برعاية أبو ظبي.. هل التقى الشرع بمسؤول إسرائيلي بارز في الإمارات؟

وسط تضارب في الروايات وتسريبات متلاحقة، عاد الجدل من جديد حول طبيعة التحركات الدبلوماسية التي تشهدها المنطقة، بعدما تحدثت تقارير إعلامية عن لقاء سري جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بمسؤول أمني إسرائيلي رفيع في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، ضمن ما قيل إنها “مفاوضات مباشرة نحو اتفاق سلام تاريخي”.
ورغم نفي دمشق القاطع لهذه المزاعم، وتكذيب تل أبيب صحة توقيت ومكان اللقاء، إلا أن المؤشرات المتراكمة والتصريحات غير المباشرة من الجانبين تطرح تساؤلات جدّية حول ما إذا كانت المرحلة المقبلة ستشهد تحوّلًا نوعيًا في علاقة البلدين، برعاية إماراتية وبتنسيق دولي غير معلن.
الحكومة السورية تنفي
في أول رد رسمي، نفت الحكومة السورية الأنباء التي تم تداولها حول لقاء مزعوم جمع الرئيس السوري أحمد الشرع بمسؤولين إسرائيليين في أبو ظبي.
ونقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر في وزارة الإعلام قوله: “لا صحة لما يتم تداوله بشأن انعقاد أي جلسات أو اجتماعات بين الرئيس الشرع ومسؤولين إسرائيليين، وما يُروّج لا يعدو كونه جزءًا من حملة تضليل ممنهجة”.
المصدر لم يكتف بالنفي، بل ألمح إلى وجود أطراف “تحاول تشويه مسار الانفتاح العربي على سوريا”، على حد وصفه.
لقاء جمع الشرع بهنغبي في أبو ظبي
في المقابل، نقل موقع “الجمهورية” السوري رواية مغايرة تمامًا، حيث أفاد بأن لقاءً سريًا جرى بالفعل بين الرئيس السوري أحمد الشرع ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، خلال زيارة الأول إلى الإمارات.
ونقل الموقع عن مصدرين، أحدهما دبلوماسي إقليمي والآخر من داخل الدائرة السياسية السورية، أن اللقاء “ليس الأول من نوعه”، وأنه يشكّل “خطوة مفصلية في الحوار السياسي والأمني الجاري بين دمشق وتل أبيب”، على حد تعبيره.
مفاوضات سلام تشمل انسحابًا من الجولان
اللافت أن التسريبات لم تتوقف عند هذا الحد. فقد زعمت قناة “i24NEWS” الإسرائيلية، أن لقاءً سريًا عُقد في 13 أبريل الماضي، بحضور مسؤولين من جهاز الموساد، ومجلس الأمن القومي، واستخبارات الجيش الإسرائيلي، برعاية إماراتية مباشرة.
القناة أضافت أن الاجتماع “أسّس لمرحلة جديدة في العلاقات السورية الإسرائيلية”، وتحدثت عن مفاوضات متقدمة قد تُفضي إلى توقيع اتفاق سلام قبل نهاية عام 2025، يشمل انسحابًا إسرائيليًا تدريجيًا من المنطقة العازلة، وقمة جبل الشيخ في الجولان المحتل.
الإعلام العبري يُكذّب الرواية
على الجانب الإسرائيلي، شككت وسائل إعلام عبرية في دقة هذه الروايات، ونفت أن يكون هنغبي قد التقى بالرئيس السوري، مستندة إلى جدول أعماله المعلن.
صحيفة “يسرائيل هيوم” أكدت أن مستشار الأمن القومي الإسرائيلي كان برفقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في زيارة رسمية إلى العاصمة الأمريكية واشنطن يوم الإثنين، أي في نفس توقيت اللقاء المزعوم في أبو ظبي، ما ينفي عمليًا إمكانية وجوده بالإمارات.
الشرع يبدأ زيارة رسمية إلى الإمارات
يُذكر أن الرئيس أحمد الشرع بدأ، يوم الإثنين، زيارة رسمية إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث التقى بنظيره محمد بن زايد آل نهيان، ضمن جولة خليجية تشمل عدة دول.
ووفق وكالة “سانا”، ناقش الطرفان سبل تعزيز التعاون الثنائي، والتطورات الإقليمية والدولية. كما صرّح أنور قرقاش، مستشار الرئيس الإماراتي، أن اللقاء تركز على الملف الاقتصادي، مضيفًا أن “نجاح الشراكة الاقتصادية كفيل بوضع سوريا على طريق التعافي والازدهار”.
حوار سوري إسرائيلي خلف الكواليس
ورغم النفي المتبادل من دمشق وتل أبيب، تتزايد الإشارات إلى وجود حوار غير معلن بين الطرفين. فقد سبق أن صرّح تساحي هنغبي، رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في تصريحات لافتة، أنه يشرف على “قنوات اتصال مباشرة مع الحكومة السورية”، دون الكشف عن طبيعتها أو مضمونها.
في سياق متصل، أكدت تقارير إسرائيلية أن المطالب السورية بانسحاب كامل من الجولان المحتل تمثّل “عقبة رئيسية” أمام أي اتفاق سلام محتمل.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين بارزين قولهم إن “دمشق ترفض أي صيغة تسوية لا تشمل الجولان”، بينما تسعى تل أبيب في المقابل إلى اتفاق أمني مرحلي لا يرقى إلى معاهدة سلام شاملة، ويجري التفاوض حوله برعاية أطراف إقليمية ودولية، وبتنسيق خفي من الإدارة الأمريكية.
اقرأ أيضا
وفاة وزير النقل بعد ساعات من إقالته يشعل الجدل في روسيا | ما القصة؟