اليابان تتأهب.. مدفع كهرومغناطيسي جديد لردع صواريخ كوريا الشمالية والصين

كشفت صور جديدة من ميناء يوكوسوكا الياباني عن تركيب مدفع كهرومغناطيسي متطور “ريلغان” على السفينة التجريبية التابعة لقوات الدفاع البحري اليابانية “JS Asuka”.
السلاح الذي طورته وكالة الاستحواذ والتكنولوجيا واللوجستيات اليابانية (ATLA)، يستعد للخضوع لتجارب بحرية في يوليو 2025، في سابقة قد تعيد رسم ملامح الدفاعات البحرية في وجه التهديدات فرط الصوتية.
اليابان تستكمل مشروع “ريلغان” رغم انسحاب أمريكا
تأتي هذه الخطوة في وقت تخلّت فيه البحرية الأمريكية عن مشروعها الخاص بالريلغان عام 2021 بسبب تحديات تقنية.
وفي المقابل، تمضي اليابان قُدمًا، مدفوعة بمخاوف متزايدة من التهديدات الصاروخية المتطورة من الصين وكوريا الشمالية، لتصبح في طليعة الدول التي تقترب فعليًا من تشغيل هذه التقنية الواعدة.
مدفع كهرومغناطيسي بدل المتفجرات بسرعة “ماخ 7”
الريلغان الياباني يُمثّل قفزة نوعية في تكنولوجيا المدفعية، حيث يستبدل المتفجرات بالقوة الكهرومغناطيسية لإطلاق مقذوفات بسرعة تفوق 2,000 متر في الثانية، أي ما يعادل نحو 7 أضعاف سرعة الصوت.
يبلغ وزن النموذج الحالي نحو 8 أطنان، ويحتوي على سبطانة “ماسورة” بطول 6 أمتار تطلق مقذوفات بعيار 40 ملم، ويُشغّل بقدرة طاقة تصل إلى 5 ميجا جول، مع خطط مستقبلية لرفعها إلى 20 ميجا جول.
بعكس المدفعية التقليدية، تُعد مقذوفات الريلغان أرخص وأكثر أمانًا، إذ لا تحتاج لمتفجرات، مما يبسط عمليات التخزين والنقل.
كما نجح المطورون اليابانيون في إطالة عمر السبطانة إلى 120 طلقة بفضل استخدام مواد مركبة متطورة بديلة للنحاس، وهو تقدم تقني تجاوز ما وصل إليه البرنامج الأمريكي السابق.

“أسوكا”: منصة الاختبار البحرية
تُعد السفينة “JS Asuka”، البالغة 151 مترًا ووزنها 6,200 طن، منصة التجارب الأساسية لتقنيات البحرية اليابانية. وقد خضعت لتعديلات خاصة لتلائم تشغيل الريلغان، بما في ذلك تركيب أربع حاويات للطاقة والمكثفات اللازمة لتشغيل النظام.
وقد أظهرت صور نُشرت في أبريل 2025 السلاح مُثبتًا داخل برج مزود بحماية من التآكل البحري.
توفر السفينة بيئة مثالية لاختبار تأثير السلاح على الأنظمة الأخرى، مثل التداخل الكهرومغناطيسي، وتقييم كفاءته في الظروف البحرية القاسية.
قدرات تكتيكية وتطبيقات استراتيجية
الهدف الأساسي من الريلغان هو التصدي للصواريخ فرط الصوتية مثل DF-17 الصينية، والتي تمثل تحديًا حقيقيًا لأنظمة الدفاع التقليدية.
بفضل سرعته العالية وذخيرته المنخفضة التكلفة، يمكن للريلغان التصدي لهجمات “الإغراق الصاروخي” التي تستهدف إنهاك الدفاعات، وهو سيناريو محتمل في أي مواجهة مستقبلية مع الصين أو كوريا الشمالية.
ويمتد استخدام الريلغان إلى أدوار هجومية، مثل ضرب السفن أو التحصينات الساحلية، مع تقليل الأضرار الجانبية نظرًا لعدم استخدام رؤوس متفجرة.
كما أنه يتكامل مع رادارات متقدمة مثل FCS-3، مما يزيد من دقته.

سباق تسلح في المحيط الهادئ
يأتي تسريع اليابان لتطوير الريلغان في سياق سباق تسلح متسارع في منطقة الهندي-الهادئ، مدفوعًا بتزايد النفوذ العسكري الصيني، وتجارب كوريا الشمالية الصاروخية المستمرة.
وبينما أجرت الصين اختبارات على مدفع مماثل على متن سفينة “هاييانغ شان”، لا توجد دلائل على وصولها لمستوى اليابان، التي نجحت في إطلاق أول تجربة بحرية فعلية للريلغان في أكتوبر 2023.
وتسعى طوكيو إلى تعزيز تعاونها مع فرنسا وألمانيا عبر مشروع “RAFIRA”، لتبادل الخبرات في تطوير هذا السلاح، في إشارة إلى انفتاح اليابان على شراكات استراتيجية ضمن منظومة دفاعية غربية أوسع.
مقارنة مع الإخفاق الأمريكي
فشل برنامج “ريلغان” الأمريكي يعود إلى طموحات مفرطة، حيث سعى لتوليد طاقة تصل إلى 128 ميجا جول، ما فاق قدرة السفن على توفير الطاقة اللازمة، إضافة إلى مشاكل تآكل السبطانة.
في المقابل، اعتمدت اليابان نهجًا تدريجيًا، مع أهداف طاقة أكثر واقعية وتطوير مواد أكثر تحملًا، ما أتاح لها الوصول إلى نموذج يُحتمل دمجه في العمليات الفعلية.
من “أسوكا” إلى المدمرات المتطورة
تخطط وكالة ATLA لتقليص حجم نظام الطاقة بنسبة 50% بحلول 2027، وتطوير نظام مكثفات أكثر كفاءة ليصبح الريلغان قابلاً للتركيب على مدمرات الجيل الجديد مثل 13DDX.
كما يُدرس نشر نسخ أرضية منه لأغراض الدفاع الساحلي أو مكافحة المدفعية المعادية.
ومن المتوقع أن يساهم الريلغان في تعزيز مفهوم “التعددية القتالية” ضمن استراتيجية التحديث البحري اليابانية، والتي تشمل تشغيل المركبات غير المأهولة وتفعيل القيادة العملياتية المشتركة.
سلاح المستقبل تحت الاختبار
تمثل اختبارات يوليو 2025 لحظة مفصلية في مسيرة هذا السلاح الثوري. نجاح اليابان في تطوير نظام قادر على إطلاق مقذوفات فرط صوتية بدقة وبتكلفة منخفضة قد يغير موازين القوى في البحار، ويعزز من قدرة طوكيو على مواجهة التهديدات المعقدة في بيئة أمنية متقلبة.
اقرأ أيضًا: روسيا تستخدم تكنيكًا من الحرب العالمية الثانية في أوكرانيا.. ماذا فعلت؟