اقتصاد العالم في قبضة مصر.. الموانئ المصرية تسيطر على حركة التجارة الدولية
تعد مصر واحدة من أبرز الدول المحورية في التجارة الدولية، وذلك بفضل موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربط بين البحرين المتوسط والأحمر، حيث تسيطر الدولة المصرية على أحد أهم الممرات البحرية في العالم، وهو قناة السويس، الذي يمر من خلاله حوالي 12% من التجارة العالمية سنويًا.
ووفقًا لمنصة “mordorintelligence” العالمية، فإن 30% من تجارة الحاويات العالمية، و40% من التجارة البحرية العالمية تمر عبر مصر.
ومن خلال تطوير موانئها البحرية وتأمين ممراتها التجارية، عززت مصر دورها كأحد المحاور اللوجستية الكبرى على الصعيدين الإقليمي والدولي، وأصبحت في موقع استراتيجي يحمي ويدعم تجارة العالم.
وفي التقرير التالي من خاص عن مصر، نرصد الجهود المصرية في تطوير وتهيئة الموانئ المصرية، بالإضافة لجهود مصر في حماية التجارة العالمية من القرصنة.
اقرأ أيضًا: ما وراء الكواليس.. كيف أعادت مصر وروسيا إحياء مشروع مدينة الشمس بقناة السويس؟
الموانئ المصرية والتجارة الدولية
وتمتلك مصر العديد من الموانئ البحرية التي تعتبر شريانًا رئيسيًا في التجارة العالمية، وتعمل الحكومة المصرية باستمرار على تطوير هذه الموانئ لتواكب متطلبات التجارة الدولية.
ميناء الإسكندرية
يعتبر ميناء الإسكندرية من أكبر الموانئ المصرية وأكثرها حيوية، حيث يتمتع الميناء بموقعه المطل على البحر المتوسط ويستحوذ على نحو 60% من حركة الواردات والصادرات المصرية.
وفي إطار جهود التطوير، نفذت الدولة المصرية مشاريع تطوير ضخمة لرفع كفاءة الميناء، حيث تم إنشاء محطة “تحيا مصر” متعددة الأغراض بتكلفة تصل إلى 7 مليارات جنيه مصري، مع إضافة أرصفة جديدة وزيادة القدرة الاستيعابية للميناء، التي تصل الآن إلى نحو 15 مليون طن سنويًا.
كما تم ربط الميناء بمحور التعمير لتحسين حركة البضائع ونقلها بكفاءة أكبر.
ميناء دمياط
يعتبر ميناء دمياط واحدًا من أهم الموانئ المصرية على البحر المتوسط، حيث شهد عمليات تطوير كبيرة شملت بناء محطة متعددة الأغراض، وذلك بهدف زيادة السعة الاستيعابية وتحسين البنية التحتية.
وبتكلفة تصل إلى 1.365 مليار جنيه، تعمل الحكومة المصرية على تعزيز دور هذا الميناء في تيسير حركة التجارة البحرية العالمية عبر البحر المتوسط.
ميناء السخنة
يقع ميناء السخنة على البحر الأحمر، ويعتبر بوابة رئيسية للتجارة مع آسيا وأفريقيا، حيث يجري العمل على تطوير هذا الميناء ليصبح مركزًا رئيسيًا للتجارة الترانزيت، بالإضافة إلى إنشاء محاور لوجستية تساهم في تسهيل حركة البضائع وتعزيز سعة الميناء.
كما تسعى مصر من خلال تطوير ميناء السخنة إلى الاستفادة القصوى من موقعه الاستراتيجي بالقرب من قناة السويس.
ميناء سفاجا
يقع ميناء سفاجا على ساحل البحر الأحمر في محافظة البحر الأحمر، ويعد واحدًا من أهم الموانئ المصرية التي تخدم حركة التجارة بين مصر ودول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية.
كما يشتهر الميناء بكونه بوابة رئيسية لتصدير الفوسفات والمعادن من المناجم المصرية، بالإضافة إلى دوره الكبير في نقل البضائع والركاب بين مصر والمملكة العربية السعودية.
وقد شهد الميناء خلال السنوات الأخيرة عمليات تطوير وتوسعة بهدف زيادة قدرته الاستيعابية وتحسين البنية التحتية، حيث تم تطوير الأرصفة وزيادة مساحات التخزين وتحسين مرافق تحميل وتفريغ السفن.
ميناء نويبع
يعد ميناء نويبع، الواقع على خليج العقبة في جنوب سيناء، من الموانئ المهمة في نقل البضائع والركاب بين مصر والمملكة الأردنية الهاشمية ودول أخرى في منطقة الخليج العربي.
كما يعتبر الميناء محوريًا في تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر والدول العربية من خلال الربط البحري الذي يسهل تبادل البضائع وخدمات الشحن، حيث يتميز ميناء نويبع بمحطة ركاب حديثة تساهم في تحسين تجربة السفر والنقل البحري، خاصة في مواسم الحج والعمرة.
كما أن هناك خططًا لتطوير هذا الميناء ضمن استراتيجية أوسع لتطوير الموانئ المصرية وزيادة القدرة التنافسية لنقل البضائع، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على التصدير والاستيراد في منطقة الشرق الأوسط.
اقرأ أيضًا: مستقبل شركات قطاع الأعمال العام في مصر.. تطوير أم تصفية؟
دور قناة السويس في تأمين التجارة الدولية
وتعد قناة السويس شريانًا حيويًا للتجارة البحرية الدولية، حيث تسهم القناة في تقصير مسافات النقل البحري بين أوروبا وآسيا بنحو 7,000 كيلومتر مقارنة بالطريق الذي يمر حول رأس الرجاء الصالح.
كما تشكل القناة وحدها حوالي 12% من إجمالي حركة التجارة العالمية، مما يجعلها ممرًا حيويًا للبضائع والنفط والغاز الطبيعي المسال وغيرها من الموارد.
وتلعب مصر دورًا محوريًا في تأمين هذا الممر الاستراتيجي، حيث نفذت الدولة المصرية خطة شاملة لتحديث البنية التحتية لقناة السويس، بما في ذلك مشاريع التوسعة الأخيرة التي رفعت القدرة الاستيعابية للقناة وقللت من زمن العبور.
حماية التجارة الدولية من القرصنة
وبالإضافة إلى ذلك، تولي مصر اهتمامًا بالغًا بحماية التجارة العالمية التي تمر عبر ممراتها المائية الاستراتيجية، لا سيما قناة السويس والبحر الأحمر، حيث تعد هذه المناطق عرضة للقرصنة البحرية والتهديدات الأمنية، خاصة في خليج عدن والبحر الأحمر، ولذلك تلعب القوات البحرية المصرية دورًا محوريًا في تأمين الممرات البحرية وضمان سلامة السفن التجارية.
وتتمثل جهود مصر في هذا المجال في القيام بعدة عمليات دورية لمكافحة القرصنة وتأمين التجارة البحرية، حيث تجري القوات البحرية المصرية عمليات مراقبة منتظمة للمياه الإقليمية والدولية المحيطة بمصر، حيث يتم استخدام التكنولوجيا المتقدمة، مثل الرادارات وأنظمة الاستشعار عن بعد، لمتابعة حركة السفن وكشف أي نشاط مشبوه في المناطق المهددة بالقرصنة.
علاوة على ذلك، تتعاون مصر مع الدول المجاورة والقوى الدولية لمكافحة القرصنة في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن، حيث يتم تنظيم تدريبات بحرية مشتركة لتحسين التنسيق بين القوات البحرية المصرية ونظيرتها الدولية، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية والقدرة على الاستجابة السريعة لأي تهديدات.
وتساهم هذه الجهود في تأمين حركة التجارة البحرية التي تعبر من وإلى قناة السويس، مما يقلل من المخاطر ويعزز من استقرار التجارة العالمية.
كما تعزز تلك الجهود سمعة مصر كدولة آمنة وموثوقة، ليس فقط لحماية سفنها، ولكن أيضًا لحماية التجارة الدولية التي تعبر عبر مياهها، وهو ما يؤكد دورها المحوري في الاقتصاد البحري العالمي.
الاستثمارات في البنية التحتية والأمن البحري
وتواصل الحكومة المصرية العمل على جذب المزيد من الاستثمارات لتطوير البنية التحتية للموانئ البحرية، حيث يتم تطوير المحاور اللوجستية التي تربط الموانئ بالمناطق الصناعية والطرق السريعة، مما يسهم في زيادة كفاءة النقل البحري ويعزز من دور مصر كمركز لوجستي عالمي.
اقرأ أيضًا: إعادة الحياة إلى الصناعة المصرية.. الدولة تتحرك لدعم 5800 مصنع متعثر
مصر كمركز لوجستي عالمي في التجارة الدولية
وتسعى مصر لأن تصبح مركزًا لوجستيًا عالميًا بفضل موقعها المتميز وتطوير موانئها البحرية، حيث تهدف الدولة إلى أن تكون جسرًا يربط بين الشرق والغرب في التجارة الدولية، وذلك من خلال تطوير الموانئ البحرية الرئيسية وتحسين الخدمات اللوجستية.
ويعد ميناء الإسكندرية وميناء السخنة من أبرز الموانئ التي تستهدف مصر تحويلها إلى مراكز لتجارة الترانزيت، حيث يتوقع أن يسهم ذلك في زيادة حجم التجارة العابرة لمصر وتعزيز مكانتها على الخريطة التجارية العالمية.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي لتطوير الموانئ
ولا يقتصر تأثير تطوير الموانئ المصرية على تعزيز حركة التجارة الدولية فحسب، بل يمتد أيضًا ليشمل تأثيرات اقتصادية واجتماعية هامة، ومن خلال هذه التطويرات، تسعى مصر لخلق المزيد من فرص العمل وتحقيق التنمية الاقتصادية في المناطق المحيطة بالموانئ.
وعلى سبيل المثال، تؤدي مشاريع التوسعة في ميناء الإسكندرية إلى تحسين البنية التحتية المحيطة به، مما يسهم في زيادة حجم التجارة ويعزز من تنافسية الصادرات المصرية.
بالإضافة إلى ذلك، تسهم مشاريع تطوير الموانئ في تعزيز قدرة مصر على جذب الاستثمارات الأجنبية، خاصة في قطاع الشحن والخدمات اللوجستية، كما أن تطوير هذه الموانئ يزيد من القدرة التنافسية لمصر كوجهة لتجارة الترانزيت، مما يؤدي إلى رفع إيرادات الدولة ويعزز من مركزها المالي.