استقالة محافظ السويداء بعد هجوم مسلح.. هل ينجح الشرع في استعادة هيبة حكومته؟

أعلن المكتب الإعلامي لمحافظة السويداء مساء الجمعة أن المحافظ مصطفى البكور قدم استقالته رسميًا إلى رئيس الجمهورية أحمد الشرع، في خطوة تُعد الأولى من نوعها لمسؤول حكومي بارز في “سوريا الجديدة”.
وتأتي هذه الاستقالة في ظل ظروف أمنية معقدة وتحديات سياسية متصاعدة، لا سيما في المناطق التي لم تستقر بعد تحت السيطرة الكاملة للدولة.
دوافع استقالة محافظ السويداء
أوضح المكتب أن المحافظ تقدّم بطلب الاستقالة بعد شهور من المحاولات لحل الأزمات المتفاقمة في المحافظة بوسائل سلمية، مشيرًا إلى أن البكور “سعى منذ توليه مهامه إلى تغليب صوت العقل والحكمة واحتواء التوترات بالحوار”، لكنه رأى أن الأوضاع وصلت إلى مرحلة تستوجب اتخاذ موقف واضح بعد فشل الحلول التقليدية.
وجاءت الاستقالة عقب حادثة صادمة هزت الرأي العام المحلي، حين أقدمت مجموعة مسلّحة على اقتحام مبنى المحافظة واحتجاز المحافظ داخله، في واقعة اعتُبرت دليلاً جديدًا على هشاشة الوضع الأمني في المحافظة، وعلى محدودية سلطة الدولة المركزية في بعض المناطق.
انتكاسة لمؤسسات الدولة
بحسب بيان صادر عن مديرية العلاقات العامة في وزارة الدفاع، فإن المجموعة المسلحة كانت تهدف إلى تحرير أحد المدانين بجرائم سرقة يُدعى راغب قرقوط، وقد نجحت بالفعل في إخراجه تحت تهديد السلاح بعد أن حاصرت المبنى وهددت الموظفين والحراس.
تدخلت لاحقًا فصائل محلية مؤيدة للدولة، أبرزها “لواء الجبل”، وتمكنت من طرد المهاجمين. كما تولت حركة “رجال الكرامة” تأمين خروج المحافظ.
تحذير من الفوضى
وعقب الحادث، ظهر البكور على قناة الإخبارية السورية وأكد تمسكه بخيار فرض القانون، محذرًا من التهاون مع أي محاولات لزعزعة الأمن أو تقويض مؤسسات الدولة.
وصرّح بأن “الحفاظ على استقرار السويداء مسؤولية جماعية”، داعيًا إلى شراكة وطنية في بناء “سوريا يسودها القانون لا السلاح”.
وكان البكور قد وجّه رسالة مفتوحة إلى أهالي المحافظة قبل أسابيع، دعاهم فيها إلى نبذ الانقسام ومواجهة حملات التحريض، مؤكدًا أن وحدة الصف هي الأساس لبناء سوريا الجديدة.
أزمة نفوذ وهيبة الدولة
استقالة البكور، وإن بدت ردًا مباشرًا على الحادثة الأمنية الأخيرة، إلا أنها تعكس أزمة أعمق تتعلق بقدرة الدولة السورية الجديدة على بسط نفوذها الكامل، واحتواء السلطات المحلية التي نشأت خلال سنوات غياب الدولة، سواء كانت فصائل عسكرية أو زعامات عشائرية.
وبينما تلوح في الأفق احتمالات إعادة هيكلة واسعة لمؤسسات الدولة، تشير التقديرات إلى أن هذه الاستقالة قد تمثل بداية مرحلة جديدة تسعى فيها القيادة الحالية بقيادة الرئيس أحمد الشرع إلى ترسيخ مؤسسات قوية وشرعية، تنأى بنفسها عن الممارسات القمعية السابقة، وتعيد الثقة المفقودة بين الدولة والمجتمع المحلي.
من يخلف محافظ السويداء المستقبل
حتى الآن، لم يُعلن عن اسم خلف البكور، لكن مصادر مطلعة تشير إلى أن الرئاسة تبحث عن شخصية توافقية تحظى بثقة المجتمع المحلي، لضمان استمرار التهدئة وتفادي أي تصعيد إضافي.
وتُعد السويداء في هذه المرحلة منطقة اختبار حاسمة لمدى قدرة الدولة الجديدة على استعادة هيبتها بوسائل غير قمعية، وفرض حضورها في مناطق كانت عصية على السيطرة المركزية.
ماذا بعد استقالة محافظ السويداء؟
وفق تقارير فإن ما تشهده السويداء اليوم ليس مجرد أزمة محلية، بل يمثل نقطة انعطاف حاسمة في العلاقة بين السلطة والمجتمع في سوريا ما بعد الأسد، حيث لا يكفي حضور الدولة الشكلي، بل يُنتظر منها أن تثبت قدرتها على فرض القانون، مع احترام الخصوصيات المحلية، وإرساء عقد اجتماعي جديد يتجاوز منطق الهيمنة ويؤسس لمرحلة من الاستقرار الحقيقي.
اقرا ايضا
يراها حربًا أبدية.. كيف يؤثر تعيين رئيس الشاباك الجديد على مستقبل الوضع في غزة؟