الفشقة تشتعل من جديد.. هل تعود الحرب الصامتة بين السودان وإثيوبيا؟

في تصعيد جديد يُنذر بانفجار التوترات المُزمِنة بين السودان وإثيوبيا، أفادت لجان المقاومة ومزارعون في ولاية القضارف السودانية أن ميليشيات إثيوبية تُعرف محليًا باسم “الشفتة” شنّت، مطلع الأسبوع، هجمات مسلحة على عدد من القرى الحدودية، أبرزها “بركة نورين” و”ود كولي” و”ود عاروض”، ما تسبب في نهب المواشي والمعدات الزراعية وتعطيل موسم الزراعة.

ومع بداية موسم الأمطار الذي يُعد حاسمًا للأمن الغذائي في شرق السودان، فوجئ المزارعون في مناطق الفشقة باعتداءات من عناصر مسلّحة قدمت من داخل الأراضي الإثيوبية، وسط غياب واضح لأي حماية من الجيش السوداني المنتشر سابقًا في المنطقة.

وبحسب وسائل إعلام قال أحد سكان قرية “ود كولي”:”أمس عندما كنا في زراعتنا، وصلت الشفتة الإثيوبية وأحاطت بالقرية، أطلقوا النار ونهبوا أبقارا وتراكتورات تحت تهديد السلاح”.

وفي قرية “ود عاروض”، قال أحد الأهالي:”كنا في مزارعنا وسمعنا إطلاق نار، عدنا مسرعين لنجد الشفتة قد نهبوا الأبقار والأغنام، ثم انسحبوا إلى داخل إثيوبيا”.

الفشقة… أرض خصبة ونزاع دائم ببين السودان وإثيوبيا

تمتد منطقة الفشقة على مساحة تزيد عن 1.2 مليون هكتار، وتُعد من أخصب الأراضي الزراعية في السودان، لكنها لطالما كانت محل نزاع حدودي مع إثيوبيا، يعود لعقود.

ورغم أن الجيش السوداني سيطر على أجزاء واسعة منها عام 2020 في أعقاب الحرب في إقليم تيغراي الإثيوبي، إلا أن نشاط ميليشيات “الشفتة” لا يزال حاضرًا، مع تسجيل هجمات متقطعة تستهدف المزارعين.

جبهة جديدة في ظل الحرب

تأتي هذه التطورات في وقت يُعاني فيه السودان من حرب أهلية طاحنة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع، أودت بحياة الآلاف وتسببت في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، مع أكثر من 25 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي.

في هذا السياق، تُهدد الاعتداءات الجديدة على الفشقة بحرمان آلاف المزارعين من استغلال موسم الزراعة الوحيد في السنة، الأمر الذي سيُفاقم معاناة السكان المحليين ويزيد الضغوط على الموارد المنهكة أصلًا.

صمت رسمي

رغم خطورة الموقف، لم تُصدر السلطات السودانية أو الإثيوبية أي بيان رسمي بشأن هذه الهجمات حتى لحظة إعداد التقرير، ما دفع لجان المقاومة المحلية للمطالبة بتدخل عاجل من الجيش وتأمين القرى، في ظل ما وصفوه بـ”الفراغ الأمني الخطير”.

هل تشتعل الحدود من جديد؟

يخشى مراقبون أن تؤدي هذه الحوادث إلى إعادة إشعال ما يُعرف بـ”الحرب الصامتة” بين السودان وإثيوبيا، والتي شهدت ذروتها بين عامي 2020 و2021، بعد سيطرة الجيش السوداني على أجزاء من الفشقة، وتبادل الطرفين الاتهامات.

ومع انشغال الدولتين بصراعات داخلية، قد تجد ميليشيات محلية وإثنية كـ”الشفتة” هامشًا أكبر للتحرك وفرض أمر واقع جديد، على حساب الاستقرار الإقليمي وسلامة المجتمعات الزراعية الحدودية.

اقرأ أيضًا: استدعاء من بلغوا السبعين.. هل تستعد السويد لحرب محتملة مع روسيا؟

زر الذهاب إلى الأعلى