السودان يوافق على إقامة قاعدة بحرية روسية على ساحل البحر الأحمر
![قاعدة بحرية روسية](https://aboutmsr.com/wp-content/uploads/2025/02/السودان-يوافق-على-إقامة-قاعدة-بحرية-روسية-على-ساحل-البحر-الأحمر-.png)
القاهرة (خاص عن مصر)- أعلن السودان عن اتفاق لإنشاء قاعدة بحرية روسية على ساحله على البحر الأحمر، مما يمثل تحولاً جيوسياسياً كبيراً ويوفر لموسكو موطئ قدم استراتيجي في منطقة ذات أهمية متزايدة.
وفقا لفاينانشال تايمز، تأتي الصفقة في الوقت الذي تسعى فيه روسيا إلى تنويع وجودها العسكري في الشرق الأوسط وأفريقيا، وخاصة في ضوء حالة عدم اليقين المحيطة بقواعدها في سوريا بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.
خطوة استراتيجية لروسيا
أكد وزير الخارجية السوداني علي الشريف الاتفاق خلال زيارة إلى موسكو، قائلاً: “اتفقنا، اتفقنا، توصلنا إلى اتفاق بشأن كل شيء”. في حين لم يعلق الكرملين بعد على التفاصيل، فإن القاعدة ستوفر لروسيا بديلاً لمنشأتها البحرية في طرطوس بسوريا، حيث أصبح وجودها المستقبلي موضع شك بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2023.
اعتمدت روسيا منذ فترة طويلة على قواعدها في سوريا، بما في ذلك قاعدة حميميم الجوية ومنشأة طرطوس البحرية، كمراكز لوجستية للعمليات في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا. ومع ذلك، تشير صور الأقمار الصناعية والتقارير إلى أن موسكو قلصت من وجودها في سوريا، وربما تستعد للإخلاء الكامل.
ستوفر القاعدة الجديدة في السودان، الواقعة بالقرب من بورتسودان، لروسيا إمكانية الوصول إلى البحر الأحمر، وهو ممر مائي حيوي للتجارة العالمية والعمليات العسكرية. تتماشى هذه الخطوة مع استراتيجية موسكو الأوسع لتوسيع نفوذها في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث نشرت بالفعل مرتزقة من مجموعة فاغنر وقدمت الدعم العسكري للأنظمة في ليبيا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى.
اقرأ أيضًا: ترامب وغزة.. تصريحات مثيرة وخطة غير مدروسة محفوفة بالمخاطر
الحرب الأهلية في السودان وتحول ولاءات روسيا
تأتي الاتفاقية في خضم الحرب الأهلية المستمرة في السودان، والتي اندلعت في عام 2023 بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف أيضًا باسم حميدتي. ارتبطت روسيا بكلا جانبي الصراع، حيث دعمت في البداية قوات الدعم السريع قبل أن تحول ولائها للقوات المسلحة السودانية في الصيف الماضي.
اكتسبت القوات المسلحة السودانية، بقيادة الرئيس الفعلي الجنرال عبد الفتاح البرهان، زخمًا مؤخرًا في الحرب، حيث استولى على أراضٍ رئيسية واستعدت للدفع النهائي إلى العاصمة الخرطوم. يمكن أن يعزز اتفاق القاعدة البحرية الروسية موقف القوات المسلحة السودانية، مما يجعل موسكو في صف داعمين إقليميين آخرين مثل مصر وقطر.
ومع ذلك، لا تزال قوات الدعم السريع تسيطر على جزء كبير من شرق السودان ولديها مؤيدوها الدوليون، مما يضمن بقاء الصراع معقدًا ومتعدد الأوجه.
التداعيات وردود الأفعال الإقليمية
إن إنشاء قاعدة بحرية روسية في السودان له تداعيات كبيرة على الديناميكيات الإقليمية. فهو يؤكد عزم موسكو على الحفاظ على وجود استراتيجي في البحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية وشحنات الطاقة. كما يسلط هذا التحرك الضوء على قدرة روسيا على التكيف مع الحقائق الجيوسياسية المتغيرة، وخاصة في أعقاب سقوط الأسد في سوريا.
ولم توضح الحكومة المؤقتة في سوريا بعد ما إذا كانت ستسمح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها في البلاد. ودعا وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني إلى “سياسة واضحة” من روسيا وإيران لطمأنة الشعب السوري، الذي عانى كثيرا في ظل نظام الأسد وداعميه الأجانب.
وفي الوقت نفسه، لفت الاتفاق الانتباه إلى المنافسة الأوسع على النفوذ في منطقة البحر الأحمر، حيث أنشأت دول مثل الصين وتركيا والإمارات العربية المتحدة موطئ قدم عسكري واقتصادي.
فصل جديد في العلاقات الروسية السودانية
تعود أصول الاتفاقية إلى عام 2017، عندما سعى الرئيس السوداني السابق عمر البشير إلى الحصول على الدعم الروسي وسط انتفاضة شعبية ضد نظامه. وعلى الرغم من الإطاحة بالبشير في عام 2019، استمرت المفاوضات بشأن القاعدة البحرية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للسودان بالنسبة لموسكو.
بالنسبة للسودان، تمثل الاتفاقية فرصة لتأمين الدعم الدولي وسط صراعه الداخلي. وبالنسبة لروسيا، فإنها توفر فرصة لتعزيز وجودها في منطقة كان لها فيها تاريخيًا نفوذ محدود.