العالم لا يصدق إسرائيل.. أزمة العلاقات العامة الإسرائيلية ودورها في قلب الرأي العالم

أصبح تراجع مكانة إسرائيل عالميا وفشل العلاقات العامة لها في تصدير سرديتها عن الحرب قضية ملحة، وفقا لما رصده الكاتب الإسرائيلي ديفيد بن بسات، في مقال له بصحيفة جيروزاليم بوست.

وفي الوقت الذي يزعم فيه كاتب المقال تحقيق إسرائيل نجاحات عسكرية، يؤكد أن فعاليتها في تشكيل السرديات الدولية حول أفعالها قد تعثرت وفشلت. وبحسب المقال فإن هذا تحديًا يمكن التغلب عليه، ولكنه يتطلب إصلاحًا كبيرًا وتحولات استراتيجية لمواجهة السرديات الإعلامية العالمية.

يزعم بن بسات أن أزمة العلاقات العامة في إسرائيل، إذا لم يتم معالجتها، يمكن أن تضر بمكانتها العالمية وعلاقاتها الدبلوماسية والأمن الأوسع للدولة اليهودية. ومع ذلك، من خلال الإصلاحات الصحيحة ونهج أكثر تنسيقًا، يمكن إعادة بناء صورتها واستعادة سردها على المسرح العالمي.

تراجع تأثير العلاقات العامة لإسرائيل وعواقبه العالمية

لطالما كانت العلاقات العامة حجر الزاوية في استراتيجية إسرائيل الدولية. منذ أيامها الأولى بعد حرب عام 1948 وحتى الان، كانت الاتصالات الاستراتيجية لإسرائيل محورية في حشد الدعم العالمي والحفاظ على مكانتها. ومع ذلك يؤكد الكاتب أنه، على مر السنين، تضاءلت فعالية العلاقات العامة لإسرائيل، مما ترك فجوة كبيرة بين الانتصارات العسكرية وقدرتها على سرد جانبها من القصة.

كما يسلط بن بسات الضوء على أن إسرائيل تكافح حاليًا صراعًا أوسع وأكثر تعقيدًا في مجال الإدراك العام. يشير المؤلف إلى أن وسائل الإعلام العالمية، وخاصة منافذ مثل CNN ونيويورك تايمز، غالبًا ما أظهرت تحيزًا في تغطيتها لإسرائيل، حيث قدمت الدولة اليهودية باعتبارها شريرة في صراعات المنطقة. لعب هذا التغطية، حيث غالبًا ما يتم تأطير الإجراءات الإسرائيلية على أنها غير متناسبة أو غير عادلة، دورًا مهمًا في تشكيل الرأي العام ضد إسرائيل.

اقرأ أيضا.. عام من انقطاع الكهرباء.. سكان غزة يصارعون بحثا عن الاحتياجات الأساسية

فريدمان وأمانبور: تمثيل التحيز الإعلامي

تم الاستشهاد بشخصيتين بارزتين في وسائل الإعلام الدولية، توماس فريدمان من صحيفة نيويورك تايمز وكريستيان أمانبور من شبكة سي إن إن، كأمثلة على هذه التغطية التي يصفها الكاتب بإنها متحيزة ضد إسرائيل. ينتقد بن بسات عمود فريدمان الأخير عن غزة، متهماً إياه بتشويه الحقائق وتقديم وجهة نظر أحادية الجانب للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

يُنظر إلى تأكيد فريدمان على أن السلطة الفلسطينية يمكن أن تحكم غزة مرة أخرى، بعد استشهاد زعيم حماس يحيى السنوار، على أنه غير واقعي ومضلل من قبل العديد من المنتقدين الإسرائيليين، بما في ذلك بن بسات. يتجاهل هذا الادعاء السياق التاريخي لطرد السلطة الفلسطينية من غزة من قبل حماس، وهي الحقيقة التي تقوض أي إمكانية لعودة مستقرة للسلطة الفلسطينية.

وبالمثل، تعرضت تغطية كريستيان أمانبور للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، وخاصة أثناء عملية الجرف الصامد في عام 2014، لانتقادات شديدة. إن تركيزها على الضحايا الفلسطينيين أدى إلى اتهامات بالتحيز والتحريف. يزعم بن بسات أن مثل هذه التغطية تتجاهل غالبًا حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد التهديدات وتفشل في الاعتراف بالنطاق الكامل للتحديات الأمنية التي تواجهها إسرائيل.

دور وسائل الإعلام الحديثة في تشكيل الرأي العام العالمي

يؤكد الكاتب أن إسرائيل عالقة في سباق لمواجهة الروايات العدائية، والتي غالبًا ما يتم تضخيمها من قبل وسائل الإعلام مثل بي بي سي وسي إن إن. يحذر المؤلف من أن مصطلحات مثل “الاحتلال” و “الفصل العنصري” و “الاستجابة غير المتناسبة” تُستخدم بشكل متكرر في وسائل الإعلام الدولية لتأطير تصرفات إسرائيل في ضوء سلبي، مما يعزز المشاعر المعادية لإسرائيل بين الجمهور العالمي.

تواجه إسرائيل تحديًا كبيرًا في إيصال رسالتها. وعلى النقيض من الدول الأكثر ثراءً مثل قطر، التي تستطيع الاستثمار بكثافة في وسائل الإعلام وحملات العلاقات العامة، يتعين على إسرائيل أن تعمل بموارد أكثر محدودية. وهذا التفاوت في القوة المالية يجعل من الصعب على إسرائيل مكافحة الروايات الممولة جيدًا والتي تصورها في ضوء سلبي.

عيوب العلاقات العامة الاستراتيجية: الافتقار إلى الرسائل المتماسكة

يشير بن بسات إلى عيب خطير آخر في استراتيجية العلاقات العامة الإسرائيلية: الافتقار إلى التماسك والتركيز. لفترة طويلة جدًا، كانت جهود العلاقات العامة الإسرائيلية مجزأة، مع رسائل مصممة للجمهور المحلي أكثر من المجتمع الدولي الأوسع. ووفقًا لبن بسات، فإن هذا التناقض في الرسائل جعل من الصعب على إسرائيل بناء رواية متماسكة يمكن أن تكتسب قوة دفع دولية.

إن إحدى القضايا الرئيسية التي تواجهها إسرائيل هي الفشل في إشراك المراسلين الأجانب وتزويدهم بمعلومات دقيقة وسياقية. وقد أدى هذا إلى تقارير غير دقيقة، غالبًا ما تستند إلى بيانات غير كاملة من مصادر فلسطينية أو منظمات معادية لإسرائيل. يزعم بن بسات أن تحسين علاقات إسرائيل مع وسائل الإعلام الأجنبية وتوفير وصول أفضل إلى مصادر معلومات موثوقة يمكن أن يقطع شوطًا طويلاً نحو ضمان تقارير أكثر توازناً.

يؤكد بن بسات على أهمية التعاون مع المنظمات اليهودية في الشتات، مثل لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الإسرائيلية (أيباك) في الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تساعد في مكافحة التغطية الإعلامية أحادية الجانب وتحسين الفهم العام للمخاوف الأمنية الإسرائيلية. بالإضافة إلى ذلك، فإن خطط الحكومة الإسرائيلية لزيادة ميزانية جهود العلاقات العامة، بما في ذلك زيادة قدرها 545 مليون شيكل لعام 2025، تشير إلى نهج أكثر شمولاً واستراتيجية للصورة العالمية للبلاد.

زر الذهاب إلى الأعلى