الهند تُطلق رسميًا مقاتلة الجيل الخامس “AMCA” محلية الصنع .. هل تنجح في تصنيعها؟

في خطوة محورية تعكس طموحات الهند لتحديث سلاحها الجوي ومواجهة التحديات الإقليمية المتنامية، وافقت وزارة الدفاع الهندية رسميًا على تنفيذ مشروع مقاتلة الجيل الخامس المتقدمة AMCA (الطائرة القتالية المتوسطة المتقدمة). وقد منح القرار، الذي أعلنه وزير الدفاع راجناث سينغ من نيودلهي، الضوء الأخضر لوكالة تطوير الطيران (ADA) لقيادة المشروع بالتعاون مع شركات دفاعية محلية كبرى، في مقدمتها HAL وTata Advanced Systems.

برنامج الهند لتصنيع مقاتلة الجيل الخامس AMCA رداً على تهديدات باكستان والصين

يمثل البرنامج ركيزة أساسية في مساعي الهند نحو الاعتماد الذاتي في مجال الدفاع، ضمن مبادرة “صنع في الهند”، وهو يُعدّ ردًا استراتيجيًا على التهديدات المتزايدة من الصين وباكستان، خاصة مع تسارع نشر مقاتلات شبحية متقدمة على حدودهما المشتركة.

من الرؤية إلى التنفيذ.. عقدان من التخطيط والاختبار

بدأت ملامح مشروع AMCA تتبلور منذ أوائل الألفية، بعد إدراك سلاح الجو الهندي ضرورة امتلاك مقاتلة شبحية متطورة لمواكبة التحولات في ميزان القوى الجوي.

وقد شُكّل المشروع رسميًا عام 2010 بتمويل حكومي أولي، بينما شهدت الأعوام اللاحقة تحديد المتطلبات التقنية: تخفي عالي، أنظمة طيران رقمية، قدرات هجومية ودفاعية متعددة، ورادارات متقدمة.

إلا أن المشروع اصطدم بمعوقات كبيرة، أبرزها نقص الخبرة المحلية في تكنولوجيا التخفي والمحركات القوية. وبعد فشل الشراكة مع روسيا لتطوير نسخة مشتقة من Su-57، تحوّلت الهند إلى مسار التطوير المحلي الكامل، ما أدى إلى تأخيرات كبيرة في الجدول الزمني.

سباق شبح آسيا: J-20 الصينية تضغط .. وباكستان تستفيد

تأتي الموافقة على AMCA في ظل تسارع التطوير والنشر لمقاتلات الجيل الخامس في آسيا، وعلى رأسها المقاتلة الصينية J-20، التي دخلت الخدمة منذ عام 2017، وتعززت قدراتها مؤخرًا بنشرها على الحدود الشمالية للهند.

كما تعمل الصين على تطوير J-35 لعمليات حاملة الطائرات، في حين تستفيد باكستان من الدعم الصيني عبر اقتناء J-10C وتوسيع آفاق التعاون التقني في تكنولوجيا التخفي.

في هذا السياق، يظهر التأخر الهندي في تطوير AMCA كمصدر قلق استراتيجي، خصوصًا مع بلوغ عدد أسراب القوات الجوية الهندية 30 فقط مقابل هدف استراتيجي يبلغ 42 سربًا، في وقت تقترب فيه طائرات MiG-21 وميراج 2000 من نهاية عمرها التشغيلي.

بين الطموح والتحدي: مقارنة AMCA بالمنصات العالمية

يُصمم برنامج AMCA ليكون منافسًا مقبولًا في فئة مقاتلات الجيل الخامس، بمزيج من التخفي، الرشاقة، الطيران الفائق السرعة، وقدرات الحرب الإلكترونية.

إلا أنه يواجه تحديات في مضاهاة نضج الأنظمة المنافسة مثل F-35 الأمريكية، التي تُعد معيارًا عالميًا بفضل قدراتها الشبكية وتكامل أنظمتها القتالية.

كما أن برنامج GCAP البريطاني-الياباني-الإيطالي، الذي يستهدف تطوير مقاتلة من الجيل السادس بحلول 2035، يستفيد من قاعدة صناعية متقدمة وتمويل متعدد الجنسيات، بينما تعتمد الهند على قدراتها الذاتية، ما يزيد من المخاطر المتعلقة بالجدول الزمني والتكلفة.

أول نموذج يظهر للنور في 2028

يعتمد تنفيذ AMCA الآن على نموذج طائرة ذات غرض خاص (SPV) يفتح المجال أمام القطاع الخاص، في محاولة لتكرار تجربة ناجحة مثل تيجاس LCA ولكن بإيقاع أسرع. ومن المتوقع أن يتم كشف النموذج الأولي بحلول 2028، مع دخول الخدمة التشغيلية في منتصف الثلاثينيات.

سيشكل إدخال AMCA تحولًا نوعيًا في القوة الجوية الهندية، من خلال توفير طائرة متعددة المهام قادرة على اختراق المجال الجوي المعادي، والتكامل مع منصات مثل رافال وتيجاس، ودعم العمليات الشبكية الحديثة.

المقاتلةAMCA  .. بين الإرادة والقدرة

رغم العقبات الفنية والتأخيرات السابقة، تُعطي الموافقة على مشروع AMCA إشارة واضحة إلى أن الهند مصممة على كسر تبعيتها التقنية وتعزيز مكانتها كقوة جوية رائدة في آسيا.

غير أن نجاح المشروع يبقى مرهونًا بقدرة نيودلهي على تجاوز البيروقراطية، وضمان استدامة التمويل، وتسريع وتيرة الإنتاج، وسط سباق تسلح لا ينتظر المترددين.

اقرأ أيضاً.. “الحوت الأزرق” يغوص في المتوسط.. إسرائيل تنقل غواصتها الذكية إلى اليونان