بريطانيا تطرح خطة لإنشاء صندوق أوروبي مشترك لتخزين الأسلحة

القاهرة (خاص عن مصر)- استجابةً للتوترات الجيوسياسية المُتصاعدة والاحتياجات الدفاعية المُتنامية، طرحت المملكة المتحدة خطةً لإنشاء صندوق أوروبي لتخزين الأسلحة، “مؤسسة أوروبية فوق وطنية” تهدف إلى الشراء المُشترك للمعدات العسكرية، وتخزين الأسلحة، وتمويل إعادة التسلح على نطاق واسع في جميع أنحاء القارة.

يُحدد هذا الاقتراح، الذي صاغه مسؤولون في وزارة الخزانة البريطانية، وتمت مُشاركته مع العواصم الأوروبية الرئيسية، إطارًا مُحتملًا لصندوق متعدد الأطراف للمساعدة في سد الفجوة الكبيرة في تمويل الدفاع في أوروبا، والتي تُقدر بمئات المليارات من اليورو.

إعلان

تدعو هذه الورقة غير الرسمية، التي طُرحت للمناقشة ولكنها ليست سياسة رسمية للحكومة البريطانية، إلى تشكيل تحالف من الدول الأوروبية لتجميع الموارد.

سيُصمم الصندوق للاقتراض بأسعار فائدة مُناسبة ومساعدة الدول المُشاركة في الحصول على الأصول العسكرية، مما يُؤدي فعليًا إلى إنشاء “مخزونات” مُشتركة من المعدات الدفاعية.

في حين أن الحجم الدقيق للصندوق لا يزال غير محدد، تهدف المبادرة إلى تخفيف العبء على الميزانيات الوطنية من خلال توزيع التكاليف الأولية للاستثمارات الدفاعية.

صندوق أوروبي لتخزين الأسلحة: نهج متعدد الجنسيات لتمويل الدفاع

يُقدم صندوق أوروبي لتخزين الأسلحة المقترح كحل للتحديات المستمرة التي تواجهها العديد من الدول الأوروبية في زيادة الإنفاق الدفاعي.

في ظل ضغوط ميزانيات الدفاع وارتفاع العجز الذي يُقيد القدرة على الاقتراض، فإن من أهم سمات الخطة قدرته على “الاستحواذ على أصول نيابةً عن الدول المُشتركة” دون الحاجة إلى إنفاق رأسمالي فوري من الدول المعنية. بدلاً من ذلك، سيسمح الصندوق للدول بالدفع فقط عند سحب المعدات المُخزنة.

يمكن أن يُساعد هذا النهج الدول الأوروبية على الوفاء بالتزاماتها الدفاعية مع تخفيف الضغوط المالية المرتبطة بمبادرات إعادة التسليح الرئيسية. كما يُمكن للصندوق متعدد الجنسيات دعم شركات الدفاع الأصغر من خلال توفير التمويل وتسهيل جهود المشتريات المشتركة.

تُعتبر هذه التدابير حاسمة في ظل مواجهة أوروبا لحالة عدم اليقين بشأن الالتزامات الأمنية الأمريكية وتوقعات الدفاع المتزايدة في مواجهة التهديدات من روسيا وعوامل جيوسياسية أخرى.

اقرأ أيضًا: الكارثة الإنسانية في السودان.. خيارات الولايات المتحدة لمعالجة الأزمة

تخزين الأسلحة: فوائد استراتيجية ومالية

سيتمتع الصندوق بمزايا رئيسية عديدة، لا سيما في مجال تخزين وشراء الأصول العسكرية. ووفقًا لمقترح المملكة المتحدة، سيُسهّل الصندوق شراء المعدات العسكرية، مثل قذائف المدفعية، وذخائر الدفاع الجوي، والدبابات، والطائرات، والمروحيات، وطائرات الدعم اللوجستي. ومن خلال تجميع الطلبات وتوحيد المعدات، يُمكن للصندوق ضمان كفاءة أكبر في التخزين والشراء.

من المزايا المهمة أن المشتريات تُعتبر “خارج الميزانية”. ينص مقترح المملكة المتحدة على أن المعدات العسكرية التي يشتريها الصندوق لن تُحتسب ضمن الميزانيات الفورية للدول المساهمة، مما يُتيح مساحة مالية كافية لتلبية احتياجات محلية أخرى.

بمجرد تسليم المعدات، ستدفع الدول تكاليف الصندوق، ولكن التكاليف الأولية لن تؤثر فورًا على حساباتها القومية. ويهدف هذا الهيكل إلى ضمان إدارة الإنفاق الدفاعي “بما يتماشى مع الإدارة المالية السليمة”.

مورد مشترك لأوروبا: الآفاق والتحديات

يُقدم صندوق الدفاع الأوروبي المقترح فرصًا كبيرة، ولكنه يواجه أيضًا العديد من التحديات. تتمثل الميزة الرئيسية في تجميع الطلبات، مما يسمح للدول الأوروبية بإجراء عمليات شراء أكبر وأكثر كفاءة بتكاليف أقل. علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي ذلك إلى وضع دفاعي أكثر توحيدًا وتنسيقًا في جميع أنحاء أوروبا.

ومع ذلك، هناك مخاوف بشأن جدوى وسرعة هذه الخطة. أعرب بعض المسؤولين الأوروبيين عن شكوكهم، مشيرين إلى أن تنفيذها بفعالية قد يستغرق سنوات. وأكد آخرون على ضرورة التركيز أولًا على المبادرات القائمة، مثل تسهيلات القروض الدفاعية التي يقدمها الاتحاد الأوروبي بقيمة 150 مليار يورو، قبل استكشاف نماذج جديدة.

ورغم هذه التحفظات، فإن قدرة الصندوق على تسهيل عمليات الشراء المشترك وتخزين الأسلحة يمكن أن توفر دفعةً ضروريةً للغاية للقدرات الدفاعية الأوروبية، لا سيما للدول الصغيرة التي قد تواجه صعوبةً في تمويل مشاريع دفاعية كبيرة بمفردها.

المشاركة البريطانية والأوروبية في تمويل الدفاع

أعلنت المملكة المتحدة بالفعل التزامها بزيادة إنفاقها الدفاعي. أعلنت المستشارة راشيل ريفز عن تخصيص مبلغ إضافي قدره 2.2 مليار جنيه إسترليني لميزانية الدفاع في الفترة 2025-2026، مما يمثل خطوة نحو رفع الإنفاق الدفاعي للبلاد إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2027.

تعكس هذه الزيادة الضغوط المتزايدة على الدول الأوروبية لزيادة الإنفاق الدفاعي، لا سيما في ضوء ديناميكيات الأمن العالمي المتغيرة.

مع استمرار المملكة المتحدة في تعزيز ميزانيتها الدفاعية، تواصل مشاركتها بنشاط في مناقشات أوسع نطاقًا مع شركائها الأوروبيين حول كيفية مواجهة تحديات الدفاع الجماعي.

يُعدّ اقتراح إنشاء صندوق دفاع متعدد الأطراف إحدى الخطوات العديدة الرامية إلى سد فجوة تمويل الدفاع في أوروبا، ومن المتوقع أن يكون موضوعًا رئيسيًا في الاجتماعات المقبلة لوزراء مالية الاتحاد الأوروبي.

إعلان
زر الذهاب إلى الأعلى