إسرائيل تحرم روسيا من دعم إيران.. وكوريا الشمالية تعوضها بإرسال آلاف العمال لتصنيع طائرات “شاهد” المسيّرة

في الوقت الذي تدور فيه رحى الحرب بين إيران وإسرائيل على أكثر من جبهة، تتسرب تبعاتها إلى ساحات صراع أخرى، وفي مقدمتها الحرب الروسية الأوكرانية.

فبينما كانت موسكو تعتمد على طهران في تزويدها بطائرات “شاهد” المسيّرة أو مساعدتها في تصنيعها محليًا، أدى انشغال إيران بمواجهة إسرائيل إلى تعطيل هذا الدعم الحيوي.

والنتيجة خسائر غير مباشرة تحملتها روسيا في معركتها المستمرة ضد أوكرانيا، جعلتها تسارع إلى سد الفراغ الإيراني عبر استدعاء حليفها الشمالي الصامت، كوريا الشمالية.

روسيا تبحث عن بديل لإيران.. وعمال كوريا الشمالية يغزون المصانع

بعد أسابيع من تحذيرات المخابرات الأوكرانية من تعاون متزايد بين موسكو وبيونج يانج، بدأت تقارير موثوقة تكشف عن إرسال كوريا الشمالية عشرات الآلاف من العمال إلى روسيا.

الهدف هو دعم إنتاج المسيّرات الهجومية، وعلى رأسها طائرات “شاهد” التي كانت تصنّع سابقًا في إيران وتلعب دورًا محوريًا في الهجمات الروسية على أوكرانيا.

ووفق ما نقلته وكالة “إن إتش كيه” اليابانية عن مصادر دبلوماسية في الغرب وروسيا، فإن نحو 25 ألف عامل كوري شمالي سيتم نشرهم في مصنع “شاهد” الواقع في المنطقة الاقتصادية الخاصة بمدينة ألابوغا في تتارستان الروسية.

المهمة الموكلة إليهم لا تقتصر على الإنتاج، بل تشمل أيضًا تلقي تدريبات تشغيل الطائرات بدون طيار، ما يُرجّح استخدامهم لاحقًا في مهام تشغيلية داخل الميدان.

مصنع ألابوغا .. القلب النابض لطائرات “شاهد” الروسية

مصنع ألابوغا، الذي يعتمد على تصميمات إيرانية تم تهريبها أو نقلها رسميًا، ينتج حاليًا نحو 2000 طائرة شهريًا، مع خطط للوصول إلى 5000 شهريًا.

هذه الزيادة تستدعي توسعة واسعة، حيث كشفت صور أقمار صناعية عن أعمال بناء جديدة تمتد على مساحة 340 فدانًا تشمل مجمّعات سكنية مخصصة للعمال الكوريين.

كوريا الشمالية تدفع بثقلها .. عمال وخبراء وصواريخ محدثة

التعاون بين موسكو وبيونغ يانغ لا يتوقف عند حدود تصنيع الطائرات المسيّرة.

فقد أكد الفريق كيريلو بودانوف، رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية، أن روسيا تساعد كوريا الشمالية في تطوير صواريخها الباليستية KN-23، وتحديث غواصاتها النووية وأنظمة الدفاع الجوي لديها.

كما كشف بودانوف عن خطط لإنشاء خط إنتاج مشترك للطائرات المسيّرة من طرازي “غاربيا” و”جيران” (النسخة الروسية من شاهد-136) على الأراضي الكورية الشمالية.

ومن شأن هذا التعاون أن يعزز القدرات الهجومية لكيم جونغ أون، ويعيد تشكيل ميزان الردع في شرق آسيا.

ضغط على أوكرانيا .. و”الشاهد” تتطوّر رغم الضربات

في سياق موازٍ، لا تزال روسيا تستخدم طائرات “شاهد” كسلاح رئيسي لإلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية الأوكرانية، حيث شنت ليلة واحدة هجومًا بـ 104 طائرات مسيّرة، ما يعكس استمرار اعتماد موسكو على هذه المنظومة.

ورغم تعرض مصنع ألابوغا لعدة هجمات أوكرانية بطائرات مسيرة وحتى بطائرات خفيفة مفخخة من طراز A-22، لا تزال وتيرة الإنتاج مستمرة بوتيرة متصاعدة، بل ويجري تطوير طائرات “شاهد” بمنظومات توجيه متقدمة ورؤوس حربية أثقل تمنحها درجة من الاستقلالية التشغيلية.

موسكو تبحث عن بدائل لطهران

من وجهة نظر عسكرية، يُمكن القول إن روسيا فقدت مؤقتًا موردًا حيويًا كان يمثل العمق اللوجستي في سلاحها المسيّر، نتيجة انشغال إيران في حربها ضد إسرائيل.

هذا التحوّل أجبر موسكو على البحث عن بديل سريع، فكان اللجوء إلى كوريا الشمالية هو الخيار الواقعي الوحيد المتاح.

لكن هذا الخيار يحمل تحديات هيكلية على المدى الطويل، إذ يربط مستقبل روسيا المسيّري بسياسة زعيم منعزل ومتقلب مثل كيم جونغ أون، ويعرّضها لمخاطر عقوبات جديدة.

وفي المحصلة، فإن الحرب بين إيران وإسرائيل لا تُهدد الاستقرار الإقليمي فحسب، بل تؤثر بشكل غير مباشر على ميادين قتال أخرى، قد يكون أبرزها الساحة الأوكرانية، حيث تدفع موسكو ثمن تراجع التعاون الإيراني، وتعتمد أكثر فأكثر على حليف قد لا يكون موثوقًا.

اقرأ أيضًا: وقود إيران الصلب يعاقب إسرائيل بصواريخ تخترق القبة الحديدية.. مقارنة شاملة مع نظيره السائل

زر الذهاب إلى الأعلى