انهيار أسواق الأسهم تحت وطأة الضربة الإسرائيلية لإيران.. الدولار والذهب والنفط الرابحون

في واحدة من أشد موجات التراجع التي شهدتها البورصات العالمية خلال العام الجاري، جاء انهيار الأسواق العالمية في أعقاب الضربة العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت منشآت عسكرية ونووية في إيران، فجر الجمعة 13 يونيو 2025، ليؤكد أن الجغرافيا السياسية ما زالت تملك الكلمة العليا في تحريك رؤوس الأموال عبر العالم.
التصعيد المباغت تسبب في خسائر عنيفة للأسهم، فيما هرع المستثمرون إلى الذهب كملاذ آمن، بينما قفزت أسعار النفط بفعل مخاوف تعطل الإمدادات من الشرق الأوسط، وخاصة عبر مضيق هرمز الحيوي.
انهيار الأسواق العالمية وسط مخاوف تصعيد عسكري
بدأت البورصات الآسيوية يومها على هبوط واسع النطاق، إذ فقد مؤشر نيكي الياباني نحو 1.3%، فيما خسر مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي أكثر من 1.1%، أما مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ فقد انخفض بنسبة 0.8%، في انعكاس مباشر لحالة القلق من اندلاع حرب مفتوحة.
وفي أوروبا، لم يكن الوضع أفضل، حيث هبط مؤشر Stoxx 600 الأوروبي بنسبة 0.6%، وتراجع مؤشر FTSE 100 البريطاني بنسبة 0.4%. في الهند، تعرض مؤشر سينسكس لخسارة تتجاوز 1,300 نقطة، بنسبة هبوط تقارب 4.6%، ما يعزز صورة انهيار الأسواق مع بداية الجلسات.
أسعار النفط تقفز لأعلى مستوى في 4 أشهر
في المقابل، سجّلت أسعار النفط قفزة قوية بفعل مخاوف اندلاع مواجهة أوسع قد تعطل إمدادات الخام من الشرق الأوسط. وارتفع خام برنت بنسبة تصل إلى 14% ليصل إلى 78 دولارًا للبرميل، كما قفز خام WTI الأميركي إلى مستوى 74 دولارًا.
الأسواق تسعّر الآن “علاوة جيوسياسية” مرتفعة نتيجة القلق من إمكانية إغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره حوالي 20% من تجارة النفط العالمية، وسط تهديدات برد إيراني.
الذهب يربح بقوة كملاذ آمن وسط انهيار الأسواق
كرد فعل طبيعي على انهيار الأسواق، توجّه المستثمرون إلى شراء الذهب كملاذ آمن، مما أدى إلى ارتفاع سعر الأونصة إلى 3,444 دولارًا، بزيادة يومية تخطت 1.5%. وقد بلغ الطلب ذروته في الأسواق الآسيوية، لا سيما في الهند، حيث تجاوز السعر المحلي حاجز 100 ألف روبية للأوقية لأول مرة في التاريخ.
وفي ذات السياق، ارتفعت عوائد السندات الأميركية مع تزايد الإقبال عليها، بينما تراجع العائد على سندات العشر سنوات إلى 4.31%، مما يعكس حجم القلق من استمرار التوترات.
النفط والدفاع والطاقة في صدارة الرابحين
رغم انهيار الأسواق، حققت بعض القطاعات مكاسب لافتة، إذ ارتفعت أسهم شركات الطاقة مثل Shell وBP بنسبة تجاوزت 2%، كما ربحت شركات الدفاع مثل BAE Systems وLeonardo أكثر من 1.8% مع توقعات بزيادة الإنفاق العسكري في المنطقة.
العملات تتحرك: الدولار والفرنك والين يربحون
تراجع اليورو أمام الدولار الأميركي مع اتجاه المستثمرين إلى الأمان، فيما صعد الفرنك السويسري بنسبة 0.4% والين الياباني بنسبة 0.3%. وارتفع مؤشر الدولار إلى 98.3 نقطة، ما يدل على أن رؤوس الأموال تبحث عن استقرار.
لماذا حدث انهيار الأسواق؟
السبب المباشر هو الضربة الجوية التي نفذتها إسرائيل ضد إيران، والتي استهدفت منشآت عسكرية وعلماء ذرة، وأدّت إلى مقتل مسؤولين كبار في الحرس الثوري. التصعيد جاء بعد انتهاء المهلة الأميركية غير الرسمية التي منحها الرئيس السابق ترامب لإيران للتوصل إلى اتفاق نووي، والتي كانت مدتها 60 يومًا.
رد الفعل الإيراني ما زال قيد الدراسة، لكن كل المؤشرات تشير إلى احتمال رد عسكري غير مباشر، وهو ما يزيد المخاوف من نشوب حرب أوسع تشمل دول الخليج وإسرائيل والولايات المتحدة.
توقعات ما بعد الانهيار: أين تتجه الأسواق؟
المحللون يتوقعون أن تستمر حالة عدم اليقين، خاصة في حال قررت إيران الرد عبر وكلائها في العراق أو سوريا أو لبنان. كما أن أسعار النفط قد تستمر في الصعود، وربما تصل إلى مستويات فوق 90 دولارًا للبرميل في حال تدهور الوضع الأمني.
أما الذهب، فيُرجّح أن يواصل مكاسبه، وسط مخاوف من خروج الأمور عن السيطرة، خاصة أن الأسواق ما زالت تتوقع تأخر خفض أسعار الفائدة الأميركية في ظل هذه التوترات.
يشير انهيار الأسواق العالمية إلى حجم الهشاشة في الاقتصاد الدولي أمام الأحداث الجيوسياسية، خصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. ومع تصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران، يبدو أن المستثمرين سيواصلون تفضيل الذهب والنفط، في الوقت الذي تتعرض فيه البورصات والأسهم لموجات بيع جماعي، قد تتكرر إذا لم يتم احتواء الأزمة سريعًا.