إحراج لبريطانيا.. تحقيق يكشف إدارة محامي الملكة إليزابيث لثروة رفعت الأسد

القاهرة (خاص عن مصر)- كشف تحقيق حصري أن مارك بريدجز، المحامي السابق للملكة إليزابيث الثانية، لعب دورًا محوريًا في إدارة ثروة رفعت الأسد، عمّ الديكتاتور السوري المخلوع بشار الأسد، في الخارج.

بحسب تحقيق الجارديان، بريدجز، الذي شغل منصبًا مرموقًا كمستشار قانوني خاص للملكة البريطانية من عام 2002 إلى عام 2019، كان متورطًا في الإشراف على أصول نيابةً عن رفعت الأسد وأقاربه بين عامي 1999 و2008.

إعلان

يثير هذا الكشف تساؤلاتٍ ملحة حول التبعات الأخلاقية لارتباط بريدجز القانوني برجلٍ متهمٍ بارتكاب انتهاكاتٍ جسيمةٍ لحقوق الإنسان وجرائم حرب.

ثروة لرفعت الأسد: إرثٌ من الفظائع

عُرف رفعت الأسد منذ زمنٍ طويل بقمعه الوحشي لمجزرة حماة عام 1982، التي قُتل خلالها عشرات الآلاف من السوريين. وقد أكسبته سمعته العنيفة لقب “جزار حماة”.

رغم فراره من سوريا بعد انقلابٍ فاشل ضد شقيقه حافظ الأسد، استمرت سمعة رفعت الأسد السيئة في الازدياد على مر العقود، لا سيما بعد قيادته جماعةً شبه عسكريةً مخيفةً تُعرف باسم سرايا الدفاع. وظلّ شخصيةً رئيسيةً في النظام السوري الوحشي حتى مغادرته إلى أوروبا عام 1984.

في عام 2024، وجّهت السلطات السويسرية رسميًا إلى رفعت الأسد تهمًا بارتكاب جرائم حرب تتعلق بمجزرة حماة. ورغم هذه الادعاءات، لا تزال المعاملات المالية لثروته غامضة، حيث يُشير البعض إلى أنها مُستمدة من مصادر غير مشروعة، بما في ذلك أموال الدولة السورية المختلسة.

دور مارك بريدجز وفارير وشركاه

شغل مارك بريدجز منصب الوصي على ما لا يقل عن خمسة صناديق استئمانية خارجية، حيث امتلك أصولًا في فرنسا وإسبانيا نيابةً عن رفعت الأسد وأفراد عائلته.

لعبت هذه الصناديق، التي أُنشئت بين عامي 1999 و2008، دورًا محوريًا في إدارة إمبراطورية رفعت العقارية الفاخرة، التي امتدت عبر باريس ولندن وكوستا ديل سول الإسبانية.

في الوقت نفسه، كان بريدجز منخرطًا بعمق في النظام القانوني البريطاني، حيث شغل منصبًا مرموقًا كمحامٍ للملكة إليزابيث، وهو منصب احتفظ به حتى عام 2019.

على الرغم من عدم وجود دليل يشير إلى تورط بريدجز عن علم في أي نشاط إجرامي، إلا أن تورطه مع عميل مثير للجدل مثل رفعت الأسد يثير تساؤلات أخلاقية خطيرة. ويبقى السؤال قائمًا: هل كان ينبغي على بريدجز أن ينأى بنفسه عن عميل ذي تاريخ حافل وموثق جيدًا؟

إمبراطورية العقارات السرية

راكم رفعت الأسد ثروةً عقاريةً ضخمةً في أوروبا، شملت عقاراتٍ مثل ويتانهورست، وقصرًا في هايغيت بلندن، وعقارًا من سبعة طوابق بالقرب من قوس النصر في باريس. هذه الأصول، التي غالبًا ما تُشترى من خلال شركاتٍ وهمية، وُضعت في صناديق استئمانية خارجية، مما عقّد أي جهودٍ لتتبع ملكيتها والعودة بها إلى الأسد.

في عام 2014، بدأت السلطات الفرنسية تحقيقًا فيما إذا كانت ثروة الأسد قد جُمعت بطريقةٍ غير مشروعةٍ عن طريق الفساد. وفي العام التالي، بدأ المدعون العامون الإسبان التحقيق في شبكةٍ خارجيةٍ يُزعم أن الأسد استخدمها لإخفاء ملكية أكثر من 500 عقارٍ في إسبانيا بقيمة 695 مليون يورو.

قيل إن هذه الأصول هي نتاج أنشطةٍ ماليةٍ غير مشروعة، بما في ذلك غسيلٌ مزعومٌ لأموال الدولة السورية المسروقة.

أقرا أيضا.. صراع الأعماق.. مقارنة شاملة بين البحرية المصرية والإسرائيلية

مزاعم جرائم الحرب والتداعيات القانونية

على الرغم من دوره كوصي، دافع مارك بريدجز وشركة فارير وشركاه عن أفعالهما، مؤكدين التزامهما التام بالمتطلبات التنظيمية وعدم اطلاعهما على معلومات تشير إلى سرقة ثروة رفعت الأسد. علاوة على ذلك، جادلت شركة فارير وشركاه بأن الحماية القانونية واتفاقيات السرية منعتهما من الكشف عن تفاصيل الأدلة التي عُرضت عليهما.

مع ذلك، فقد شاركا في أحكام قانونية سبق أن قضت لصالح رفعت الأسد، لا سيما في تهم التشهير المتعلقة بمزاعم الجريمة المنظمة وانتهاكات حقوق الإنسان.

ومن الجدير بالذكر أن المدعين العامين السويسريين بدأوا التحقيق في دور رفعت في مجزرة حماة عام 2013، وبحلول عام 2021، صدرت مذكرة توقيف دولية بحقه. وفي عام 2024، وُجهت إليه رسميًا تهم جرائم حرب، رغم أنه نفى باستمرار ارتكاب أي مخالفات.

المعضلات الأخلاقية ومخاطر السمعة

مع عدم وجود أي مؤشرات على انتهاكات للوائح من جانب بريدجز، إلا أن الصلة بين المحامي الشخصي للملكة ومشتبه به في جرائم حرب تُبرز الاعتبارات الأخلاقية المعقدة المحيطة بالعمل القانوني البارز. وقد خضع دور المحامين في تمثيل الأفراد ذوي السمعة المشكوك فيها لتدقيق متزايد.

مع تطور المواقف العامة تجاه العمل القانوني للشخصيات الأجنبية ذات التاريخ المثير للجدل، يُشير الخبراء إلى ضرورة توخي شركات المحاماة والمحامين مزيدًا من الحذر عند التعامل مع عملاء يُحتمل أن يُشكلوا مخاطر سمعة مدمرة.

أقرّت شركة فارير وشركاه بالتحول في الرأي العام، مشيرةً إلى أن البيئة التنظيمية والتوقعات الأخلاقية السائدة حاليًا ستؤدي على الأرجح إلى قرارات مختلفة بشأن تمثيل عملاء مثل رفعت الأسد.

كما أكدت الشركة أن العمل المنجز بشأن الصناديق الاستئمانية استند إلى مشورة من شركة محاماة رائدة أخرى، وأن الشركة نفسها لم تكن متواطئة قط في أي نشاط غير قانوني.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!
error: Content is protected !!