المظلة النووية الأوروبية.. هل تمتلك فرنسا القدرة على ردع روسيا؟

هل تمتلك فرنسا القدرة على ردع روسيا؟ .. في الفترة الأخيرة، ومع تراجع الدور الأمريكي خطوة للخلف في التزاماتها تجاه حلفائها الأوروبيين، برزت أزمة أمنية كبيرة داخل القارة العجوز، منعت واشنطن تزويد أوكرانيا ببعض أنواع الأسلحة المتقدمة، مما دفع الدول الأوروبية إلى استشعار خطر انسحاب أو غياب الحليف التقليدي الذي كان يشكل خط الدفاع الأول ضد التهديدات القادمة من الشرق منذ الحرب العالمية الثانية.

ردع روسيا

وجدت أوروبا نفسها أمام احتمال مواجهة مباشرة مع روسيا دون الدعم الأمريكي، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى وضع خطة تسليح طارئة بقيمة 800 مليار يورو  تشمل 650 مليار يورو في شكل استثمارات مباشرة في الدفاع و150 مليار يورو كقروض للدول الأعضاء التي تمتلك ميزانيات دفاع منخفضة، لمساعدتها على تعزيز قدراتها العسكرية.

فرنسا في مواجهة القيادة الدفاعية لأوروبا

مع تصاعد التهديدات وتوحد الدول الأوروبية ضد روسيا، وجدت فرنسا نفسها أمام مسؤولية قيادة المبادرة الدفاعية الأوروبية. في هذا السياق، أعلن الرئيس الفرنسي عن نية بلاده توفير مظلة نووية للقارة الأوروبية ككل، في محاولة لسد الفراغ الذي قد يتركه غياب المظلة النووية الأمريكية.

تُعد فرنسا أكبر قوة نووية في أوروبا، حيث تمتلك 290 رأسًا نوويًا، بينما تأتي بريطانيا في المرتبة الثانية بـ 225 رأسًا نوويًا. وعلى الرغم من أن القدرات النووية الأوروبية مجتمعة لا تضاهي الترسانة النووية الروسية، إلا أن باريس تسعى إلى تقديم نفسها كقوة ردع فعالة.

المظلة النووية الفرنسية الاوروبا

3. القدرات النووية الفرنسية والبريطانية

تمتلك فرنسا مجموعة متنوعة من قدرات الردع النووي، تشمل:
– 4 غواصات صواريخ بالستية نووية قادرة على حمل صواريخ M51 الباليستية العابرة للقارات

هل تمتلك فرنسا القدرة على ردع روسيا؟
الغواصات النووية الفرنسية

– صواريخ ASMP-A النووية التكتيكية التي يتم إطلاقها من الجو بواسطة مقاتلات الرافال، والتي يمكن نشرها في مختلف الدول الأوروبية لتعزيز الردع النووي.

هل تمتلك فرنسا القدرة على ردع روسيا؟
صاروخ الردع النووي الفرنسي ASMP-A

الترسانة النووية البريطانية

تمتلك بريطانيا:
– 4 غواصات صواريخ بالستية نووية، مجهزة بصواريخ ترايدنت Trident العابرة للقارات، والتي تعد العمود الفقري لقدرات الردع النووي البريطانية.

التفوق النووي الروسي مقابل أوروبا

رغم القدرات النووية التي تمتلكها فرنسا وبريطانيا، إلا أن روسيا تمتلك تفوقًا ساحقًا في مجال الردع النووي، حيث تقدر ترسانتها النووية بـ 5580 رأسًا نوويًا، مقارنةً بـ 5044 رأسًا نوويًا للولايات المتحدة.

تشمل القدرات النووية الروسية:
– الصواريخ البالستية العابرة للقارات، التي يتم إطلاقها من قواعد برية أو من الصوامع المحصنة (SILO).
– 10 غواصات صواريخ بالستية نووية من طرازي دلتا وبوري، مقسمة بالتساوي بين النوعين.
– قاذفات القنابل الاستراتيجية، مثل:
– Tu-95MS، وهي قاذفات استراتيجية طويلة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية.
– Tu-160 البجعة البيضاء، والتي تُعد من أخطر القاذفات الاستراتيجية الروسية.

القدرات النووية الروسية والأوروبية والأمريكية

المظلة النووية الأمريكية في أوروبا

بالرغم من الجدل حول تراجع الدور الأمريكي، لا تزال واشنطن توفر جزءًا من الردع النووي في أوروبا عبر نشر نحو **150 قنبلة نووية تكتيكية من طراز B61 في عدة دول أعضاء في حلف الناتو، بما في ذلك:
– تركيا
– إيطاليا
– ألمانيا
– هولندا
– بلجيكا

هل تمتلك فرنسا القدرة على ردع روسيا؟
خريطة انتشار القنابل النووية الأمريكية في أوروبا

هل تستطيع فرنسا توفير مظلة نووية فعالة لأوروبا؟

على الرغم من امتلاك فرنسا وبريطانيا قدرات نووية متقدمة، إلا أن هناك عدة تحديات تواجه فكرة المظلة النووية الأوروبية بقيادة فرنسا:
1. التفاوت الكبير في عدد الرؤوس النووية: مقارنةً بروسيا، فإن فرنسا تمتلك عددًا محدودًا من الرؤوس النووية، مما يجعل قدرتها على تحقيق توازن ردعي موضع تساؤل.
2. غياب استراتيجية دفاعية أوروبية موحدة: حاليًا، لا توجد سياسة دفاع نووي موحدة في الاتحاد الأوروبي، مما قد يُعقد أي محاولات لإنشاء مظلة نووية أوروبية مستقلة.
3. العوامل السياسية والاقتصادية: توفير مظلة نووية يحتاج إلى استثمارات ضخمة وتعاون عسكري واسع النطاق بين الدول الأوروبية، وهو أمر قد يكون صعب التحقيق في ظل الانقسامات السياسية.

اقرأ أيضاً

الصاروخ الفرنسي M51 ركيزة الردع النووي في أوروبا 

في ظل تراجع الدور الأمريكي، تسعى فرنسا إلى تقديم نفسها كقائدة للردع النووي الأوروبي، لكن قدرتها على تحقيق هذا الهدف تبقى محل شك بسبب التفاوت الهائل في الترسانات النووية بينها وبين روسيا.

ورغم إمكانية تعزيز الردع النووي الأوروبي عبر نشر قدرات فرنسية وبريطانية في مختلف الدول الأوروبية، فإن الاعتماد على المظلة النووية الأمريكية لا يزال الخيار الأكثر واقعية لضمان أمن القارة العجوز.

زر الذهاب إلى الأعلى