تاريخ وتراثسياحة

اكتشاف ثوري..كيف نقلت المغرب الحضارات القديمة من مصر لأوروبا عبر المتوسط

لعبت منطقة شمال غرب أفريقيا دورًا في نشر الحضارة من غرب مصر إلى جنوب أوروبا

اكتشف علماء الآثار ما قد يكون حلقة مفقودة بين الزراعة التي نمت بها الحضارات القديمة في مصر وبلاد ما بين النهرين والحضارات الأحدث في أوروبا في الجانب الأخر من البحر الأبيض المتوسط.

ألقت الاكتشافات الأثرية الحديثة في شمال غرب أفريقيا، وخاصة في منطقة المغرب، الضوء على المسارات القديمة للتنمية الزراعية التي تربط أقدم الحضارات المعروفة في مصر وبلاد ما بين النهرين بالمجتمعات الحديثة في منطقة البحر الأبيض المتوسط وأوروبا.

لم يسلط بحث، نشره موقع ديسكفر مجزين، الضوء على الأهمية التاريخية لهذه المنطقة فحسب، بل يعيد أيضًا تشكيل فهمنا لانتشار الممارسات الزراعية والتبادلات الثقافية عبر المناطق.

حلقة مفقودة في التاريخ الزراعي

كشفت الحفريات في وادي بهت في المغرب عن أدلة على مجتمع زراعي غير معروف سابقًا ازدهر بين عامي 3400 و2900 قبل الميلاد. افترض سيبريان برودبانك، عالم الآثار من جامعة كامبريدج، منذ فترة طويلة أن المغرب لعب دورًا حاسمًا في نشر الحضارة غربًا من مصر إلى جنوب أوروبا.

تأكدت شكوك سيبريان برودبانك، عالم الآثار من جامعة كامبريدج، عندما اكتشف فريقه بقايا نباتية وحيوانية، وفخاريات، وأدوات حجرية في الموقع، مما جعله أقدم وأكبر مجمع زراعي تم العثور عليه في أفريقيا وراء نهر النيل.

بحسب ما نقله خاص عن مصر، يقول برودبانك: “يبدو أن نوع الزراعة التي نراها في وادي بهت يشبه إلى حد كبير ذلك الذي انتشر في جميع أنحاء الجانب الشمالي من البحر الأبيض المتوسط، ومعظم جزره، خلال العصر الحجري الحديث”.

أقرا أيضا.. أسرار مصر القديمة..الكشف عن تابوت عيدي تحت أكبر مقبرة غير ملكية في مصر

كما يوضح أن الممارسات الزراعية في وادي بهت تشترك في جذورها مع تلك الموجودة في “الحضارات الرسوبية القديمة في بلاد ما بين النهرين ومصر، إلا أنها كانت تعتمد بشكل أكبر على الحقول البعلية وربما أنظمة الري الصغيرة النطاق.

مفترق طرق تاريخي: التجارة والتبادل الثقافي

كان القرب الجغرافي لشمال إفريقيا من جنوب إسبانيا نقطة محورية لعلماء الآثار الذين يدرسون نقل الممارسات الزراعية عبر البحر الأبيض المتوسط. وقد أسفرت المواقع التاريخية في إسبانيا عن قطع أثرية مثل العاج وبيض النعام، مما يشير إلى وجود صلات مع أفريقيا. ومع ذلك، حتى الآن، كانت هذه النتائج تفتقر إلى ارتباط مباشر بالحضارات المصرية القديمة عبر أفريقيا.

يشير بروودبانك إلى أن “جميع جوانب البحر الأبيض المتوسط ​​تشترك في بيئة وإمكانات متشابهة بشكل أساسي”، مما يشير إلى أن ندرة الأدلة الأثرية على طول الساحل الجنوبي غرب مصر كانت في السابق سبباً في إخفاء أهمية المنطقة.

يؤكد التقرير أن القطع الأثرية من جنوب إسبانيا والبرتغال، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من 5000 عام، تشير إلى وجود روابط تجارية مع مجتمعات شمال إفريقيا غير المعروفة. وتمهد الاكتشافات في وادي بهت الطريق لفهم أكثر دقة لهذه التفاعلات.

دعوة إلى بحث أوسع: المغرب المنسي

عمل بروودبانك ليس مجرد كشف، بل هو أيضاً دعوة إلى العمل لعلماء الآثار لتوسيع تركيزهم إلى ما هو أبعد من الروايات المألوفة المحيطة باليونان وروما ومصر وبلاد ما بين النهرين. ويؤكد: “نأمل أن تؤدي اكتشافاتنا إلى البحث بشكل أكثر نشاطاً وتقديراً ودمجاً في فهمنا الشامل للديناميكيات في المغرب المبكر وأجزاء أخرى من إفريقيا المتوسطية”.

النتائج التي تم التوصل إليها في وادي بهت تشجع على إعادة تقييم دور المغرب في النسيج الأوسع لتاريخ البحر الأبيض المتوسط، والذي طغت عليه في كثير من الأحيان حضارات قديمة أكثر بروزًا. ومن خلال تسليط الضوء على التطورات الزراعية والثقافية في هذه المنطقة، يمكن للباحثين تقدير الترابط بين المجتمعات القديمة بشكل أفضل.

فصل جديد في البحث الأثري

إن الاكتشافات التي تم التوصل إليها في وادي بهت تقدم رؤى حيوية حول هجرة وتطور الممارسات الزراعية التي شكلت الحضارات عبر التاريخ. ومن خلال إقامة صلة بين المجتمعات القديمة في شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط، يؤكد هذا البحث على تعقيد التبادلات الثقافية وأهمية المغرب في تاريخ التنمية البشرية.

 

زر الذهاب إلى الأعلى