الحرب العالمية الثالثة قائمة بالفعل في أوكرانيا.. عولمة الصراع

القاهرة (خاص عن مصر)- تحول صراع روسيا وأوكرانيا، الذي دخل عامه الثالث الآن، من مناوشة إقليمية إلى صراع دولي مترامي الأطراف.

ووفقا لتحليل نشرته بوليتيكو، اجتذب هذا التحول عشرات الدول، من الدعم العسكري إلى التحالفات الإيديولوجية، مما جعل الحرب واحدة من أكثر المواجهات عالمية منذ الحرب الباردة.

ساحة معركة اللغات الأجنبية

تميزت الأيام الأولى من الحرب بالصراخ باللغتين الأوكرانية والروسية، والآن، تتردد أصداء لغات من جميع أنحاء العالم في الخنادق: الإسبانية والصومالية والكورية والنيبالية والمزيد، يرمز هذا التنوع اللغوي إلى التدويل المتزايد للحرب.

فوق ساحة المعركة، تتصادم الطائرات بدون طيار الإيرانية مع أنظمة الدفاع الجوي الأمريكية، بينما تتصدى المدفعية الألمانية للقذائف الكورية الشمالية، وتؤكد هذه الديناميكيات العالمية أن هذا لم يعد مجرد صراع إقليمي.

حرب بالوكالة تحولت إلى عالمية

عندما شن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن غزوًا واسع النطاق في فبراير 2022، فمن المرجح أنه توقع انتصارًا سريعًا وكتم المعارضة الغربية، ولكن بدلاً من ذلك، نجحت المقاومة الأوكرانية في حشد الدعم الدولي غير المسبوق، وخاصة من دول حلف شمال الأطلسي.

وقال مؤرخ الحرب الباردة سيرجي رادشينكو: “لو انتهت الحرب بسرعة، لظلت صراعاً محلياً”، ولكن تصميم أوكرانيا واستجابة الغرب حولت الحرب إلى معركة بالوكالة بين الديمقراطية والاستبداد.

لقد وضعت أوكرانيا نفسها في موقف المدافع عن الديمقراطية، في حين تصور روسيا حملتها على أنها حملة ضد الهيمنة الأمريكية، وقد اجتذبت هذه الادعاءات الإيديولوجية الموارد والدعم من كل حدب وصوب.

أقرا أيضا.. بقيمة 115 مليون دولار.. «السجون الأمريكي» يعوض ضحايا اعتداءات مؤسسة الإصلاح الفيدرالية

حلفاء روسيا العالميون

تحولت تحالفات موسكو نحو الدول التي خاب أملها في الهيمنة الغربية، فإيران تزود روسيا بالطائرات بدون طيار؛ وكوريا الشمالية تزودها بالصواريخ الباليستية والذخيرة، بل وحتى القوات، وفي الوقت نفسه، تظل الصين شريان الحياة الاقتصادي لروسيا، حيث تشتري النفط وتزودها بالتكنولوجيا الحيوية على الرغم من العقوبات الغربية.

وقال ألكسندر جابوييف، مدير مركز كارنيغي روسيا أوراسيا: “تتاجر الهند ودول أخرى مع روسيا، لكن مساهمات الصين لا مثيل لها”.

إن استراتيجية الحرب الهجينة التي تنتهجها روسيا تمتد إلى ما هو أبعد من أوكرانيا، حيث تستهدف حلف شمال الأطلسي من خلال الهجمات الإلكترونية، والتدخل في الانتخابات، والتحالفات مع جهات معادية للغرب مثل الحوثيين في اليمن.

الدعم الغربي المحسوب

إن بقاء أوكرانيا يعتمد على المساعدات الغربية، فقد قدمت دول حلف شمال الأطلسي أكثر من 220 مليار دولار من الدعم العسكري والاقتصادي، وزودت أوكرانيا بأسلحة متطورة مثل طائرات إف-16 والصواريخ بعيدة المدى.

ومع ذلك، فرض القادة الغربيون حدودا لتجنب تصعيد الصراع، ورفضوا توريد أسلحة معينة والحفاظ على “خطوط حمراء” ضد التدخل المباشر.

وعلى الرغم من هذه القيود، كان الدعم التدريجي من الغرب حاسما، وأشار جابوف إلى أنه “بدون المساعدة الغربية، كانت الحرب لتنتهي بهزيمة ساحقة لأوكرانيا”.

ومع ذلك، فإن الرأي العام في الغرب متذبذب، كما أبرز استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أظهر أن الأمريكيين منقسمون بالتساوي بشأن دور بلادهم في دعم أوكرانيا.

تحديات الدعم

مع استمرار الصراع، يشعر الداعمون الدوليون بالتعب. إن عودة ترامب المحتملة إلى الرئاسة الأمريكية تشكل تهديدا كبيرا لتمويل أوكرانيا ودعمها، وتقول نينا خروشيفا، أستاذة الشؤون الدولية: “كان من الواضح منذ البداية أنه إذا لم تفز أوكرانيا بالسرعة الكافية، فإن أميركا سوف تنسحب”.

تواجه أوكرانيا انخفاضا في الروح المعنوية والموارد مع توجهها نحو شتاء قاس آخر، وتقدر وزارة الدفاع الأمريكية أن قوة القوات الأوكرانية قد تتعثر في غضون عام واحد دون تعزيزات كبيرة.

نظرة قاتمة

لا يمكن لأوكرانيا ولا روسيا أن تحافظا على وتيرة الاستنزاف الحالية إلى أجل غير مسمى.

تعتمد الدولتان على المقاتلين الأجانب، حيث تجند روسيا من البلدان الفقيرة وتستعين أوكرانيا بالمتطوعين الدوليين بوعد أن تكون على “الجانب الصحيح من التاريخ”.

مع دخول الحرب عامها الرابع، لا يزال احتمال الحل بعيد المنال، كما أن البعد الدولي، في حين يوفر الدعم الحاسم، يقدم أيضا التقلبات.

يعطي الداعمون الخارجيون الأولوية لمصالحهم الجيوسياسية الخاصة، مما يترك أوكرانيا وروسيا عالقتين في صراع طويل الأمد دون نهاية واضحة في الأفق.

إن الطبيعة العالمية لهذا الصراع تثير تساؤلات حول تداعياته على المدى البعيد، فهل سيشكل نقطة تحول في العلاقات الدولية، أم أنه سيتحول إلى مزيد من الفوضى؟ الوقت وحده هو الذي سيخبرنا بذلك، ولكن في الوقت الحالي، تظل أوكرانيا مركزًا لحرب عالمية ثالثة متزايدة الاتساع.

زر الذهاب إلى الأعلى