اغتيال قاضيين في المحكمة العليا الإيرانية.. مؤامرة أجنبية أم انتقام داخلي؟
القاهرة (خاص عن مصر)- اغتِيل قاضيان في المحكمة العليا الإيرانية، علي رازيني ومحمد موغيسه، داخل مكتبيهما في طهران يوم السبت فيما وصفته السلطات الإيرانية بـ”الاغتيال المخطط”.
ووفقا لبلومبرج، جرح المهاجم، الذي لم يكن معروفًا عنه أي صلة بالقضاء أو القضايا القانونية المعلقة، ضابط أمن قبل أن ينتحر.
سارع القضاء الإيراني إلى ربط الهجوم بعناصر أجنبية، مما يشير إلى أن عمليات القتل كانت جزءًا من جهد أوسع نطاقًا من جانب إسرائيل والولايات المتحدة لاستهداف مسؤولي الأمن والقضاء في إيران.
جاء في بيان صادر عن القضاء الإيراني: “هذا امتداد للتدابير المكثفة التي اتخذت على مدار العام الماضي لملاحقة العملاء التابعين للنظام الصهيوني، والوكلاء الأميركيين، والجواسيس، والجماعات الإرهابية”.
في حين تظل الدوافع الدقيقة للمهاجم غير واضحة، أطلقت السلطات تحقيقًا للكشف عن المتواطئين المحتملين وتحديد “المتسللين والإرهابيين”، وفقًا للمتحدث باسم القضاء أصغر جهانجير.
من هم الضحايا؟ قضاة ذوو تاريخ مثير للجدل
كان كل من رازيني وموغيسه من الشخصيات البارزة في النظام القضائي الإيراني، والمعروفين برئاسة قضايا تتعلق بالمعارضين السياسيين والنشطاء والمحتجين. تميزت حياتهما المهنية بالجدل، حيث اتُهما غالبًا بالإشراف على أحكام قاسية في قضايا حساسة سياسياً.
وقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على موغيسه على وجه الخصوص لدوره في ما وصفه المسؤولون الغربيون بـ “إساءة تطبيق العدالة”. فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عليه عقوبات في عام 2019 لإشرافه على “عدد لا يحصى من المحاكمات غير العادلة”، حيث تم تجاهل الإجراءات القانونية الواجبة.
في إحدى القضايا المشينة، حكم على ثمانية مستخدمي فيسبوك بالسجن لمدة 127 عامًا مجتمعة بسبب أنشطة مناهضة للنظام. كما كان مسؤولاً عن الحكم على المحامية البارزة في مجال حقوق الإنسان نسرين ستوده بالسجن لمدة 33 عامًا و 148 جلدة للدفاع عن حقوق المرأة.
من ناحية أخرى، نجا رازيني من محاولة اغتيال سابقة في عام 1999 عندما تم ربط قنبلة بسيارته. كما ارتبط أيضًا بما يسمى “لجنة الموت” الإيرانية، وهي اللجنة المتهمة بالإشراف على الإعدام الجماعي لآلاف السجناء السياسيين في عام 1988.
اقرأ أيضًا: بعد مرور 15 شهرًا.. كيف أعاد السابع من أكتوبر تشكيل الشرق الأوسط
مؤامرة أجنبية أم انتقام داخلي؟ التداعيات الجيوسياسية
في حين سارع المسؤولون الإيرانيون إلى إلقاء اللوم على القوى الأجنبية، فإن طبيعة الهجوم تثير تساؤلات حول ما إذا كان عملية خارجية أم حالة انتقام داخلي. ونظرًا لتاريخ القضاة في رئاسة قضايا مشحونة سياسياً، فمن المحتمل أن تكون جماعات المعارضة المحلية أو الأفراد الذين لديهم مظالم شخصية قد نفذوا الهجوم.
ومع ذلك، يأتي الاغتيال في وقت من التوترات الجيوسياسية المتزايدة، حيث تتخذ إيران إجراءات صارمة ضد ما تسميه “المتسللين” والجواسيس الذين يعملون لصالح الغرب وإسرائيل. لقد اتهمت طهران مرارا وتكرارا خصومها بشن عمليات سرية داخل حدودها، بما في ذلك اغتيال العلماء النوويين والمسؤولين العسكريين.
إن مقتل رازيني وموغيسه من شأنه أن يزيد من تصعيد التوترات بين إيران وخصومها منذ فترة طويلة، مما يضيف طبقة أخرى إلى المشهد الأمني المتقلب بالفعل في المنطقة. وسواء كان هذا الهجوم نتيجة لتدخل أجنبي أو معارضة داخلية، فمن المرجح أن تستخدمه القيادة الإيرانية لتبرير المزيد من حملات القمع ضد المعارضة وتعزيز مزاعمها بأنها تحت حصار من الأعداء الخارجيين.
أسئلة بلا إجابة والطريق إلى الأمام
بينما تستمر التحقيقات، تظل العديد من الأسئلة بلا إجابة. من هو المهاجم؟ هل كان يتصرف بمفرده أم كجزء من شبكة أكبر؟ إذا ثبت تورط أجنبي، فكيف سترد إيران؟
هناك شيء واحد مؤكد: لقد أرسل هذا الاغتيال موجات صدمة عبر الدوائر القضائية والسياسية في إيران. سواء كان ذلك علامة على تنامي السخط الداخلي أو فصل جديد في الحرب الخفية بين إيران وخصومها، فإن تداعيات هذا الهجوم سوف تكون محل مراقبة عن كثب في الأسابيع المقبلة.