اقتراح ترامب لغزة يهدد العلاقات المصرية الأمريكية.. المصريون يدعمون حكومتهم

القاهرة (خاص عن مصر)- في الوقت الذي يواصل مسؤولو الاستخبارات المصرية الجهود الدبلوماسية للحفاظ على وقف إطلاق النار الهش مع حماس، تلوح أزمة في الأفق، جراء اقتراح ترامب لغزة لما بعد الحرب.

وفقا لتحليل بي بي سي، يتضمن الاقتراح نقل مليوني فلسطيني إلى مصر والأردن بينما تتولى الولايات المتحدة السيطرة على غزة، وقد قوبلت هذه الخطة بالانزعاج في جميع أنحاء مصر، حيث يرى المواطنون والمسؤولون الحكوميون أنها تهديد مباشر للاستقرار الوطني.

في صلاة الجمعة، أعرب المصريون عن رفضهم القاطع للاقتراح، وقال عبده، وهو مهندس مدني: “سننقل جبهة القتال من أرضهم إلى أرضنا، وهذا من شأنه أن يمنح إسرائيل ذريعة لمهاجمتهم على أرضنا باسم الدفاع عن النفس”.

وردد آخرون مخاوف مماثلة، محذرين من أن تهجير سكان غزة بشكل دائم من شأنه أن يقوض الدولة الفلسطينية ويغذي عدم الاستقرار الإقليمي.

المناورات الدبلوماسية والعواقب الاقتصادية

أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي حملة دبلوماسية عاجلة لمواجهة اقتراح ترامب، وأشارت مصر، وهي حليف رئيسي للولايات المتحدة تاريخيا، إلى أن أي تهجير قسري للفلسطينيين من شأنه أن يعرض معاهدة السلام طويلة الأمد مع إسرائيل للخطر.

منذ اتفاق السلام لعام 1979 الذي توسطت فيه واشنطن، تلقت القاهرة أكثر من 1.3 مليار دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية سنويا.

بينما التقى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بترامب في البيت الأبيض، واختار نهجا دبلوماسيا، اتخذت مصر موقفا أكثر حزما، وتشير التقارير إلى أن السيسي رفض زيارة واشنطن بينما لا تزال خطة التهجير قيد المناقشة.

وفي الوقت نفسه، عانى الاقتصاد المصري بشكل كبير بسبب الحرب في غزة، لقد شهدت قناة السويس، وهي مصدر دخل حيوي، خسائر تقدر بنحو 8 مليارات دولار بسبب هجمات الحوثيين على طرق الشحن في البحر الأحمر، والتي تصاعدت رداً على الهجوم العسكري الإسرائيلي.

اقرأ أيضا.. 18 مصرية ضمن قائمة فوربس الشرق الأوسط لأقوى 100 رائدة أعمال عام 2025

خطة مصر البديلة لإعادة إعمار غزة

تقترح مصر استراتيجية شاملة لإعادة الإعمار لمواجهة فكرة التهجير القسري، وقد حدد قطب العقارات هشام طلعت مصطفى، مؤخراً خطة بقيمة 20 مليار دولار لبناء 200 ألف منزل في غزة في غضون ثلاث سنوات – دون نقل الفلسطينيين.

يقول الخبراء، بمن فيهم الأستاذ مصطفى كامل السيد من جامعة القاهرة، إن الخطة قابلة للتنفيذ، وقال: “إن إيجاد مناطق آمنة للفلسطينيين أثناء إعادة بناء منازلهم أمر قابل للتحقيق”، مضيفًا أن الأفكار المبتكرة، مثل استخدام الأنقاض كمواد بناء، قيد الدراسة.

في إطار التحضير للمناقشات مع الدول العربية، دعت مصر إلى عقد قمة طارئة في القاهرة في 27 فبراير، وتهدف القمة إلى تطوير مبادرة تمويل بقيادة الخليج لإعادة إعمار غزة وخطة حكم تستبعد حماس.

الاستجابات الدولية والإقليمية

أقر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بالمعارضة العربية الواسعة النطاق لمقترح ترامب، وقال: “إذا كان لدى شخص ما خطة أفضل – ونأمل أن يكون لديهم – فهذا هو الوقت المناسب لتقديمها”، مشيرًا إلى الانفتاح المحتمل على مبادرة مصر.

يظل التحدي يتمثل في تأمين الموافقة الإسرائيلية. عارض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشدة مشاركة السلطة الفلسطينية في حكم غزة، بما يتماشى مع رفضه الأوسع للدولة الفلسطينية، تصورت الإدارة الأمريكية السابقة، تحت قيادة أنتوني بلينكن، هيكل حكم مؤقت بقيادة الأمم المتحدة، لكن نتنياهو قاوم مثل هذه المقترحات.

موقف مصر: عمل متوازن

تواصل مصر الدعوة إلى حل الدولتين طويل الأمد. وأكدت وزارة الخارجية المصرية التزامها بالعمل مع واشنطن على “تسوية سلام شاملة وعادلة”، ولكن القاهرة تظل حازمة في رفض أي سيناريو ينطوي على نزوح جماعي للفلسطينيين.

خارج المساجد في القاهرة، يعرب المصريون عن دعمهم لموقف حكومتهم، وحذر أحد المصلين، في إشارة إلى الروابط الإيديولوجية بين جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والجماعة: “نحن نستضيف بالفعل أكثر من 100 ألف من سكان غزة، وإذا استقبلنا المزيد، فقد تصبح مصر قاعدة لحماس”.

لم يتردد صاحب متجر محمد، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل، على التعبير عن المشاعر الوطنية: “يحتاج الفلسطينيون إلى العيش على أرضهم، وليس أرضنا، نحن لا نحتاج إلى أي شيء من الولايات المتحدة، وأنا أقف إلى جانب السيسي وحكومتنا، ونحن مستعدون لمواجهة العواقب الكاملة”.

ومع تكثيف الجهود الدبلوماسية، تظل مصر في قلب المفاوضات الإقليمية، عازمة على تشكيل مستقبل غزة مع حماية أمنها الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى