن يصبح ليس فقط مركزًا للآثار والتاريخ ولكن أيضًا شهادة على الإبداع المعماري المتجذر في الاحترام العميق للبيئة والثقافة التي يمثلها.