أمريكا تصعد لهجتها وتهدد إيران بـ”القوة العسكرية الكاملة” حال مهاجمتها.. ماذا يعني ذلك؟

يُعيد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، وسط تصاعد المواجهات بين إيران وإسرائيل وتحول التوترات إلى اشتباكات مفتوحة، خلط أوراق الأزمة بتحذير عسكري غير مسبوق، يُهدد فيه طهران بردٍّ ساحق حال استهدافها للمصالح الأمريكية.
إنذار ترامب الصارم.. “مستويات غير مسبوقة” من الردع
وفي رسالة شديدة اللهجة نُشرت على منصة “تروث سوشيال” صباح الأحد، هدد ترامب باستخدام القوة العسكرية الأمريكية بأقصى طاقتها ضد إيران، إذا ما هاجمت طهران المصالح الأمريكية أو القوات المنتشرة في المنطقة”بأي شكل من الأشكال”.
وجاء تهديده في أعقاب جولة جديدة من الضربات العسكرية بين إسرائيل وإيران، والتي لفتت انتباها إقليميا ودوليا. وفي رسالته، أكد ترامب أن الولايات المتحدة “لا علاقة لها بالهجوم على إيران الليلة”، منفيا بذلك دور واشنطن في الضربات الإسرائيلية الأخيرة على الأراضي الإيرانية. ومع ذلك، حذر قائلًا:
“إذا تعرضنا لهجوم من إيران بأي شكل من الأشكال، فإن القوات المسلحة الأمريكية سترد بأقصى قوة وجبروت على مستويات غير مسبوقة”. ويمثل هذا البيان تصعيدا حادا في الخطاب وسط وضع متقلب أصلا في الشرق الأوسط.
- منشور ترامب الذي يهدد في ايران باستخدام قوة عسكرية غير مسبوقة
ترامب يعرض الوساطة ويتحدث عن “مهلة منسية”
ومع تهديده باستخدام القوة العسكرية الساحقة، قدم ترامب نفسه في الوقت ذاته كوسيط سلام محتمل. وأكد أن التوصل إلى حل بين إسرائيل وإيران لا يزال ممكنا، قائلا:
“يمكننا بسهولة التوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل، وإنهاء هذا الصراع الدموي”.
كما أشار ترامب إلى مهلة 60 يوما التي قيل إنه منحها سابقا للمرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، للتفاوض على اتفاق نووي جديد.
وأوضح أن هذه المهلة انتهت في الوقت الذي شنت فيه إسرائيل هجومها. وقال في مقابلة مع شبكة سي إن إن: “لقد أعطيتهم إنذارا مدته 60 يوما، واليوم هو اليوم الحادي والستون”.
ويشير هذا السرد إلى أن ترامب سعى إلى خلق مساحة دبلوماسية قبل تصعيد الأعمال العدائية – وهي محاولة للدبلوماسية الوقائية، بحسب روايته، لم تؤخذ بعين الاعتبار.
إسرائيل تشن عملية “الأسد الصاعد”.. ضربات عسكرية وهجوم على منشآت نووية
وتأتي تصريحات ترامب في أعقاب تصعيد حاد في الأعمال العدائية. ففي يوم الجمعة، شنت إسرائيل عملية “الأسد الصاعد”، مستهدفة العديد من المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية، بما في ذلك مقر وزارة الدفاع الإيرانية وموقع مرتبط بمشروع SPND النووي.
وتدّعي قوات الدفاع الإسرائيلية أن هذه الضربات أعاقت القدرات النووية الإيرانية “سنوات”.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطاب متلفز حازم: “سنضرب كل موقع وهدف لنظام آية الله… ما شعروا به حتى الآن لا يُذكر مقارنة بما سيسلمون به في الأيام المقبلة”.
وأكدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن حملتها العسكرية من المتوقع أن تستمر لأسابيع. وأكد نتنياهو أن هدف المهمة هو تفكيك قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية بالكامل وضرب إسرائيل.
وقال نتنياهو: “سنستمر بقدر ما يلزم من أيام لإزالة هذا التهديد”، مؤكدا على الطبيعة الوجودية للتهديد الإيراني المتصور لإسرائيل.
رد إيران.. طائرات مسيرة وصواريخ وأهداف في العمق الإسرائيلي
وردت إيران بهجمات بطائرات مسيرة وصواريخ، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص على الأقل في إسرائيل. وكانت مدن في وسط وشمال إسرائيل، مثل بات يام وطمرة، من بين الأكثر تضررا.
وحذرت إيران من أنها ستستهدف القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية والفرنسية في المنطقة إذا تدخلت لمساعدة إسرائيل أو عرقلت إطلاق الصواريخ الإيرانية.
وأعلن الحرس الثوري الإسلامي أن البنية التحتية للطاقة ومنشآت وقود الطائرات المقاتلة في إسرائيل من بين أهدافه الرئيسية، مما يُشير إلى استعداد إيران لتوسيع نطاق الصراع.
على الرغم من تأكيد طهران على سلمية برنامجها النووي، إلا أنها صرحت بأنه “ليس لديها خيار سوى الرد” على العدوان الإسرائيلي المستمر.
الموقف الأمريكي: دعم ضمني، لا مشاركة مباشرة
وفي حين أكد ترامب عدم مشاركة أمريكا في الضربات الإسرائيلية، تشير تقارير متعددة إلى أن الإدارة الأمريكية تدعم ضمنيا الحملة العسكرية الإسرائيلية المطولة.
ووفقا لشبكة “سي إن إن” الأمريكية، لم يعترض مسؤولو البيت الأبيض على الجدول الزمني الممتد للعملية الإسرائيلية، ويُقال إنهم على دراية بأهدافها.
وألغيت جولة مفاوضات نووية كان من المقرر عقدها بين إيران والولايات المتحدة في عُمان بسبب الأزمة الحالية.
اقرأ أيضًا: الفيدرالي الأمريكي يحذر من عملية احتيال خطيرة تهدد 1.8 مليار مستخدم آيفون وأندرويد
تصريحات ترامب قد تؤدي إلى حرب شاملة
وفي حين أن تحذير ترامب يتماشى مع مبدأ “السلام بالقوة” الذي يتبناه منذ فترة طويلة، يُحذر الخبراء من مخاطر مثل هذا الخطاب في ظل أزمة تتطور بسرعة. فالحديث عن “رد غير مسبوق” قد يدفع إيران لتوسيع نطاق ردها، ما يزيد فرص نشوب حرب إقليمية شاملة يصعب احتواؤها.
وتضيق تهديدات إيران العلنية للقواعد الأمريكية، واستدعاء ترامب للقوة العسكرية “غير المسبوقة”، آفاق الحل الدبلوماسي. وفي غضون ذلك، تتزايد المخاوف الإنسانية مع تزايد الخسائر المدنية، واستمرار عمليات الإنقاذ في كل من إسرائيل وإيران.