الخلاف يحتدم بين البيت الأبيض والاستخبارات بشأن فعالية ضربات إيران.. وترامب يصعّد ويهاجم بقوة

في تصعيد جديد للتوتر بين المؤسسة السياسية والاستخباراتية في واشنطن، رفض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل قاطع، تقريرا استخباراتيا أمريكيا سريا يُشكك في فعالية الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة على منشآت إيران النووية.
ترامب يرفض التقرير الاستخباراتي
ووصف ترامب التقرير، الذي نشرته شبكة “سي إن إن”، بـ”الأخبار الكاذبة”، معتبرا أن العملية العسكرية كانت “واحدة من أنجح الضربات في التاريخ”.
وفي منشور عبر منصة “تروث سوشيال”، من داخل أروقة قمة حلف شمال الأطلسي في هولندا، أكد ترامب أن “المواقع النووية في إيران دُمرت بالكامل!”، مشددا على أن ما نُشر خلاف ذلك هو محض تضليل إعلامي مقصود.
تقييم DIA: البرنامج النووي الإيراني لم يُمحَ بعد
ووفقا لتقرير مسرب صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA)، والذي نقلته شبكة “سي إن إن” وأكدته لاحقا واشنطن بوست، فإن الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان لم تُلحق بالبرنامج النووي الإيراني سوى “تأخير لعدة أشهر”، دون أن تقضي عليه نهائيا.
وقد نفذت الضربات عبر قاذفات الشبح B-2 وصواريخ توماهوك أُطلقت من غواصات، باستخدام ذخائر خارقة للتحصينات. ومع ذلك، فإن التقرير الاستخباراتي يشير إلى أن:
إيران قامت مسبقا بنقل دفعات من اليورانيوم عالي التخصيب من المواقع المستهدفة.
– عددًا من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة لم تُدمر وظلت قد التشغيل.
– البنية التحتية الأساسية لموقع فوردو لم تُمس على الرغم من انهيار مداخله.
ويُجمع خبراء حظر الانتشار النووي على أن تدمير البرنامج النووي الإيراني جوا فقط “شبه مستحيل”، في ظل وجود ما لا يقل عن 30 موقعا نوويا، بعضها غير خاضع للرقابة الدولية.
البيت الأبيض يصف التقرير بـ”الخاطئ والمُسيس”
كما سارعت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارولين ليفيت، إلى الدفاع عن الرئيس، ووصفت التقرير بأنه “خاطئ تماما” و”تسريب غير مشروع يهدف لتشويه نجاح العملية”.
وفي منشور حاد على منصة X، قالت ليفيت: “الجميع يعلم ما يحدث عندما تُسقط أربع عشرة قنبلة وزن كل منها 30 ألف رطل على أهدافها بدقة: التدمير الكامل”.
كما اعتبرت التسريب محاولة لتقويض جهود طياري سلاح الجو الأمريكي، و”إهانة واضحة للقيادة الرئاسية”.
آراء الخبراء والمسؤولين: مهمة ناجحة أم ضرر محدود؟
كما أيّد نائب الرئيس الأمريكي، جيه دي فانس، الرواية الرسمية قائلا لقناة فوكس نيوز: “إذا كان لدى إيران يورانيوم مخصب بنسبة 60%، ولكنها عاجزة عن تحويله إلى 90% أو تصنيعه كسلاح، فإن المهمة قد أُنجزت”.
أما المبعوث الخاص للرئيس ترامب، ستيف ويتكوف، فذهب أبعد من ذلك، معتبرا تسريب التقييم “خيانة وطنية”، مطالبا بفتح تحقيق رسمي حول هوية المُسرّب داخل مجتمع الاستخبارات.
الكونجرس يضغط… والبيت الأبيض يؤجل الإحاطة
وأثار تأجيل مفاجئ لإحاطة سرية كان من المقرر تقديمها لأعضاء مجلس النواب أثار الكثير من التساؤلات.
وقال النائب الديمقراطي مايك كويجلي، عضو لجنة الاستخبارات، في تصريح مقتضب: “إنهم لا يؤجلون الإحاطات التي تحمل أخبارًا جيدة”. ورغم تحفظه عن التفاصيل، أشار إلى أن الخبراء في الأجهزة الاستخباراتية الأمريكية طالما شددوا على أن “الهجوم الجوي وحده لا يكفي” وأن “التدخل البري هو السبيل الوحيد لإنهاء البرنامج النووي الإيراني”.
برنامج نووي عميق ومتوزع.. وطهران كانت مستعدة
وتشير تحليلات الخبراء وصور الأقمار الصناعية إلى أن إيران كانت على الأرجح مستعدة للغارات. فقد رُصدت حركة شاحنات في المنشآت المستهدفة قبل أيام من الضربات، ما يدعم فرضية نقل اليورانيوم ومعدات حساسة إلى أماكن أخرى.
والأخطر، أن منشأة جديدة قرب نطنز – وهي أكثر عمقا من فوردو – لم تُستهدف. وقد أُعلن عنها قبل الغارات مباشرة، وكان من المقرر أن تزورها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اليوم التالي، لكن التفتيش أُلغي فجأة، مما يزيد من الغموض حول قدرتها وأهدافها.
رسالة سياسية أم إنجاز عسكري؟ ترامب ونتنياهو يتشبثان بسردية النصر
ورغم اتساع هوة التناقضات، لا يبدو أن ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيتراجعان عن موقفيهما.
في خطاب متلفز، وصف نتنياهو العملية بأنها “تاريخية”، مضيفا أن “الجهد المشترك مع الولايات المتحدة أدى إلى تدمير البرنامج النووي الإيراني”.
اقرأ أيضا.. ليلة رعب في فرنسا.. مهرجان موسيقي يتحول إلى مسرح لهجمات وخز بالإبر تستهدف النساء
أما ترامب، فكتب: “المواقع التي ضربناها دُمِّرت بالكامل، والجميع يعلم ذلك”.
لكن في ظل التقييمات الاستخباراتية المتناقضة، وازدياد الضغوط من الكونجرس، تتعمق الأسئلة حول التوازن بين الرسائل السياسية وبين الوقائع الاستخباراتية على الأرض.