أمريكا تضاعف إنتاج صواريخ “جافلين”.. سباق تسلّح لوجستي قبل انفـ.ـجار الأزمات المقبلة

في خطوة استراتيجية لتعزيز القدرات الدفاعية الأمريكية، أعلنت شركة L3Harris Technologies عن إطلاق مشروع توسعة كبرى لمنشأة “أورانج” التابعة لقسمها “Aerojet Rocketdyne” في ولاية فرجينيا، بهدف مضاعفة إنتاج محركات الصواريخ العاملة بالوقود الصلب، وعلى رأسها تلك المستخدمة في نظام “جافلين” المضاد للدبابات.

“جافلين”: السهم الأميركي ينخفض في “المخزونات” بسبب أوكرانيا

يأتي هذا التحرك في سياق الاستجابة لحاجة ملحَّة لتجديد المخزونات الأمريكية، التي تراجعت بشكل كبير بعد تسليم أكثر من 10,000 نظام “جافلين” لأوكرانيا منذ اندلاع الغزو الروسي في 2022، ضمن جهود واشنطن لدعم كييف في التصدي للقوات الروسية.

صاروخ “أطلق وانسَ”: التقنية التي غيّرت قواعد المعركة

يُعدّ صاروخ FGM-148 “جافلين” حجر الزاوية في قدرات المشاة المضادة للدروع لدى الولايات المتحدة وحلفائها، بفضل تقنيته المتقدمة “أطلق وانسَ”، وقدرته على ضرب الأهداف من الأعلى، واختراق الدروع التفاعلية للدبابات الحديثة مثل T-90 الروسية وType 99 الصينية. وبوزن لا يتجاوز 49 رطلاً، يمكن لفرد واحد تشغيله حتى في البيئات الحضرية الضيقة.

صواريخ جافلين أمريكا
صواريخ جافلين الأمريكية

أموال البنتاغون تسرّع خطوط الإنتاج في فرجينيا

وتنص خطة التوسعة في فرجينيا، المدعومة بتمويل من وزارة الدفاع بقيمة 215.6 مليون دولار، على إنشاء خمسة مبانٍ جديدة مزوّدة بأنظمة أتمتة متقدمة وروبوتات صناعية. وتهدف الخطة إلى زيادة إنتاج المحركات بنسبة 20%، وتقليص وقت التصنيع من خلال خفض المسافة التي تقطعها المكونات أثناء التجميع بنسبة 90%. ومن المقرر الانتهاء من البناء أواخر عام 2026، مع انطلاق الإنتاج في مطلع 2027.

“لوكهيد مارتن” تدخل السباق لرفع الإنتاج إلى الضعف

وفي موازاة ذلك، تعمل شركة “لوكهيد مارتن”، المسؤولة عن تجميع نظام “جافلين”، على رفع وتيرة الإنتاج من 2,400 إلى 4,000 صاروخ سنويًا بحلول 2026، وهي خطة تعتمد إلى حدّ كبير على قدرة “Aerojet Rocketdyne” في توفير المحركات اللازمة.

اقرأ أيضًا: مصر تدرس أنظمة تسليح جديدة وتتابع دبابات “لوكلير” و”نكستر” الفرنسية

إعادة هيكلة المنشآت.. فرجينيا للمحركات الصغيرة وأركنساس للكبيرة

ويوضح مسؤولو “L3Harris” أن توسيع المنشآت في فرجينيا يهدف إلى تحويلها إلى مركز تميز لإنتاج المحركات الصغيرة، مع نقل إنتاج المحركات الأكبر، مثل تلك الخاصة بأنظمة “باتريوت” و”MLRS”، إلى منشأة كامدن في أركنساس. ويُعد هذا التخصص في الإنتاج محاولة لزيادة الكفاءة ومواجهة الاختناقات التي واجهها القطاع خلال السنوات الماضية.

عقبات الماضي تلوح في الأفق: تحديات سلاسل التوريد مستمرة

لكن هذا التوسع لا يخلو من التحديات. فقد تعرضت شركة “Aerojet” في السابق لانتقادات حادة بسبب تأخيرات في تسليم محركات “جافلين” و”ستينغر”، نتيجة مشاكل في سلسلة التوريد والاعتماد على عدد محدود من الموردين لمواد أساسية مثل الوقود الصلب والفولاذ الخاص للأغلفة.

وتشير بيانات الشركة إلى أنها تمكنت منذ استحواذ “L3Harris” في 2023 إلى تقليص التأخيرات بنسبة 60%، لكنها لا تزال تواجه عقبات لوجستية وهيكلية.

المنافسون يطوّرون.. وأميركا تُسرّع الرد

وفي ظل التحديث المستمر للقوات الروسية والصينية، بما في ذلك تطوير دبابات مثل T-14 Armata الروسية وأنظمة الحماية النشطة مثل Arena-M، فإن الحاجة لتسريع تطوير أنظمة الجيل التالي من الصواريخ المضادة للدروع باتت أكثر إلحاحًا. ويتوقع مراقبون أن يشهد العقد القادم سباقًا محمومًا لتطوير أنظمة ذات مدى أطول، وفعالية أكبر، ومرونة تكتيكية أعلى.

الجاهزية للحرب الممتدة: هل تكفي الاستثمارات؟

من جانبه، يؤكد البنتاغون أن الهدف من هذا التوسع لا يقتصر على تعويض المخزونات، بل يندرج ضمن استراتيجية أوسع لبناء “كتلة إنتاجية مستدامة” تُتيح للولايات المتحدة خوض نزاعات طويلة الأمد دون الوقوع في فخ نقص الذخائر. ومع ذلك، فإن الفجوة الزمنية بين بدء المشروع ودخوله حيّز التنفيذ الكامل تُثير تساؤلات حول الجاهزية الأميركية في حال تفجّرت أزمات جديدة قبل 2027.

اقرأ أيضًا: لتعزيز أسطولها المدرع| تركيا تعتمد نظام الحماية AKKOR 10 في مواجهة الصواريخ المضادة للدبابات

زر الذهاب إلى الأعلى